في ظل المنافسة المتصاعدة بين القوى العظمى مثل الصين وروسيا، تتزايد الحاجة لتطوير ذخائر عسكرية فعالة من حيث التكلفة وقابلة للتكيف مع المتغيرات السريعة في ساحة المعركة. ويبرز صاروخ “Black Arrow” كأحد الحلول التي تسعى إلى تعزيز القدرات القتالية للجيش الأمريكي، وفقاً لمجلة The National Interest.
صُنع هذا الصاروخ الصغير، المعروف أيضاً باسم “السهم الأسود”، بواسطة شركة Leidos الأمريكية الرائدة في مجال الدفاع والتكنولوجيا، ويتوقع أن يسهم في الحفاظ على تفوق الطائرات مثل AC-130J Spectre. وأجريت مؤخراً تجربة إطلاق ناجحة للصاروخ من طائرة AC-130J Ghostrider التابعة لسلاح الجو الأمريكي.
حلول هجومية
يتميز نظام “Small Cruise Missile” (SCM) الذي أطلق عليه اسم Black Arrow بمدى فعال وقدرة فتاكة، وطورته شركة Leidos بالتعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية في عام 2021، استجابةً لاحتياجات الجيش الأمريكي لحلول هجومية ذات مدى بعيد وبأسعار معقولة.
استناداً إلى خبرتها السابقة مع ذخيرة GBU-69 Small Glide Munition ومشاركة برنامج DARPA X-61 Gremlins، سعت شركة Leidos لتطوير صاروخ يلبي احتياجات عدة فروع من القوات المسلحة الأمريكية، مع التركيز على الفعالية من حيث التكلفة والمرونة.
في عام 2022، دخلت Leidos في شراكة مع قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، مما أسفر عن تعزيز التعاون بشأن تحسين واختبار نظام (SCM) لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
صُمم “السهم الأسود” كمنصة “خدمة مشتركة”، مما يجعله قابلاً للاستخدام من قبل مختلف فروع القوات المسلحة، بدءًا من القوات الجوية ووصولاً إلى البحرية، دون الحاجة إلى تعديلات كبيرة.
ويعتبر هذا السلاح خفيف الوزن ومجهزاً بقنبلة تزن 200 رطل، ما يجعله فعالاً في دعم المهام الحركية وغير الحركية، حسبما أكدت المجلة الأمريكية. كما أن تصميمه يسمح بتطبيق ترقيات وتعديلات مستقبلية مع تطور احتياجات المعركة.
مرونة الإنتاج
تتمتع Black Arrow بميزة بارزة تتمثل في إمكانية تصنيع مكوناتها بشكل منفصل واختبارها بشكل مستقل، مما يسهل عملية الإنتاج ويساعد على تلبية الاحتياجات المتزايدة بسرعة.
اعتمد نموذج التصنيع الموزع نجاحه من خلال توفير أكثر من 4 آلاف وحدة من برنامج GBU-69 حتى الآن، وهذا مثال يثبت فعالية هذا النموذج في تقديم إنتاج كبير بأسعار تنافسية.
اختبارات صارمة
اجتاز صاروخ Black Arrow سلسلة من الاختبارات الصارمة للتحقق من كفاءته. ففي ديسمبر 2023، أُجريت اختبارات فصل ناجحة من طائرة AC-130J Ghostrider، مؤكدةً قدرته على العزل الآمن واتباع مسار محدد مسبقاً.
كذلك أثبتت هذه الاختبارات صحة التنبؤات عبر النماذج الافتراضية التي تحاكي الأداء في الظروف الواقعية، مما يعكس دقة الهندسة التي تتبعها Leidos.
يستفيد Black Arrow من أحدث المعايير الهندسية في تصميمه، مثل الأنظمة المعتمدة على النماذج والتصنيع الإضافي وتحسين الذكاء الاصطناعي، مما يساعد على تسريع مراحل التصميم والاختبار مع المحافظة على التكاليف المنخفضة.
توسيع النطاق
حقق الصاروخ Black Arrow خطوة هامة في نوفمبر الماضي من خلال اختبار طيران موجّه من منصة AC-130J، حيث أظهر الاختبار توافقه ودقة توجيه الذخيرة مع نظام إدارة المعارك (BMS) التابع لمركز الحرب السطحية البحرية.
تظهر لقطات الفيديو التي نُشرت في بداية العام الجاري إطلاق الصاروخ من أنبوبي إطلاق مثبتين على المنحدر الخلفي للطائرة، مما يعكس تنوع طرق الإطلاق التي يسمح بها التصميم.
يمكن نشر Black Arrow بطرق متنوعة، بما في ذلك الإطلاق من طائرات شحن مثل طراز C-130، أو عبر المنصات النقالة، أو حتى الإطلاق التقليدي من الطائرات الحربية الثابتة الجناح. هذه المرونة تعزز من نطاق العمليات الميدانية ويتيح للمنصات مثل AC-130J المدعومة تقليديًا في الدعم الجوي القريب (CAS) تنفيذ مهام دقة بعيدة المدى.
التحديات المحتملة
على الرغم من إمكانياته الواعدة، يعبّر الخبراء عن قلقهم من أن الأولوية قد تُعطى لأدوار النقل اللوجستية لطائرات الشحن مثل C-130 على حساب العمليات الهجومية، مما قد يحد من القدرة التشغيلية للصاروخ.
كما أثيرت المخاوف حول قدرة القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية على دعم المشروع طويلاً. فحتى الآن، لم يسلم أي نظام دفاعي أمريكي من تكاليف باهظة نتيجة التجاوزات في الميزانية. وتعود تلك التجاوزات لعدة أسباب، بما في ذلك نقص القدرة الصناعية وسوء الإدارة وقضايا تحكم الأسعار من قبل المقاولين، حسبما أورَدته مجلة The National Interest.
تنجم أيضاً تعقيدات إضافية حول فعالية الأنظمة نتيجة لتطوير منافسي الولايات المتحدة لدفاعاتهم الجوية الشاملة، مما يجعل البيئة التنافسية أكثر تحدياً.