كان لدول آسيا الوسطى وتحديدا جمهورية أوزبكستان، تاريخا حافلا ومشرفا ودور كبير في حماية العلوم والمقدسات الإسلامية، حيث نبغ أبنائها بل وبرعوا في علوم الدين الإسلامي، فخرجت أجيالا من العلماء والمحدثين والمفكرين والمخترعين بل والقادة الكبار، ممن تربعوا على عرش التاريخ، وأصبحت أسمائهم محفورة في ذاكرة البشرية.
منهم البخاري وقطز.. 9 رجال من أوزبكستان
على رأس هؤلاء كان الأئمة والقادة، ومنهم: البخاري، والترمذي، وابن سينا، والبيروني، والفرغاني، والخوارزمي، والفارابي، وقطز، وبيبرس، وغيرهم من العلماء الأجلاء الذين انتشروا واطلقوا في ربوع الأرض من شرقها لغربيها من أجل تحصيل العلوم ونشره.
ما هي دول آسيا الوسطى؟
وتعرف دول اسيا الوسطى بأنها تلك المنطقة التي تمتد من سيبيريا وروسيا شمالا إلى إيران وأفغانستان جنوبا، ومن منغوليا والصين شرقا إلى بحر قزوين غربا وهو البحر الذي عرف باسم “بحر الخزر”.
وتضم دول آسيا الوسطى كلا من: “أوزبكستان، طاجكستان، كازاخستان، تركمانستان، قيرغيزستان” وهي الدول التي خضعت سابقا ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي -روسيا حاليا- وحصلت على استقلاها في نهاية عام 1991.
مخطوطات إسلامية نادرة
وتصدرت أوزبكستان الكثير من دول العالم في جمع المخطوطات الإسلامية النادرة، حيث جمعت العديد من المخطوطات الشرقية النادرة العربية منها والإسلامية، والتي دخلت ضمن مجموعة “ذاكرة العالم” لليونيسكو.
وانطلاقا من هذا التاريخ الذي حمل فيه أبناء أزباكستان راية الإسلام -لقرون من الزمان- جنبا إلى جنب مع علماء المسلمين وقادتهم من العرب، أكدت د. آمنة نصير، أستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر والعضو السابق في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن لدولة أوزباكستان ودول وسط آسيا فضل كبير على المسلمين.
الإمام البخاري
وقالت د. آمنة نصير، أستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر، إن أوزباكستان خرجت العديد من العلماء أمثال الإمام البخاري الذي جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه صحيحه.
مشيرة إلى أهمية التواصل المصري والعربي مع هذه البلاد التي كان لها بصمات واضحة من خلال الكثير من علمائها في التاريخ الإسلامي، وهي الفترات التاريخية التي وصفتها بـ”بالحقبة الزمنية الجميلة خلال القرون الأول للإسلام والمسلمين”.
وأوضحت د. آمنة نصير، أن العودة لدول شرق آسيا وعلى رأسهم أوزباكستان والتواصل معهم سيعود بالنفع والاستفادة لجميع الأطراف، وهو أمر محمود ويأتي استجابة لما أمرنا به الله سبحانه وتعالى، ومن باب تعمير الكون وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان والتواصل فيما بينهم للتعارف.
دول وسط آسيا كان لها دور مهم وكبير في رفع راية الإسلام، وهنا أكد د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، أن من هذه الدول خرج علماء حملوا التاريخ على أعناقهم، فنشروا العلوم الإسلامية المختلفة، فكان لهم نتاج علمي في فقه الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه.
بيبرس وقطز
وأشار د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن، إلى أنه على صعيد الدفاع عن مقدسات المسلمين، فإن دول وسط آسيا أنجبت قادة عظماء أمثال السلطان بيبرس وقطز وغيرهم ممن دافعوا ببسالة عن الأمة العربية والإسلامية.
وتابع: أسدوا خدمات جليلة بالتصدي لاجتياح وغزو التتار والمغول، وبالتصدي للحملات الصليبية على المنطقة في مراحل وفترات مهمة من التاريخ، مضيفا: ولا يمكننا أن ننسى أن مسلمي هذه البلدان لم يستبدلوا إسلامهم بالشيوعية التي سيطرت على أرضهم في لفترات من الزمن.
تقوية العلاقات
وأضاف د. أحمد كريمة، أن تقوية العلاقات العربية والإسلامية مع دول آسيا الوسطى وأوزبكستان تعمل على تقوية الجهود التاريخية وتعود بثمار هائلة، خاصة وأن هذه المنطقة مستهدفة حاليا من الإرهاب.
مؤكدا يجب التواصل مع هذه البلدان بمزيد من العلاقات بأشكالها المختلفة سواء العلاقات الاقتصادية أو السياسة أو الاجتماعية أو العلمية، لأن تقوية العلاقات معها هو بمثابة فتح مبين لمد يد التعاون مع مسلمين نشهد بصدق إسلامهم، وأن ذلك سيساهم -بلا شك- إلى حد كبير في معالجة الفكر الإرهابي والإرعابي هناك.
كيف ينظرون للعرب
وأوضح د. أحمد كريمة، أن مواطني دول وسط آسيا لم يتعاملوا بشعوبية مع الشعوب العرب كدول وشعوب مختلفة عنهم، وإنما اندمجوا في الأوساط العربية والإسلامية، وكانوا ولا زالوا شغوفين بالأزهر الشريف.
وأشار أستاذ الفقه المقارن إلى واقع تجربته العملية، قائلا: أذكر أنني شرفت بزيارة دولة طاجكستان لحضور مؤتمر هناك بصحبة الإمام الأكبر الراحل الشيخ سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف السابق.
يقول: حضرت هناك مؤتمرا كان يدور حول الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه، وهناك لمسنا مدى حب هذا الشعب وهؤلاء الناس للإسلام والعرب، لدرجة أنهم يوقرون العرب على أنهم من أحفاد الصحابة رضوان الله عليهم.