أثارت قضية الطالب محمود خليل في جامعة كولومبيا جدلاً واسعًا في الولايات المتحدة وخارجها، حيث تم احتجازه من قبل السلطات الأمريكية عقب تنظيمه احتجاجات ضد الحرب في غزة. وبالإضافة إلى ذلك، تم تهديده بسحب البطاقة الخضراء وترحيله، وسط غموض حول التهم الموجهة إليه ومصيره المستقبلي.
تسليط الضوء على هذه القضية أثار ردود فعل قوية من الناشطين الذين اتهموا الإدارة الأمريكية بتجاوز الصلاحيات وانتهاك الدستور، خاصةً البند الأول الذي يكفل حرية الرأي والتعبير. كما أعادت القضية إلى الأذهان معضلات تتعلق بسحب بطاقات الإقامة وحقوق المهاجرين في الولايات المتحدة.
يلخص تقرير نشرته “واشنطن”، والذي هو جزء من تعاون بين “الشرق الأوسط” و”الشرق”، الأسس القانونية وراء إجراءات الإدارة الأمريكية المتعلقة بجميع قضايا الترحيل والممارسات السارية على الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات ضد الحرب.
حرية التعبير تحت المجهر
تشير الكاتبة في صحيفة “ذي هيل”، ساراكشي راي، إلى أن الجدل حول قضية خليل يقارب مسألة حرية التعبير المكفولة بالمادة الأولى من الدستور، والتي تشمل حق المهاجرين كذلك. وتؤكد أن الحكومة تحاول دعم موقفها بأن القضية مرتبطة بأمن الولايات المتحدة القومي، وليس حرية التعبير. وتوضح أن دعم خليل للحراك الفلسطيني يُعتبر بمثابة دعم لمنظمات إرهابية، ما يفتح الباب لإجراءات ضد بطاقته الخضراء.
من جهة أخرى، يوافق دانيال ستاين، رئيس الاتحاد الأمريكي لإصلاح الهجرة، على موقف الإدارة، مشيرًا إلى أن حقوق المواطنين الأمريكيين تختلف عن حقوق حاملي البطاقات الخضراء. ويعتبر أن الهجرة جزء من السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، مشددًا على أهمية توافق أنشطة المهاجرين مع الأهداف المقبولة لحضورهم في البلاد. ويقول: “إذا شارك شخص في نشاطات تعتبر تهديدًا لأمن البلاد، فيحق لوزير الخارجية اتخاذ قرارات تتعلق بإلغاء بطاقات الإقامة”.
قضية خليل وأبعادها القانونية
يُبدي راؤول رايس، المحامي المتخصص في شؤون الهجرة، قلقه العميق من سابقة قضية خليل، مشيرًا إلى أن استخدامها يمكن أن يُعتبر غير دستوري. ويؤكد أن الحكومة الأمريكية تملك الحق في سحب البطاقة الخضراء، ولكنها تحتاج إلى تقديم أدلة واضحة تثبت دعم الشخص لأي تنظيمات إرهابية.
ويشير رايس إلى أن تصنيف خليل كمهدد سياستيًا يعد أمرًا مبهمًا يثير القلق بشأن استخدام النزاعات السياسية كمعيار لفقدان الحقوق الممنوحة بموجب القانون. ويشير إلى ضرورة وجود حماية دستورية للمهاجرين لحرمانهم من حق الإقامة بناءً على آرائهم السياسية.
حقوق المهاجرين ومسؤوليات الحكومة
بيد أن ستاين يؤكد قدرة الإدارة الأمريكية على إدارة قضايا الأمن القومي دون تدخل من المحاكم. ويفيد أن التاريخ يوضح وجود تدخل غير قليل من الحكومة في الملفات التي تخص السياسة الخارجية، حيث تسعى إلى حماية مصالحها. ويقول: “عندما يتواجد شخص في البلاد ويدعم منظمة تعارض السياسات الأمريكية، يُمنح وزير الخارجية صلاحية اتخاذ القرار”.
يتسائل الديمقراطيون عن إجراءات الإدارة فيما يتعلق بمسائل الهجرة، حيث يُظهرون انزعاجهم من الاستخدام المتزايد لهذه القوانين ضد المهاجرين الشرعيين. تبرز راي غياب استراتيجية واضحة لدى الحزب الديمقراطي في التعامل مع هذه الأزمات، مشيرةً إلى أنهم لا يزالون يبحثون عن توحيد صفوفهم.
تحديات الحوكمة القانونية
يرجح رايس أن المحكمة قد تقف إلى جانب خليل، لكنه يعبر عن مخاوفه من تجاهل الإدارة الأمريكية لقرارات المحكمة كما حدث في قضايا سابقة. ويعتبر أن عدم توضيح أي اتهامات واضحة ضد خليل يمتص زخم الاحتجاجات الداعمة له.
على الجانب الآخر، يُشدد ستاين على أن معظم ردود الفعل الغاضبة تجاه قضايا الترحيل تعود لفترات إدارة بايدن، ويصف قضايا الهجرة بأنها تختلف جذريًا عن القضايا الجنائية، مشيرًا إلى أن آثارها تنصب فقط على حق الوجود داخل الولايات المتحدة.
يتناول رايس ظروف الاحتجاز التي يخضع لها المهاجرون الشرعيون، مشيرًا إلى إمكانية اعتبارها عقوبة. يشير إلى تدهور الوضع في مراكز الاحتجاز، ويسلط الضوء على غياب الضمانات القانونية اللازمة التي تكفل حقوق المعتقلين.
وتستعرض راي أيضًا حالة طالب آخر تعرض للاحتجاز بسبب مواقفه السياسية في جامعة جورج تاون، مما يظهر أن المخاوف لدى المهاجرين الشرعيين بشأن تبعات مشاركتهم في الاحتجاجات تتزايد، في ظل وجود قلق دائم من استغلال تلك المواقف ضدهم في المستقبل.