في خطوة تعكس التوجهات الجيوسياسية المتغيرة في منطقة الساحل الأفريقي، اختتم رئيس مالي، الجنرال أسيمي غويتا، زيارة إلى موسكو، مثلت محطة مهمة لتعزيز النفوذ الروسي في المنطقة وتلبية رغبة الأنظمة الأفريقية في تنويع شراكاتها. الزيارة تأتي في ظل تصاعد التحديات الأمنية التي تواجهها مالي.
ملفات التعاون الثنائي
تضمنت الزيارة مباحثات معمقة حول التعاون الأمني والطاقة، مما يعكس طموح البلدين لتوسيع نطاق العلاقات الثنائية. ومن المقرر أن يوقع الطرفان اتفاقيات جديدة، أبرزها اتفاقية للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
الاستثمارات الروسية
شملت مباحثات غويتا وبوتين الاستثمارات، والتبادل التجاري، والقضايا الإقليمية والدولية الراهنة، بحسب بيان الكرملين. كما وضع الرئيس المالي حجر الأساس لمصنع جديد لمعالجة الذهب، وهو مشروع مشترك مع روسيا، يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي.
تحولات في السياسة المالية
جاءت زيارة غويتا بعد تحولات سياسية وعسكرية شهدتها مالي، إثر انقلابين في عامي 2020 و2021. واتجهت مالي نحو تعزيز العلاقات مع روسيا، في ظل القطيعة مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.
دعم روسي استراتيجي
يرى محللون أن زيارة غويتا إلى روسيا تعكس الدعم الروسي لمالي، باعتبارها حليفاً استراتيجياً في منطقة الساحل، ونقطة ارتكاز للنفوذ الروسي المتصاعد في أفريقيا. ومن المتوقع أن يشمل الدعم الروسي ملفات أمنية واقتصادية، بما في ذلك الطاقة النووية السلمية.
ملء الفراغ الغربي
تهدف روسيا إلى استغلال الفراغ الذي خلفه الغرب في أفريقيا، وتأكيد التزامها بدعم مالي، وتقديم نفسها كقوة بديلة لا تفرض شروطاً سياسية على الأنظمة العسكرية.
تحديات أمنية متزايدة
تأتي الزيارة في ظل أزمة أمنية عميقة تعاني منها مالي منذ عام 2012، بسبب نشاط الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي “القاعدة” و”داعش”، وتزايد الهجمات المسلحة التي تستهدف الجيش المالي.
انسحاب فاغنر وإعادة الانتشار
تزامنت الزيارة مع إعلان مجموعة “فاغنر” الروسية مغادرتها مالي، على أن يتم دمج عناصرها ضمن “فيلق أفريقيا” التابع لوزارة الدفاع الروسية.
تعاون عسكري متنامي
عززت روسيا تعاونها العسكري مع مالي ودول “تحالف الساحل” (بوركينا فاسو والنيجر)، وقدمت لها معدات عسكرية، في إطار تعزيز النفوذ الروسي في المنطقة.
جسور النفوذ الروسي
تؤكد زيارة غويتا إلى روسيا التوجه نحو تعزيز النفوذ الروسي في منطقة الساحل الأفريقي، في ظل انسحاب تدريجي للقوى الغربية، واستغلال الأزمات الأمنية والاقتصادية لتثبيت موطئ قدم طويل الأمد.
إعادة تنظيم الوجود الروسي
لا تعني مغادرة “فاغنر” تراجعاً روسياً، بل هي جزء من إعادة تنظيم الوجود الروسي عبر “فيلق أفريقيا”، وتعزيز الطابع الرسمي للتدخل الروسي، وتكريس موقع روسيا كحليف موثوق للأنظمة العسكرية في أفريقيا.
رسائل الزيارة وتوقيتها
يكتسب توقيت الزيارة دلالة خاصة بعد إعلان مغادرة “فاغنر”، وهي محاولة لإعادة ترتيب العلاقة الأمنية بين البلدين، وإرسال رسالة مفادها أن الدعم الروسي باقٍ ومؤسسي، وأن موسكو تعيد التموضع بأسلوب أدق تنظيماً.