السبت 10 مايو 2025
spot_img

قوات الأمن الجديدة في سوريا: تساؤلات حول مستقبلها وتحدياتها

تثير الاشتباكات الدامية الأخيرة في سوريا، والتي دارت بين الدروز والعلويين، تساؤلات حول طبيعة المقاتلين الذين يمثلون نواة القوات الأمنية الجديدة، ومدى قدرة السلطة الانتقالية على السيطرة عليهم أثناء سعيها لبسط سيطرتها على كافة المناطق السورية.

تعزّز هذه الأحداث النقاش حول هوية هذه المجموعات وآليات عملها، وكذلك عن المناطق التي لا تزال خارج سيطرة السلطات.

القوات الأمنية الجديدة

بعد نحو شهرين من الإطاحة بحكم بشار الأسد في 8 ديسمبر، أعلنت السلطة الجديدة بقيادة الشرع عن حل الجيش والأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق.

كما قررت حل جميع الفصائل المسلحة، بما في ذلك “هيئة تحرير الشام”، التي ترأسها أحمد الشرع في إدلب، والتي قادت الهجوم الذي أسفر عن الإطاحة بالأسد.

لاحقاً، قامت السلطات بضم الفصائل التي وافقت على حل نفسها إلى وزارة الدفاع، وعززت جهودها عبر فتح باب التطوع لصالح جهاز الأمن العام لتشكيل جيش جديد.

تضم وزارة الدفاع فصائل من درعا، وأخرى تدعمها أنقرة في الشمال، إضافة إلى فصائل مثل “جيش الإسلام”، الذي كان معقله في الغوطة الشرقية حتى انسحابه عام 2018.

رغم ذلك، لا تزال “هيئة تحرير الشام” والفصائل المتحالفة ت سيطران على الأوضاع الأمنية، خصوصاً في إدلب ودمشق.

في محيط دمشق، تُوجد عدة فصائل نُخبة تقيم في مقرات متعددة، وأيضاً تؤمن حماية القصر الرئاسي. يُنفذ الأمن العام دوريات ويقيم حواجز في عدة مناطق منها دمشق.

ويشير الخبير في الشأن السوري لارس هاوخ لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن “هيئة تحرير الشام” تبنت لغة الدولة بعد السيطرة على القصر الرئاسي، وهو ما أكسبها غطاء شرعياً دون تكلفة.

ومع ذلك، تنحصر الفصائل التي تُدار من قبل وزارة الدفاع في ولائها لقادتها الأصليين، حيث لا تعمل الوزارة كمؤسسة مركزية، بل تُشبه غرفة عمليات يهيمن عليها “هيئة تحرير الشام”.

أداء القوات الجديدة

منذ وصولها إلى دمشق، تعهدت السلطات الجديدة بحماية جميع الطوائف، وسط مخاوف من الأقليات، ويحث المجتمع الدولي على إشراك كافة المكونات في المرحلة الانتقالية.

وقد أكد الشرع مراراً على أهمية الحفاظ على الوحدة والسلم الأهلي، وبناء دولة جديدة تحفظ الحقوق.

لكن الاشتباكات الطائفية التي وقعت في 7 و8 مارس، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1700 شخص، غالبيتهم من الطائفة العلوية في منطقة الساحل، أثارت تنديداً واسعاً.

وارتكبت تلك الاشتباكات بتوثيقات من مقاطع فيديو تُظهر المسلحين يقتلون أشخاصاً بلباس مدني بإطلاق النار من مسافة قريبة، بعد توجيه الشتائم إليهم.

في المواجهات الأخيرة ضد مسلحين دروز، قضى نحو 100 مقاتل من الجانبين، حيث وثق مقاتلون تابعون للسلطة مقاطع تُظهر هتافات طائفية وإهانات لموقوفين دروز.

وفقاً لهاوخ، فإن “أكثر الانتهاكات فظاعة يرتكبها عدد صغير من المتطرفين الذين يتمتعون بنفوذ”، في ظل انتشار الانقسامات الطائفية.

ويؤكد الخبير العسكري رياض قهوجي على ضرورة تغيير مقاتلي الفصائل أسلوبهم والتصرف كجنود في جيش وطني.

كذلك، يجب على السلطات تسريع عملية تأهيل المقاتلين السابقين ودمجهم، بالإضافة إلى تجنيد عناصر من كافة المكونات السورية لبناء الثقة داخلياً وخارجياً.

وأشار إلى أهمية أن تتمحور عقيدة الجيش حول الحفاظ على الدولة المدنية والدفاع عن مواطنيها.

وكانت السلطات قد اتهمت مسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد بإشعال أعمال العنف في الساحل عبر هجمات دموية ضد عناصرها.

المناطق خارج السيطرة

تواجه السلطة الانتقالية تحديات أمنية كبيرة تعيق قدرتها على بسط نفوذها على كامل التراب السوري، نظراً لتواجد مجموعات مسلحة متعددة الولاءات وأماكن تفتقر إلى حاضنة شعبية.

في شمال شرقي سوريا، يشكل المسلحون الأكراد تحدياً للسلطة الانتقالية، على الرغم من توقيعهم اتفاقاً لدمج مؤسساتهم مع الدولة بحلول نهاية العام. لكن الأكراد مصرون على نظام لامركزي، يرفضه الشرع، كما يسعون للحفاظ على قوتهم العسكرية.

وفي السويداء، معقل الدروز، أكدت المرجعيات الدينية والفصائل الدرزية أنها “جزء لا يتجزأ” من الدولة السورية، ورفضت “الانسلاخ عنها”.

كان قد انضم مئات المقاتلين إلى الأمن العام ووزارة الدفاع قبل الاشتباكات الأخيرة، ورغم ذلك، يؤكد هاوخ أن سيطرة الشرع “لا تزال محدودة نسبياً” خارج دمشق وإدلب.

هذا الغموض جراء عدم تحقيق الاندماج الكامل بين الفصائل يتيح له “استخدام القوة لفرض سيطرته”، ويستمر في تقديم نفسه كشخصية قادرة على احتواء المتطرفين.

اقرأ أيضا

اخترنا لك