تتجه السلطات الصحية في مصر نحو تحسين بيئة عمل الأطباء من خلال زيادة التعويضات عن مخاطر المهن الطبية، وتطوير برامج التدريب، وتحمل الدولة تكاليف الدراسات العليا. ويعتبر الأطباء هذه الخطوات بمثابة حلول تسهم في تقليل ظاهرة هجرة الأطباء من البلاد، وفقاً لممثلين عن النقابة الذين تحدثوا لموقع «الشرق الأوسط».
اجتماع لمواجهة التحديات
في هذا السياق، عقد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اجتماعًا مع اللواء حسين دحروج، المدير التنفيذي لصندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية، بحضور الدكتور محمد النحيف، رئيس الإدارة المركزية للاستثمار وإدارة أموال الصندوق. وأكدت وزارة الصحة أن الاجتماع كان يهدف إلى تعزيز سبل الدعم للأطقم الطبية تقديرًا لجهودهم في خدمة المنظومة الصحية.
وأشارت الوزارة، في بيان، إلى أن هذا الاجتماع يأتي ضمن جهود تنفيذ توجيهات القيادة السياسية لتحسين بيئة العمل في القطاع الطبي وتعزيز الاستثمار في الموارد البشرية. كما يهدف إلى دعم الأطقم الطبية وتحسين أوضاع العاملين في هذا القطاع الحيوي.
زيادة هجرة الأطباء
تأتي هذه الخطوات في ظل تزايد الحديث عن هجرة الأطباء بعد إعلان جامعة الإسكندرية عن شغور عشرات الوظائف الطبية الحيوية في مستشفياتها، وهو ما عزا بعض المراقبين إلى استقالات الأطباء الناتجة عن تردي الأوضاع. ورغم توضيحات الجامعة بأن الأمر مجرد إجراءات، استمرت النقاشات حول تجارب الأطباء بعد التخرج، بما في ذلك صعوبة العمل في المستشفيات الحكومية وساعات العمل الطويلة، بالإضافة إلى تعديات أهالي المرضى وتدني الرواتب.
تداعيات هذه القضية دفعت رئيس الوزراء مصطفى مدبولي للحديث عنها مؤخرًا، حيث حاول تبديد المخاوف من هجرة الأطباء، مشيرًا إلى أن العدد الكلي للأطباء المتخرجين سنويًا كبير جدًا، وأن من يهاجرون يشكلون نسبة ضئيلة. لكن هذه التصريحات قوبلت بانتقادات من قبل البعض الذين اعتبروا أنها تشجع الأطباء على الهجرة.
دعم التدريب والتطوير
أوضحت وزارة الصحة المصرية أنها بحثت إمكانية مساهمة صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية في تكاليف البرامج التدريبية لأعضاء الصندوق، بما في ذلك الأطباء وأطقم التمريض. كما تناول الاجتماع دعم تكاليف استقدام خبراء مصريين وأجانب لتقديم تدريبات متخصصة، ضمن المساعي لتحسين الكفاءة الطبية.
وبحسب البيان، شدد وزير الصحة على ضرورة مواصلة تدريب الفرق الطبية وتوفير ورش عمل وبرامج تدريبية. كما أشار إلى أهمية تحمل الصندوق تكاليف الدراسات العليا للأطباء البشريين، بما في ذلك الماجستير والدكتوراه، لتعزيز التطوير العلمي والمهني، بالإضافة إلى تغطية رسوم امتحانات الأطباء الملتحقين بالتدريب في البورد المصري.
تحذيرات من تأثيرات سلبية
عبر الدكتور طارق محمد منصور، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، عن آرائه قائلاً إن تحمل وزارة الصحة لمصاريف الدراسات العليا يمثل خطوة إيجابية، لكن أشاد بضرورة دراسة ميزانية صندوق التعويض عن المخاطر وفحص آلية الصرف بشكل جيد، محذرًا من تأثير ذلك على دوره الأساسي. كما دعا إلى ضرورة البحث عن حلول لزيادة رواتب الأطباء والعاملين في القطاع الطبي لتشجيعهم على البقاء في البلد.
وفقًا لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، انخفض عدد الأطباء في مصر إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022 مقارنة بـ 100.7 ألف طبيب في 2021، بتراجع بلغت نسبته 3.3%. بينما تُظهر الأرقام أن مصر لديها طبيب واحد لكل 1162 شخصًا، بينما المعدل العالمي هو طبيب واحد لكل 434 شخصًا.
تحسين ظروف العمل
في خضم هذه التطورات، أكدت وزارة الصحة أنها تعمل أيضًا على رفع كفاءة سكن الأطباء في بعض الوحدات الصحية لتحسين ظروف عملهم. كما تم توجيه التواصل مع الطبيب محمود قنيبر، الذي فقد بصره خلال جائحة كورونا، للعمل ضمن صندوق التعويض، تقديرًا لمجهوداته.
من جانبها، أعلنت الوزارة عن صرف صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية تعويضات بلغت قيمتها حوالي 420 ألف جنيه (نحو 10 آلاف دولار) لحالات العجز الكلي والجزئي. بينما تجاوزت قيمة التعويضات لحالات الوفاة 70 مليون جنيه (نحو 1.5 مليون دولار).
تأييد النقابة للإجراءات الجديدة
أعرب يحيى دوير، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، عن تأييده لتوجيهات وزير الصحة لدعم الأطقم الطبية، مشددًا على أن تحمل الدولة تكاليف الدراسات العليا يساعد في التعليم المستمر الذي يصب في مصلحة المنظومة الصحية. وتمنى دوير استمرار هذا النهج لتخفيف الضغوط عن كاهل الأطباء وتقليل هجرتهم.