انتهى اجتماع جنيف الوزاري، الذي جمع مسؤولي الوفدين الأوروبي والإيراني، دون تحقيق أي تقدم يُذكر، حيث استمر اللقاء لمدة أربع ساعات في فندق «إنتركونتيننتال» المطل على بحيرة ليمان. ويبدو أن الضغوط الأمريكية تتزايد على الطرفين، حيث تسعى واشنطن لحصر مهمة الوساطة الأوروبية في فترة زمنية مدتها أسبوعان.
تعزيز القوات الأمريكية
في السياق ذاته، تواصل الولايات المتحدة تعزيز وجودها العسكري، سواء البحري أو الجوي، في منطقة تمتد من المحيط الهندي إلى الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط. وقد أطلق الرئيس السابق دونالد ترمب تصريحات أضافت المزيد من التوتر، مؤكدًا أن إيران تتواصل مع إدارته، على الرغم من نفي طهران. كما أشار إلى أن إيران ترغب في الحوار المباشر مع واشنطن وليس مع الأوروبيين، مؤكدًا أن دورهم في الملف النووي الإيراني محدود.
تتعارض تصريحات ترمب مع الإيجابية التي قدمها وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا في الأيام السابقة حول المساعي الدبلوماسية. عمد وزير الخارجية الفرنسي إلى تقديم «ورقة عمل» مستمدة من مقترحات الرئيس إيمانويل ماكرون، والتي تتماهى بشكل كبير مع المطالب الأمريكية المرفوضة من قبل إيران، مؤكدًا بعد الاجتماع على استعداد جميع الأطراف لمواصلة المناقشات دون تحديد زمن أو مكان.
الاتصال الهاتفي بين إيران وفرنسا
على الرغم من غياب النتائج، فقد تم إجراء اتصال هاتفي بين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، مما يدل على وجود نافذة للتواصل. ومع ذلك، تتمسك الدول الأوروبية بموقف متشدد يتعلق بتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى تنديدها بالدعم الإيراني لحلفائها في المنطقة ولروسيا في حربها على أوكرانيا.
في تغريدة على منصة «إكس»، عبر ماكرون عن قلقه بشأن البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا ضرورة تقديم إيران ضمانات لنواياها السلمية. وأعرب عن قناعته بوجود فرصة للخروج من الصراع والاستمرار في المفاوضات الأوروبية.
مسار الوساطة الأوروبية
ما يهم الأوروبيين بشكل أساسي هو تجنب التصعيد، بينما يسعى الجانب الإيراني إلى وجود شريك يمكنه التفاوض لتخفيف الضغوط الأمريكية. تاريخ طويل من المفاوضات الأوروبية-الإيرانية في قضايا النووي منذ عام 2003 يُعزز هذا السعي، لكن المعيقات لا تزال موجودة بسبب تشدد الترويكا الأوروبية.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أبدى اعتراض بلاده على مطالب تخصيب اليورانيوم، مشيرًا إلى تعارضها مع معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. وأكد أن إيران مستعدة للنظر في حلول دبلوماسية إذا تم وقف الأعمال العدائية ضدها.
الموقف الأوروبي من الولايات المتحدة
يتوقف نجاح الوساطة الأوروبية على الدعم الأمريكي، حيث عبر مسؤولون أوروبيون عن ضرورة إشراك الولايات المتحدة في المحادثات. وأكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول على أهمية اشتراكها، فيما دعا نظيره البريطاني ديفيد لامي إيران لمواصلة الحوار مع واشنطن.
من الواضح أن المحادثات تُظهر رغبة أوروبية لإعادة الانخراط في قضايا المفاوضات، في ظل الضغوط المتزايدة من قبل الأطراف الأخرى. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو الظروف المتغيرة التي قد تعيق تقدم هذه المفاوضات.