تداولت الساعات القليلة الماضية تسجيلًا صوتيًا نادرًا يجمع بين الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، مما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط العربية. يتضمن التسجيل تصريحات لعبد الناصر تتعلق بالخلافات العربية حول مواجهة إسرائيل وتوجهات بعض الدول العربية والمنظمات الفلسطينية.
تنبيهات جدلية
التسجيل، الذي لم تنفِ أي جهة رسمية صحته حتى الآن، يحتوي على حديث لعبد الناصر يشير فيه إلى وجود من “يزايد على مصر”، خاصة من العراق وسوريا والجزائر واليمن وبعض المنظمات الفلسطينية. وقال: “إذا كانوا يريدون النضال فليجاهدوا، فالعرب لا يملكون القدرة العسكرية على مواجهة إسرائيل، وأميركا هي الداعم لهم”.
وفقًا للمعلومات المتداولة، يعود تاريخ التسجيل إلى 4 أغسطس 1970، أي قبل شهرين من وفاة عبد الناصر. ويتطرق التسجيل أيضًا إلى قبوله بالحل الجزئي السلمي مع إسرائيل مقابل استرداد الأراضي المحتلة عام 1967، منتقدًا المزايدات العربية التي تطالبه بمعركة شاملة دون أي سعي جاد من جانبهم.
مصادر التسجيل
ذكرت جريدة “الشروق” المصرية أن عبد الحكيم، نجل عبد الناصر، أعلن أن التسجيل موجود في مكتبة الإسكندرية، بينما أكدت المكتبة في بيان أنها لم تتأكد من أصله. وأفاد المكتب الإعلامي للمكتبة أن الحوار المنشور غير موجود بسجلاتهم، رغم وجود ساعات طويلة من تسجيلات عبد الناصر.
نجل عبد الناصر اعتبر التسجيل دليلاً على عدم ديكتاتورية والده وأنه لم يكن لديه ما يخشاه، مشيرًا إلى أن توقيت التسجيل وملابساته يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، خاصة وأنه كان في خضم حرب الاستنزاف. وقال إن الطلبات على جبهة الحرب من بعض الأطراف كانت لا تعكس الجدية في مكافحة الاحتلال الإسرائيلي.
التأثير على الوضع الحالي
يثير انتشار هذا التسجيل تساؤلات حول الظروف الحالية، خاصة في ظل الأحداث الجارية في غزة ووجود دعوات في مصر للمواجهة. سامح عاشور، القيادي الناصري، أكد أن “توقيت نشر التسجيل يثير الريبة” وأن الهدف منه هو زرع الشك في النفوس.
على صعيد آخر، رأى المفكر السياسي عبد المنعم سعيد أن محتوى التسجيل يعكس فرصة مصر لتحقيق السلام، التي ضاعت نتيجة للمزاعم العربية المستمرة. وأوضح سعيد أن الأمور تشير إلى أن عبد الناصر كان في حالة مواجهة، وهو ما يفسر سعيه لوقف إطلاق النار.
ردود الفعل على وسائل التواصل
حقق التسجيل رواجًا كبيرًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تباينت ردود الأفعال بين من اعتبره مفبركًا ومن منادٍ بوضع أطر لنشر التسجيلات الرئاسية. محمد فتحي، خبير الإنترنت، أشار إلى أن قناة “Nasser TV” حققت نحو 11 مليون مشاهدة، لكن أثر هذا التسجيل كان أكبر.
ويستمر الجدل في الساحة المصرية حول تاريخ عبد الناصر ومعارضته للجهود السلمية، حيث تسعى بعض الأصوات لتبرئة ساحته من تهم التخلي عن المواجهة. بينما يؤكد مؤيدو السادات أن هذا التسجيل يعبر عن مواقف متشابهة تسعى للسلام في ظل الظروف المعقدة.
استشراف المستقبل
في ظل هذه التطورات، تعبر أصوات عدة عن ضرورة وجود قانون حرية تداول المعلومات للكشف عن أرشيف الحروب المصرية. ونادت مها عبد الناصر بهذا الأمر، مشيرةً إلى إحراز فهم أعمق للتاريخ ودور مصر الوطني.
كل هذه الأحداث تثير تساؤلات حول كيفية قراءة التاريخ المصري، خاصة في ضوء التحولات الراهنة والمقارنة بين قيادات مصرية مختلفة. وبينما يدعو البعض للمواجهة، يؤكد الخبراء على ضرورة رؤية الواقع وفقًا للظروف المتاحة.