ألهمت موهبة الفنان التشكيلي السوري سعيد تحسين، الذي يُعد من أبرز الفنانين في تاريخ الفن العربي، بأكثر من 2000 لوحة خلال مسيرته، دون أن يحصل على تدريب أو دراسة رسم.
سيرة فنية ملهمة
سعيد تحسين، الذي وُلد عام 1904 وتوفي عام 1985، كان حفيد الرسام الكاتب السوري سمير العيطة. وفي حديثه عن رحلة جده، أكد العيطة على مسلسل البحث عن الكنز الفني المتمثل في لوحات سعيد، بعد أن اختفى الكثير منها.
تجريب شامل للمسيرة، تضمن أيضًا مذكرات تحسين التي استرجعها بعد خمس سنوات من الحجز لدى المخابرات المصرية، والتي تحمل بين صفحاتها قصص كفاحه ونضاله.
البحث عن اللوحات
يقول العيطة: “إكراماً لجدي، بحثت عن لوحاته في شتى بقاع الأرض وعثرت على 250 لوحة. أحتفظ حالياً بمذكراته التي تتكون من 15 دفتراً في منزلي بباريس، تروي قصصاً عن نضاله وزملائه وطلابه.”
في عام 1933، عقب وفاة الملك فيصل الأول ملك العراق، قام تحسين برسم لوحة تذكارية عنه. وزار الملك غازي في بغداد الذي طلب منه رسم ثلاث لوحات أخرى حول معارك القادسية واليرموك وطارق بن زياد. بالفعل، أنجز هذه اللوحات وعاد بعدها لتدريس الرسم في دار المعلمين.
إنجازات وتحولات
أسس تحسين في سوريا أول جمعية للفنون الجميلة وأول مدرسة للرسم، ليصبح أحد أبرز الشخصيات في عالم الفن. في عام 1979، حصل على وسام الاستحقاق تقديراً لجهوده، لكنه فضل العيش في مصر بعد أن رفض لقاء الرئيس حافظ الأسد آنذاك.
خلال الخمسينيات، أصبح تحسين ناصرياً ورسم لوحة تعبر عن الوحدة بين مصر وسوريا خلال فترة الانفصال، وفي عام 1963 اتُهم ابنه بالمشاركة في الانقلاب الذي حدث في 18 يوليو، مما دفع العائلة للبحث عن اللجوء السياسي في مصر.
اتجاهات فكرية متعددة
يتحدث حفيد الفنان عن توجهات جده السياسية المتعددة، حيث كان يحمل أفكاراً شيوعية وقومية سورية وإخوانية وبعثية. يكتب في مذكراته: “أنا أؤمن بالله وبكتبه المقدسة، وبأسس العدالة الإسلامية، مثل الحرية والمساواة.” وفي تصريح مثير، قال لحظة ظهوره في إذاعة سوفيتية: “إن كل ما تدعونه من عدالة جزء من الشيوعية.”
وحول لوحة صلاح الدين، يوضح العيطة أنها كانت من أول مقتنيات الفن الحديث في المتحف السوري، وظهرت لفترة طويلة في مكتب حافظ الأسد. وقد وصفها كيسنجر وكارتر في مذكراتهم، إذ تعكس طموحات الأسد في عظمة صلاح الدين.
لوحة صلاح الدين
تعتبر اللوحة تعبيرية وتصوّر الاحترام للعظيم صلاح الدين. مع التأكيد على عدم وجود عناصر عنف فيها، يظهر فيها جمال وقيمة تاريخ صلاح الدين. ويشير العيطة إلى حادثة اعتداء على اللوحة من قبل شخص غربي في السبعينيات.