أعربت مجموعة من الدول الواقعة في غرب أفريقيا عن قلقها العميق تجاه ظروف ترحيل عدد من مواطنيها من الأراضي الموريتانية في الأسابيع الأخيرة. في هذا السياق، قام وزيرا خارجية كل من مالي وغامبيا بزيارة إلى نواكشوط، كما استدعت غينيا السفير الموريتاني لإجراء محادثات حول هذه القضية.
في الأسابيع الماضية، نفذت موريتانيا حملة واسعة للحد من تدفقات المهاجرين غير النظاميين العابرين عبر أراضيها في طريقهم إلى أوروبا. هذه الحملة أسفرت عن تفكيك خمس شبكات لتهريب البشر، إلا أن بعض المهاجرين المرحلين أفادوا في مقابلات صحافية بتعرضهم لـ”معاملة غير إنسانية” خلال احتجازهم، بما في ذلك مزاعم التعذيب والاعتقال.
رد الحكومة الموريتانية
في إطار الرد على هذه الادعاءات، أكد الوزير الناطق باسم الحكومة الموريتانية، الحسين ولد امدو، أن “ما تم تداوله في الإعلام عن سوء معاملة المهاجرين غير دقيق”. وأوضح، خلال مؤتمر صحافي، أن “عملية الترحيل تمت وفق ضوابط قانونية”، مشددًا على التزام موريتانيا بالاتفاقيات الدولية في مجال الهجرة. كما أكد أن عمليات الترحيل استهدفت المهاجرين غير النظاميين فقط، والهدف منها هو مكافحة الشبكات المتورطة في الهجرة غير النظامية.
في زيارة أخرى، استقبل الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، وزير خارجية غامبيا، مامادو تانغارا، الذي جاء كمبعوث من الرئيس الغامبي أمادو بارو للبحث في قضية ترحيل مئات المهاجرين الغامبيين. وحول هذا اللقاء، صرح وزير خارجية غامبيا بأن “الأمر يتعلق بتسوية أوضاع المقيمين في موريتانيا”، مؤكداً على أهمية قيام الجالية الغامبية بتسوية أوضاعها القانونية.
مخاوف مالية
خلال زيارة قامت بها إلى نواكشوط، قدم وزير الشؤون الخارجية المالي، عبدولاي جوب، رسالة من رئيس المرحلة الانتقالية في مالي، آسيمي غويتا، تناولت قضية المواطنين الماليين الذين تم ترحيلهم. وأفاد الوزير المالي خلال حديثه أن الرسالة تتعلق بالتقييم العام لوضع الجالية المالية في موريتانيا، مؤكدًا على ضرورة أن تتم عمليات الترحيل وفق ظروف تحترم كرامة الأفراد.
كما أشار جوب إلى أن مالي تتفهم حقوق موريتانيا في اتخاذ الإجراءات الأمنية لضمان سلامتها، إلا أنها تؤكد في ذات السياق ضرورة مراعاة حقوق الإنسان. وتعتبر الجالية المالية واحدة من أكبر الجاليات الأجنبية في موريتانيا، حيث يقدر عدد اللاجئين الماليين بنحو مائتي ألف لاجئ، الذين فروا من النزاع الدائر في بلادهم.
التأكيدات الموريتانية
في هذا الإطار، أوضح الوزير المالي أنه تلقى تأكيدات من الرئيس الموريتاني حول التزام الحكومة الموريتانية بضمان حقوق المواطنين الماليين، مشيراً إلى أن جميع التسهيلات ستكون متاحة لهم لتسوية أوضاعهم القانونية.
ودعا جوب مواطنيه المقيمين في موريتانيا إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للحصول على بطاقات الإقامة، متطرقًا إلى أهمية التزام الجالية بالقوانين الوطنية في ظل التحديات الأمنية الحالية.
ردود فعل أوروبية
في سياق متصل، أصدرت بعثة الاتحاد الأوروبي في موريتانيا بياناً لنفي ما وصفته بـ”المعلومات المغلوطة” المتعلقة بالهجرة غير النظامية، والتي تفيد بأن الاتحاد الأوروبي يقوم بترحيل المهاجرين الأفارقة إلى موريتانيا. وأكدت البعثة على أن هذه الادعاءات لا تتعزز بأي اتفاق سري وأن التعاون مع موريتانيا يتم وفق الشفافية واحترام السيادة وحقوق الإنسان.
كما أكدت البعثة الأوروبية أن الإعلان الذي تم توقيعه مع موريتانيا يهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك دعم اللاجئين ومكافحة تهريب البشر. وأشارت إلى المحاور الخمسة التي تقوم عليها شراكة موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي، حيث تبرز أهمية التدريب الفني للعمالة المحلية وتعزيز الهجرة النظامية.