الأربعاء 30 أكتوبر 2024
spot_img

صدى أحلامي من السودان

أهلاً بكم في رحلةٍ أصحبكم فيها لأفق الذكريات والأحلام، هناك حيث تتناغم كلماتي مع نسمات ليل دافئ في بلادي، كنت أتمنى لو أسمعتكم قلبي وهو ينبض فخراً واعتزازاً وأنا أحدثكم عن السودان.. نعم؛ أنا فتاة سودانية، أحمل بين جنباتي تاريخاً غنياً وثقافةً رائعة، تتجسد في شخصيتي وأحلامي.

ولدت ونشأت في قلب السودان، بلد النيل العظيم والأرض الخصبة، عشت على أرضها الطيبة، وتحت سماءها الصافية، هناك حيث ترسم  الشمس لوحة فنية على السماء في كل صباح.

لغتي العربية، تتغنى بها الأرواح وترقص على إيقاعاتها الشاعرية؛ إنها تتلاعب بين كلماتها كأنها تنسج قصائد حب وغزل، وتنساب فيها الأفكار كأنها نهرٌ عذب يروي العطشى، إنها جسرٌ يربطني بتراثي العريق وموروثنا الثقافي.

السودان: أين صدى أحلام طفولتي؟!

في طفولتي، كنت أستمع إلى قصص الأجداد التي تروي لي أصالة السودان وشعبها وكيف تمتزج فيها الأعراف والتقاليد، كنت دائماً أحمل حلماً في قلبي وعقلي ووجداني، إنه حلم تغيير الواقع وتحقيق الرغبات التي تنبع من عمق فؤادي.

ترعرعت بين ضفاف النيل، حيث كانت الطبيعة الخلابة تحاوطني، وكنت أرقص على أنغام الطيور وألوان الزهور.. في هذا البلد الجميل، أخذت الأحلام تتشكل بداخلي، ونمت ببطء، كالشجرة الكبيرة التي تنمو في باحة الحياة.

كان حلمي أن يأتي يوم يرتفع فيه صوتي ويردد ترانيم السلام والتسامح، كنت أرغب في أن أكون جزءًا من تحول إيجابي في واقع بلادي، هناك حيث يمكن للشباب أن يلعبوا دوراً حيوياً في بناء مستقبل أفضل.

كنت أحلم بأن أكون هناك، حيث يعلوا صوتي بأمنيات وتطلعات شباب السودان.. لكن الواقع كان ضد حلمي، فكلما كبرت ونمى حلمي ازداد الواقع بؤسا وألما، وكأنه يعاقبني على أحلامي.

الحرب في السودان

لست متشائمة.. فقط أذكركم

أمسك بقلمي الآن، بعد أن بلغت الثلاثين من عمري؛ بعد أن تاهت أحلامي وفقدت شغفي، وضاع شبابي، أمسك بقلمي لأسجل آلام بلادي، وأترحم على أحلامي، بعد أن مذقت الحروب الداخلية بلادي، بعد أن تمكنت منا الصراعات والنزاعات.

جُفت الأقلام وانخرست الألسنة، وأصبح الحديث للسلاح، السلاح الذي نشتريه من أعدائنا لنقتل به أنفسنا، السلاح الذي نوجهه لصدور بعضنا ونعطي ظهره لعدونا؛ لننعم نحن بجحيم ولهيب النيران، ويتألم عدونا بالسلام والاستقرار!.

بدأت معكم بأحلام طفولتي وابتسامتي، والآن أبدو متشائمة مكتئبة…

لست متشائمة ولا مكتئبة، فقط تذكرت الواقع المرير، حدثتكم عن الأوجاع التي تُزيد ألمي كلما مر الزمان وابتَعدتُ عن أحلام طفولتي.

لكني.. حقا وصدقا، مازلت أفخر بأني فتاة سودانية، وأرفع رأسي عالياً، لأني من السودان، وأمنيتي الآن أن يرفع شباب السودان رؤوسهم عاليا، ويفخر كل منهم بأنه من السودان.

حلمي الآن أن ينظر كل منا إلى وطننا إلى بلادنا، حلمي الآن أن لا ننظر إلى أنفسنا.

لنرفع رؤوسنا بفخر ونجعل نداء الوطن يرنّ في قلوبنا، دعونا نتحد كشعب واحد، ونعلي مصلحة الوطن، دعونا نتخذ قراراً جاداً بأن نضع وحدتنا وتقدم بلدنا فوق مصلحتنا الشخصية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك