ندد الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خالد خياري، بالانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق فك الاشتباك في مرتفعات الجولان السورية، محذرًا من أنها تهدد العملية الانتقالية الهشة نحو بناء سوريا جديدة. وفي الوقت نفسه، أبدت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب تفهمًا للاجراءات الإسرائيلية في الأراضي السورية.
اجتماع مجلس الأمن
جاءت تصريحات خياري خلال إحاطة قدّمها أمام أعضاء مجلس الأمن، والتي عُقدت بناءً على طلب الجزائر والصومال لمناقشة عمليات التوغل الإسرائيلية في سوريا. وأوضح خياري أن “سوريا على مفترق، وتستحق فرصة لمواصلة العمل نحو انتقال سياسي شامل” بعد سقوط حكم الرئيس بشار الأسد المقرر في ديسمبر 2024.
وأشار خياري إلى الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974، مؤكدًا أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أعرب بوضوح عن إدانته لكل ما يتعارض مع هذا الاتفاق. ولفت إلى مئات الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مختلف أنحاء سوريا، بما في ذلك الجنوب الغربي والساحل والشمال الشرقي ودمشق وحماة وحمص، كما سلط الضوء على تصريحات مسؤولين إسرائيليين بشأن نياتهم للبقاء في سوريا في المستقبل القريب.
تهديدات مستمرة
وحذر خياري من أن “مثل هذه الحقائق على الأرض لا يمكن تبديلها بسهولة، وهي تهدد بالفعل العملية الانتقالية السياسية الهشة” في سوريا. وشدد على أهمية التزام مجلس الأمن بسيادة سوريا وسلامة أراضيها، معتبرًا أن دعم وحماية فرص تحقيق الاستقرار في البلاد قد أصبح أكثر ضرورة بعد 14 عامًا من الصراع.
وأكد خياري أنه يجب ألا تُقوّض الإجراءات الأمنية القصيرة الأجل آفاق التوصل إلى اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل، وأن السلام يجب أن يقوم على استقرار طويل الأمد على حدودهما المعترف بها دوليًا.
الوضع في «أندوف»
في السياق، أشار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيار لاكروا، إلى أن الوضع في منطقة عمليات قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أندوف) لا يزال متقلبًا، مع استمرار الانتهاكات الكبيرة لاتفاق فك الاشتباك منذ دخول الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة الفاصلة في ديسمبر الماضي. وذكر أن الجيش الإسرائيلي يشغل الآن 12 موقعًا على الجانب المعروف باسم «برافو» الذي يفصل بين منطقة الفصل والأراضي السورية.
وأضاف لاكروا أن الجيش الإسرائيلي يواصل فرض قيود على حركة أفراد أندوف، بالإضافة إلى القيود المفروضة على سكان المنطقة، مشيرًا إلى أن بعض السكان احتجوا على تأثيرات الأنشطة العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك احتجاز المدنيين والاستيلاء على الماشية. وقد ناشد بعض السكان قوة أندوف لطرد الجيش الإسرائيلي من قراهم.
دعوات للالتزام بالاتفاق
وذكر لاكروا أن “أندوف” تواصل التنسيق مع الطرفين المعنيين، وتتحدث حول القضايا التي تؤثر على عملياتها، والاستجابة للشكاوى المقدمة من السكان المحليين. وأفاد أن قادة الجيش الإسرائيلي أكدوا أن تواجدهم في المنطقة ضروري لصد ما يصفونه بعناصر الإرهاب، معلنين أن إسرائيل ليست لديها أطماع إقليمية في سوريا.
واختتم لاكروا بالتأكيد على أهمية التزام كافة الأطراف بالاتفاق، مشددًا على أن أي إجراءات تتعارض معه تعد غير مقبولة.
الموقف الأمريكي والبريطاني
في تفاصيل الجلسة، أشارت القائمة بأعمال البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، دوروني شيا، إلى أن الولايات المتحدة تشترك مع إسرائيل في مخاوفها بشأن تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب، مؤكدةً على “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس” ضد أي تهديدات قريبة من حدودها.
كما رحبت شيا بالتصريحات الصادرة مؤخرًا من كلا من إسرائيل وتركيا بعدم اعتزامهما الدخول في صراع مع بعضهما في سوريا. ومن جهتها، اعتبرت نائبة المنسق السياسي في البعثة البريطانية، جيسيكا غامبيرت غراي، أن سوريا أحرزت تقدمًا إيجابيًا في مسار انتقالها السياسي مع التجديد الأخير للحكومة السورية.
وركزت غراي على أهمية الالتزام بالقانون الدولي واتفاق فك الاشتباك، مشددة على ضرورة حفظ وحدة الأراضي السورية وعدم السماح للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بزعزعة استقرار البلاد والمنطقة.
وأشارت إلى تطلع بلادها إلى تحقيق خطوات مهمة في سوريا تشمل حماية حقوق الإنسان وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، معتبرةً تشكيل الحكومة السورية الجديدة علامة مهمة في عملية الانتقال السياسي.