تتصاعد التساؤلات الدولية حول تداعيات افتراضية قد تهز تحالفات عسكرية استراتيجية، في حال قررت كندا الانسحاب من صفقة مقاتلات إف-35 البالغة 19 مليار دولار، والتي تُعتبر حجر أساس في تحديث قواتها الجوية وتعزيز دورها داخل حلف الناتو ونظام “نوراد” الدفاعي.
تفاصيل الصفقة التاريخية
أبرمت أوتاوا اتفاقية شراء 88 طائرة مقاتلة من طراز إف-35A في مارس 2022، بهدف استبدال أسطولها القديم من طائرات CF-18، مع توقعات بتشغيل السرب الأول بحلول 2029. تبلغ قيمة الصفقة 19 مليار دولار كندي، وتتميز المقاتلات بتقنية التخفي المتقدمة ورادار AN/APG-81 الذي يكشف الأهداف على مدى 600 ميل بحري.
تكشف وثيقة حكومية صادرة في 2022 عن مساهمة البرنامج في الاقتصاد الكندي بقيمة 1.7 مليار دولار، لكن تقريرًا برلمانيًا في 2023 حذر من ارتفاع التكاليف التشغيلية إلى 70 مليار دولار، مما أثار جدلًا حول الجدوى الاقتصادية.
السياق الجيوسياسي المتأزم
تشهد العلاقات الكندية-الأمريكية توترات غير مسبوقة منذ عودة الرئيس ترامب للسلطة في يناير 2025، حيث هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على البضائع الكندية. أدت هذه التطورات إلى قيام رئيس الوزراء مارك كارني بمراجعة شاملة لسياسات التسلح الوطنية في مارس 2025.
يعكس استطلاع “أنغوس ريد” لعام 2023 تردد 55% من الكنديين في دعم الصفقة وسط الأزمات الاقتصادية، بينما حذر الوزير الخارجي السابق لويد أكسوورثي من “خطر التبعية المفرطة للأنظمة الأمريكية” في مقال بصحيفة غلوب آند ميل.
تهديدات لتماسك حلف الناتو
يحذر خبراء من تداعيات كارثية على الحلف الأطلسي في حال انسحاب كندا، حيث تعتمد 14 دولة عضو على مقاتلات إف-35 في عملياتها المشتركة. دراسة لمؤسسة راند 2023 تؤكد أن التنوع في الأساطيل الجوية يعرقل التنسيق اللوجستي ويضعف الفعالية القتالية.
اختبار لشراكة “نوراد”
يواجه نظام الدفاع الجوي المشترك بين أمريكا الشمالية تحديات جسيمة، إذ تعتمد أنظمة “نوراد” على تقنيات إف-35 في مراقبة المناورات الروسية بالمنطقة القطبية. تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية 2022 يؤكد أن “التشغيل البيني هو عصب فعالية النظام الدفاعي”.
تداعيات اقتصادية محتملة
قد تخسر الشركات الكندية مثل “ماجلان ايروسبيس” عقودًا صناعية ضخمة، حيث يسهم برنامج إف-35 في تشغيل 12 ألف وظيفة. من ناحية أخرى، تحذر تقارير من عقوبات تجارية أمريكية محتملة في ظل سياسات ترامب الحمائية.
دروس من التاريخ العسكري
تستحضر الأزمة الحالية جدالات تاريخية كإلغاء مشروع “أفرو آرو” الكندي عام 1959، واختيار طائرات CF-18 الأمريكية في الثمانينيات، مما يؤكد الإشكالية الدائمة بين الاستقلالية العسكرية والتبعية للتحالفات.
مستقبل التحالفات العسكرية
تُظهر هذه السيناريوهات الافتراضية هشاشة التحالفات في عصر التقلبات الجيوسياسية، حيث قد تدفع الخطوة الكندية دولًا مثل بولندا وبلجيكا لإعادة تقييم اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية، بينما تسعى ألمانيا وفرنسا لتعزيز الاستقلالية الدفاعية الأوروبية وفقًا لتقارير يوراكتيف 2024.