عبّر أعضاء مجلس الأمن الدولي عن “قلقهم البالغ” إزاء تصاعد العنف في السودان، وخاصة في مدينة الفاشر وما حولها بشمال دارفور. وأدانوا بشدة الهجمات التي شنتها “قوات الدعم السريع” على المنطقة ومخيمي زمزم وأبو شوك للاجئين، داعين جميع دول العالم إلى وقف التدخلات في الشؤون السودانية.
دعوات للتحرك الدولي
تزامن هذا الموقف القوي مع استمرار النزاع للعام الثالث على التوالي، وسط دعوات من وكالات الأمم المتحدة لتحرك دولي “فوري ومنسق” لتخفيف المعاناة الإنسانية الهائلة الناتجة عن النزاع. كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإنهاء “هذا الصراع العبثي”، مشدداً على أن المدنيين يتحملون العبء الأكبر من الأزمة.
ووافق أعضاء مجلس الأمن بالإجماع على بيان أدانوا فيه الهجمات التي أسفرت عن مقتل 400 شخص على الأقل، بينهم أطفال وعمال إغاثة. وطالبوا بمسؤولية قوات الدعم السريع عن هذه الهجمات، مشددين على ضرورة إنهاء حصار الفاشر ووقف القتال.
أزمة إنسانية متفاقمة
أدَّت العامان من النزاع في السودان إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يشهد البلاد نزوحاً جماعياً. يوجد أكثر من 13 مليون نازح، بينما لجأ 3.9 مليون إلى الدول المجاورة بحثاً عن الأمن والغذاء. يحتاج أكثر من 30 مليون شخص، أي ثلثا السكان، إلى مساعدة إنسانية عاجلة.
وذكر غوتيريش أن الالتزامات التي تم إعلانها في مايو 2023 لحماية المدنيين، ينبغي أن تتحول إلى أفعال حاسمة. كما أكد على أهمية إجراء تحقيقات محايدة في الانتهاكات المبلغ عنها.
دعوات للحماية والاحترام
دعا أعضاء مجلس الأمن إلى مساءلة قوات الدعم السريع عن انتهاكات حقوق الإنسان، وطالبوا بحماية العاملين في المجال الإنساني. كما شددوا على ضرورة السماح بالوصول الإنساني دون عراقيل إلى جميع مناطق السودان. وفي بيانهم، أبدوا قلقهم تجاه الوضع الإنساني وتأثيره السلبي على الشعب السوداني، مشددين على ضرورة استئناف الحوار السياسي لتحقيق السلام الدائم.
وطلب الأعضاء من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة الامتناع عن التدخل الخارجي الذي قد يزيد من تعقيد الصراع، ودعم جهود السلام بدلاً من ذلك. كما أشاروا إلى أهمية الامتثال للتدابير المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن السابقة.
التدهور المستمر
كشف غوتيريش عن أن القصف والغارات الجوية العشوائية لا تزال تتسبب في قتل وتشويه المدنيين، مع استمرار الهجمات على الأسواق والمستشفيات. ويعاني الأطفال من حرمان التعليم، حيث لا تعمل سوى نسبة ضئيلة من المنشآت الصحية في المناطق الأكثر تضرراً.
من جهة أخرى، أفادت منظمة اليونيسف بأن 15 طفلاً لقوا حتفهم خلال أسبوع واحد نتيجة استمرار المعارك في ولاية شمال دارفور. وأعلنت المديرة التنفيذية للمنظمة، كاثرين راسل، أن أكثر من 330 ألف شخص فروا من مخيم زمزم خلال الأسبوع الماضي.
اعتقالات واحتجاجات في المخيمات
وحذرت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور من حملة اعتقالات واسعة استهدفت قيادات النازحين، مشيرةً إلى أن الجيش السوداني والقوة المشتركة قاما بشن اعتقالات بحق نشطاء بتهم التعاون مع “قوات الدعم السريع”.
وأدان المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، هذه الأفعال معتبراً أنها تمثل “جريمة حرب مكتملة الأركان”. كما أشار إلى معاناة سكان المخيمات من الجوع ونقص المياه بعد تدمير مصادر الشرب.
مطالب المجتمع الدولي
ناشدت المنسقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لحماية النازحين بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية. وتعتبر هذه الأحداث تصعيداً في العنف بشمال دارفور، عقب السيطرة الأخيرة لـ”قوات الدعم السريع” على مخيم زمزم.