شهدت مدينة جنيف اجتماعًا تاريخيًا بين وزراء الخارجية في الترويكا الأوروبية؛ فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا، إضافة إلى ممثلين من المفوضية الأوروبية ووزير خارجية إيران. يُعتبر هذا الحدث الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، مما يُعطيه طابعًا إيجابيًا رغم التحديات القائمة.
فرصة دبلوماسية
وأكد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، العائد من واشنطن، على “وجود نافذة دبلوماسية مدتها أسبوعين” لحل النزاع. هذا التصريح يأتي بعد تأكيد نظيره الألماني، يوهان فاديبول، على دعم الولايات المتحدة القوي لهذه المحادثات، مما يجبر إيران على التعامل معها بجدية.
في هذا السياق، اتصل الوزير الفرنسي، جان نويل بارو، أيضًا بوزير الخارجية الأميركي، مارك روبيو، كما قامت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بنفس الخطوة. هذه الاتصالات تشير إلى تنسيق أوروبي-أميركي يُعزز من مساعي الحل السلمي.
الإطار الزمني والضغوط الأمريكية
الأهمية تكمن في أن واشنطن حددت للأوروبيين مهلة قصيرة لتقديم مخرج سياسي للنزاع. وبالتالي، يكون الهدف هو “إنقاذ” الرئيس ترامب من الوقوع في حرب غير مرغوب فيها، خاصةً وأن إسرائيل تُمارس ضغطًا شديدًا لإشراكه في صراع غير متوقع.
تدرك الدول الأوروبية أن جهودها لن تكون ذات مغزى بدون “مباركة أميركية” واضحة. ومع ذلك، فإن هذا الدعم وحده ليس كافيًا لضمان استمرارية الوساطة. إذ يتوجب على الدول الأوروبية تحقيق “تنازلات” من إيران في فترة زمنية ضيقة تتناسب مع مصالح الإدارة الأميركية.
تحديات إيران وخياراتها
إيران اليوم تتمتع بموقف ضعف، حيث تواجه عزلة دولية. الخيارات أمامها تنحصر بين قبول شروط معينة، مثل تصفير تخصيب اليورانيوم، أو مواجهة تبعات الحرب. الوضع الحالي يعكس التوترات القائمة، وإمكانية قبول إيران لشروط جديدة قد تكون صعبة.
ولا يقتصر الأمر على ترامب في مأزقه، بل يجد المرشد الأعلى، علي خامنئي، نفسه في موقف صعب أيضًا. إذ أنه غير مستعد لقبول تنازلات قد تقوض مكانته، مما يعكس انقسامات داخل القيادة الإيرانية حول كيفية التصرف في هذه الأوقات الحرجة.
الأبعاد الجيوسياسية
الجهود الأوروبية للتوصل إلى اتفاق مع إيران تواجه تحديات متعددة. المفاوضات القديمة لم تحل الأزمة، وقد تتطلب من الأطراف الانخراط في عملية جديدة تحمل في طياتها تعقيدات كبيرة، خاصة في ظل المعارضة الإسرائيلية للاتفاقات السابقة.
إسرائيل لا تزال معنية بتقليص نفوذ إيران، وقد تصعيد موقفها إذا تم الوصول إلى استنتاجات تستثني مصالحها. الأركان العسكرية الإسرائيلية تؤكد أن استعداداتها لحملة طويلة ضد إيران مستمرة، مما يشير إلى تعقيد المشهد العسكري والسياسي.
في النهاية، إن الوضع لا يزال متقلبًا، حيث أن الأحداث المقبلة ستعتمد على مجموعة من العوامل المعقدة التي تؤثر على جميع الأطراف المعنية.