الأحد 9 مارس 2025
spot_img

السكان يعيشون في بيوت جليدية ولا يعرفون الأطعمة النباتية

ليل يستمر 6 أشهر في القطب الشمالي!

يتعرض الجليد الممتد على مساحة 14 مليون كيلومتر مربع في القطب الشمالي للذوبان بوتيرة سريعة لتأثره الكبير بتداعيات التغير المناخي الذي يشكل تهديداً خطيراً للمنطقة التي تضم المناطق الشمالية من 8 دول في أوروبا وأميركا الشمالية.

القطب الشمالي.. جليد بلا أرض

يمثل القطب الشمالي أقصى منطقة في نصف الكرة الأرضية الشمالي، ويقع في وسط المحيط المتجمد الشمالي، وفوق المياه المغطاة بالجليد، حيث لا توجد أرض تحت الجليد، وإنما صفائح جليدية، ويتراوح سمك الجليد ما بين 2 إلى 3 أمتار، ويبلغ عمق المحيط المتجمد أكثر من 4000 متر.

دول القطب الشمالي

ويضم القطب الشمالي المناطق الشمالية من النروج، والسويد، وفنلندا، وأيسلندا، والدنمارك، وكندا، وروسيا، وجزءاً من ولاية ألاسكا بالولايات المتحدة الأميركية، واتفقت الدول الثماني المطلة على المنطقة القطبية الشمالية خلال عام 1996 على تشكيل ما يُعرف بـ “مجلس القطب الشمالي” الذي يضم منظمات تمثل السكان الأصليين، ويهدف إلى معالجة القضايا التي تواجه المنطقة والسكان الأصليون.

وتُعد جزيرة غرينلاند أقرب نقطة للقطب الشمالي، وهي أكبر جزيرة في العالم، وتمثل دولة مستقلة داخل مملكة الدنمارك، وتُعرف بـ “إقليم الحكم الذاتي الدنماركي”.

يتغير موقعه 30 قدماً كل 7 سنوات

بحسب أبحاث ودراسات مجموعة من العلماء، تبين أن موقع القطب الشمالي يتغير قليلاً مع مرور الوقت، بسبب أنه يتقاطع مع محور الأرض الذي يميل بشكل خفيف، وهو ما يجعل موقعه، بحسب تقديرات العلماء، يتغير حوالي 30 قدماً كل سبع سنوات، وتُعرف النقطة الدقيقة للقطب الشمالي في أي لحظة بـ “القطب اللحظي”.

أول رحلة برية

تم اكتشاف القطب الشمالي في 6 أبريل 1909 على أيدي المستكشف الأميركي، روبرت إي بيري، وهو يُعد أول من وصل إلى المنطقة، وفي عام 1968 جرت أول رحلة برية إلى القطب الشمالي بواسطة عربة ثلجية بقيادة الأميركي رالف بلاستيد.

14 مليون كم² جليد

تتباين مساحة الغطاء الجليدي في القطب الشمالي حسب فصول السنة، فخلال فصل الشتاء يُعاد تكوين الغطاء الجليدي حتى تصل مساحته في شهر مارس إلى 14 مليون كيلومتر مربع، ويختلف الوضع خلال فصل الصيف، حيث يذوب الجليد وينحسر إلى أقل من 5 ملايين كيلومتر مربع في شهر سبتمبر، مع العلم أن هذا الاتجاه يتسارع بشكل لافت بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

31 درجة مئوية تحت الصفر

لا يُعد القطب الشمالي أبرد مكان في الكرة الأرضية، وإنما القارة القطبية الجنوبية المعروفة بـ “أنتاركتيكا”، والواقعة في القطب الجنوبي هي أبرد مكان على ظهر كوكب الأرض، حيث يقع القطب الجنوبي فوق صفيحة سميكة جداً من الجليد، بينما يتكون القطب الشمالي من طبقة جليدية رقيقة تلامس سطح البحر، وبالتالي يقع على ارتفاع منخفض من مستوى سطح البحر، وهو ما يسمح له بامتصاص الحرارة من المحيط المتجمد الشمالي.

وتختلف درجات الحرارة في القطب الشمالي حسب فصول السنة، ففي فصل الشتاء يمكن أن تنخفض درجة الحرارة لتصل إلى 31 درجة مئوية تحت الصفر، وفي الصيف يكون أكثر دفئاً، وتصل درجة الحرارة في شهر يوليو إلى 0 درجة مئوية.

ظواهر جوية غريبة

يشهد القطب الشمالي العديد من الظواهر الجوية الغريبة والمدهشة، ومنها ظاهرة سطوع الشمس على مدى 24 ساعة في اليوم خلال فصل الصيف، حيث لا تغيب الشمس في القطب الشمالي خلال فصل الصيف. أما في فصل الشتاء فيحل الظلام الدامس طوال الـ24 ساعة، حيث لا تشرق الشمس في القطب الشمالي خلال فصل الشتاء، إذ تكون الشمس فوق الأفق في فصل الصيف، وتحت الأفق في فصل الشتاء.

