نجحت شركة هانوا إيروسبيس الكورية الجنوبية في تحقيق تقدم ملحوظ نحو الهيمنة في مجال المدفعية، وذلك بعد إتمام تجارب ناجحة على محرك ديزل جديد بقوة 1000 حصان، مصمم خصيصًا للمدفع ذاتي الدفع “K9 ثاندر”. يُعتبر هذا الإنجاز علامة فارقة قد تعزز من مكانة النظام في السوق العالمية.
اختبارات صارمة
تم إجراء اختبارات شاقة على مدار عام كامل للمحرك، شملت هذه الاختبارات بيئات عمل مختلفة في عدد من الدول منها كوريا الجنوبية ومصر ومواقع أخرى لم تُكشف. حيث قام المهندسون بدفع المحرك إلى أقصى حدوده عبر تضاريس قاسية وظروف جوية قاسية، بدءًا من حرارة الصحراء الشديدة إلى المناطق الشتوية القاسية، لضمان موثوقيته في ساحة المعركة.
وأكد كيم دونغ هيون، رئيس قسم الأنظمة البرية في شركة هانوا إيروسبيس، جاهزية المحرك للعمل في ميادين المعارك، قائلًا: “مع هذه التحقق الناجح، نحن جاهزون لتقديم حل طاقة متكامل تمامًا لمشغلي K9 حول العالم، مما يعزز التزامنا بتوسيع نطاق المنصة.”
استراتيجية التوطين وصفقة مصر
وأكد كيم أن المحرك المحلي هو جزء من استراتيجية أوسع لتوطين المكونات الرئيسية، مما يقلل الاعتماد على الموردين الأجانب مع ضمان القدرة على التكيف مع المتطلبات المتنوعة في أسواق الدفاع الدولية.
وفي عام 2022، أبرمت هانوا صفقة بقيمة 1.7 مليار دولار مع مصر لتزويدها بأسطول من مدافع K9، ومركبات إمداد الذخيرة K10، وأنظمة السيطرة على النيران K11. ومن المتوقع أن تُسلّم وحدات K9A1EGY الأولى، التي يُنتظر أن تعمل بهذا المحرك الجديد، بحلول أوائل عام 2026.
انتشار النظام في أوروبا الشرقية
بينما يقوم نظام K9 بإحداث ضجة في أوروبا الشرقية، فقد دمجت بولندا وإستونيا وتركيا النظام في مخزوناتها، بينما تستعد رومانيا لتكون أحدث عضو في الناتو ينضم إلى عائلة K9.
مشروع تعزيز الدفاع الروماني
في منتصف عام 2024، بدأت رومانيا مشروع تعزيز دفاع كبير من خلال توقيع صفقة مع كوريا الجنوبية لشراء مدافع K9 الذاتية الدفع. وقد شمل هذا الاتفاق عدة معالم رئيسية، بما في ذلك الكميات والمعايير المالية.
يشمل الاتفاق إنشاء منشأة إنتاج لشركة هانوا على الأراضي الرومانية، ليس فقط لتصنيع وحدات K9 ولكن أيضًا لتكون بمثابة مركز محتمل لإنتاج مركبات المشاة الحاملة Redback في المستقبل.
تفاصيل الصفقة
أُعلن عن الصفقة لأول مرة في 19 يونيو 2024، عندما تم الإبلاغ عن خطط رومانيا لشراء مدافع K9 في صفقة قدرت بحوالي 920 مليون دولار، مما يجعلها أكبر مشروع استحواذ على الأسلحة في رومانيا خلال السنوات السبع الماضية.
تم اتخاذ قرار شراء هذه المدافع بعد قمة عُقدت في أبريل 2024 بين الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك-يول ورئيس رومانيا كلاوس يوهانيس في سيول، حيث التزم الزعيمان بتعزيز التعاون بين صناعة الدفاع في بلديهما.
الاتفاقيات والآفاق المستقبلية
تأكدت تفاصيل العقد في 9 يوليو 2024، حيث وافقت هانوا إيروسبيس على تزويد رومانيا بـ 54 مدفع K9 ذاتي الدفع و36 مركبة إمداد ذخيرة K10. كما شمل هذا الصفقة الذخيرة ومركبات الدعم، لتوسيع نطاق التعاون إلى أبعد من أنظمة المدفعية.
وعبّرت هانوا إيروسبيس عن تفاؤلها بشأن هذه الصفقة، مُشيرة إلى أن رومانيا ستصبح الدولة العاشرة التي تشغل مدافع K9، مما يعزز مجتمع المستخدمين الدوليين لهذا النظام.
الشراكات الاستراتيجية
وُضحت تصريحات الجانبين التزامهما بتعميق الروابط الدفاعية، حيث سلطت الإدارة الكورية لشراء الدفاع [DAPA] الضوء على الصفقة كدليل على الشراكة المتنامية بين البلدين، خاصة في التكنولوجيا والصناعة الدفاعية.
تُعد مدافع K9، المعروفة بقدراتها المتقدمة مثل الدقة طويلة المدى ومعدلات الإطلاق السريعة، مُتوقع أن تعزز من قوة رومانيا في المدفعية. وقد شمل الاتفاق تصنيع الدفعة الأولى من المدافع في كوريا الجنوبية، مع خطط لإنتاج إضافي في رومانيا من خلال نقل التكنولوجيا.
مستقبل التكنولوجيا الدفاعية
هذا الاستحواذ يُعد خطوة استراتيجية لا تتعلق فقط بالأسلحة، بل تُسهم في بناء شراكة دفاعية طويلة الأمد. يتطلع الطرفان إلى توسيع التعاون في التكنولوجيا الدفاعية واللوجستيات، وربما في مجالات ذات اهتمامات مشتركة أخرى مثل الفضاء.
خصائص المدفع K9
يمتلك مدفع K9 محركًا قوته 1000 حصان، مما يتيح له سرعة الحركة في ساحة المعركة تصل إلى 67 كم/ساعة. بالإضافة إلى ذلك، يوفر مدفع 155 ملم/52 عيار قوة نارية بمدى أقصى يبلغ 40 كم. ويعمل النظام بخلال طاقم مكوّن من خمسة أفراد، مما يحسّن من مدى فعاليته في الاشتباكات السريعة وعالية الكثافة.
حاليًا، يهيمن المدفع K9 على سوق المدفعية العالمية ذات المسار المدعوم، مع أكثر من 1800 وحدة قيد الخدمة عبر تسع دول. ومن بين هذه الدول، اعتمدت خمس دول من أعضاء الناتو النظام، مما يمنح هانوا حصة سوقية قدرها 50% من سوق المدافع الذاتية الدفع العالمية.
تطورات مستمرة
يستمر المدفع K9 في التطور، مع وجود تحديثات من الجيل التالي في الأفق لتعزيز السيطرة على النيران، والحركة، وقدرات الحرب الشبكية. ومع قدرة هذا المدفع على إطلاق ست إلى ثماني قذائف في الدقيقة، فإنه لا يزال يُعتبر مُغيرًا لقواعد اللعبة في ساحة المعركة، مما يُشير إلى تشكيل مستقبل الحرب المدفعية الحديثة.
