تسعى الشركات الدفاعية الأمريكية إلى تعزيز علاقاتها مع نظيراتها الأوروبية، في خطوة تهدف لضمان عدم استبعادها من الزيادة الملحوظة في الإنفاق العسكري عبر القارة. جاء ذلك بحسب تقرير صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
تعزيز الشراكات التاريخية
ذكرت الصحيفة أن كبار المسؤولين من أبرز الشركات الدفاعية الأمريكية قدموا جهودًا ملحوظة خلال معرض باريس الجوي الذي عقد الأسبوع الماضي، حيث أكدوا على العلاقات التاريخية التي تربطهم بالدول الأوروبية. وتجددت التأكيدات على دعم تلك الدول في تعزيز قدراتها السيادية.
وصرّح بيرند بيترز، نائب رئيس تطوير الأعمال في شركة “بوينج”، أن الشركة تعتبر نفسها عابرة للقارات، حيث تسعى دائمًا للبقاء إلى جانب شركائها في أوروبا في جهودهم لتعزيز القدرات الدفاعية.
فرص شراكة جديدة
على صعيد مواز، أشارت شركة “أندريل” الأمريكية لتكنولوجيا الدفاع إلى شراكتها الجديدة مع شركة “راينميتال” الألمانية في تطوير طائرات مسيرة مخصصة لأوروبا. وتُعتبر هذه الشراكة تجسيدًا لفلسفة “المشاركة لا النيابة”، التي تركز على الشفافية والقدرة على التكيف.
بحسب المحللين، تُمثل زيادة الإنفاق الدفاعي في أوروبا، نتيجة للحرب في أوكرانيا، فرصة هامة تستغلها الشركات الأمريكية لتعزيز وجودها في السوق الأوروبية.
عوائد السوق الأوروبية
تشير التقارير إلى أن السوق الأوروبية شكلت نحو 11% من إيرادات “لوكهيد مارتن” و”RTX” في عام 2024، حيث تمتلك عدة دول أوروبية مقاتلات F-35 التي تُنتجها “لوكهيد مارتن”. كما تتصدر صواريخ “باتريوت” من RTX قطاع الدفاع الجوي في تلك السوق.
في السنوات الماضية، أعلنت الشركتان التعاون في مجالات الإنتاج بالشراكة مع الشركات الأوروبية، حيث تعمل “لوكهيد مارتن” على تأسيس خطوط إنتاج صواريخ بالتعاون مع “راينميتال”. كما يُنتج مشروع مشترك بين “رايثيون” وشركة MBDA الأوروبية صواريخ “باتريوت” للدول الأعضاء في حلف الناتو بألمانيا.
استجابة لاحتياجات السيادة
يؤكد توماس لاليبيرتي، رئيس أنظمة الدفاع البري والجوي في “رايثيون”، أن الدول الأوروبية تتبنى نهجًا مختلفًا فيما يتعلق بالسيادة الدفاعية، مما يتطلب من الشركات الأمريكية فهم تلك الاختلافات ودعم الدول في تلبية احتياجاتها.
في ذلك السياق، أوضح فرانك سانت جون، المدير التنفيذي للعمليات في “لوكهيد مارتن”، أن الشركة تسعى لتوسيع سلاسل التوريد وإنشاء منشآت تصنيع في أوروبا، حرصًا على تلبية الطلبات المحلية.
التحديات والقلق الأوروبي
ورغم فرص التعاون، يواجه المتعاقدون الأمريكيون تحديات تتعلق بموثوقية الولايات المتحدة كحليف يمكن الاعتماد عليه، خاصة في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. وقد أدى هذا الوضع إلى دعوات داخل أوروبا للحد من الاعتماد على الأسلحة الأمريكية.
تزايدت المخاوف، التي نفتها وزارة الدفاع الأمريكية، من إمكانية تعرض أنظمة التسليح الرئيسية مثل المقاتلة F-35 للتعطيل عن بُعد، وهو ما أثر على قرار الدول الأوروبية بضرورة تقليص الاعتماد على الأسلحة المستوردة.