ويحصل شروق الشمس مرة واحدة في اعتدال شهر مارس، ويحصل الغروب أيضاً مرة واحدة في اعتدال شهر سبتمبر، ويرجع ذلك إلى أن الأرض تدور على محور مائل أثناء دورانها حول الشمس.

وبناء على ذلك، تقضي كل من النرويج، وألاسكا، ودول الدائرة القطبية الشمالية ستة شهور من النهار، وستة شهور من الليل في ظلام شبه كامل، وذلك بسبب الزاوية التي تسقط فيها أشعة الشمس على هذا الجزء من الأرض.

خطر قادم

يُعد القطب الشمالي من أكثر مناطق كوكب الأرض تأثراً بتداعيات التغير المناخي الناجم عن الاحتباس الحراري، حيث ترتفع درجة حرارته بشكل أسرع من بقية مناطق الكوكب، فقد زاد متوسط درجات حرارة الهواء السنوية في القطب الشمالي بنحو درجتين مئويتين بين عامي 1970 و2010، مقارنة بـ 0.6 درجة مئوية للكوكب بأسره، وعلى سبيل المثال أصبحت درجات الحرارة في فصل الصيف في القطب الشمالي الكندي حالياً أعلى من أي وقت مضى خلال الـ44 ألف سنة الماضية.

وكانت دراسات نُشرت في مجلة “نيتشر”العلمية قد كشفت أن ذوبان الجليد في القطب الشمالي يطلق كميات هائلة من الغازات الدفيئة، وهو ما يشكل تهديداً على كوكب الأرض بشكل عام، مشيرة إلى ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي بوتيرة أسرع تحت تأثير تغير المناخ بمقدار 2 إلى 3 درجات مئوية مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي، وقد سجلت المنطقة سلسلة أوضاع جوية غير طبيعية.

وخلال عامي 2007 و2016، شهدت التربة الصقيعية بالقطب الشمالي ارتفاعاً في درجة الحرارة بمقدار 0.4 درجة مئوية في المتوسط، مما يثير مخاوف بشأن المعدل السريع لذوبان الجليد وإمكانية إطلاق الكربون، وذلك بحسب دراسة أعدتها الباحثة كيمبرلي ماينر بمركز بحوث الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) التي تتوقع الدراسة فقدان حوالي 4 ملايين كيلومتر مربع من التربة الصقيعية بحلول عام 2100، حتى لو تم لجم الاحترار المناخي.

وتوقع تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي بمقدار 3.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، ولكنه أكد في نفس الوقت امكانية خفض معدل الاحترار في القطب الشمالي بنسبة تصل إلى الثلثين بحلول 2050 من خلال التنفيذ الفوري للتدابير العالمية للحد من ملوثات المناخ قصيرة العمر.

وتحتوي التربة المجمدة في القطب الشمالي على نحو 1672 مليار طن متري من الكربون، وبالتالي من المتوقع أن تساهم زيادة الذوبان بشكل كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان.

بيوت جليدية

تعيش بعض القوميات في مناطق القطب الشمالي، أبرزها قومية الإسكيمو، وقومية “اللابيون”، وشعب ياكوت “ساخا”، بالإضافة إلى شعوب صغيرة في شمال روسيا تُعرف بـ “نينيتس” و”أليوطيون”.

ويُعد الأسكيمو السكان الأصليون في المناطق القطبية وشبه القطبية في جزيرة غرينلاند، وشمال كندا، وألاسكا، وشمال شرق سيبيريا الروسية، ويشتهرون بالقامة القصيرة والجسم الممتلئ، وتشير بعض الدراسات أن كلمة “الأسكيمو” تعني الأفراد الذين يرتدون الأحذية الثلجية.

وإرتبطت قومية الأسكيمو بنمط حياة خاصة يتناسب مع البيئة شديدة البرودة، حيث يعتمدون على لحوم الحيتان والأسماك، فضلاً عن اصطياد الحيوانات البرية، ولا يعرفون الأطعمة النباتية، وكانوا يستخدمون الكلاب كوسيلة برية للتنقل. أما ملابسهم فكانت في البداية مصنوعة من فراء الحيوانات التي يصطادونها، ويعيشون في بيوت جليدية، وخيام الحيوانات الجلدية.

وبعدها تطورت سبل الحياة بعض الشيء، حيث تبدلت العربات التي تجرها الكلاب بعربات الثلوج، وأصبحوا يستخدمون البنادق بدلاً من الحربات في اصطياد الحيوانات البرية والحيتان، وأصبحت الملابس تباع في المتاجر، وترك بعضهم مهنة الصيد واتجهوا إلى مهن أخرى.

طيور تشبه البطريق

تعيش في القطب الشمالي العديد من أنواع الأسماك والحيوانات والطيور، مثل الحوت القاتل، والحوت الأحدب، والحوت الأبيض، والثعلب القطبي، ورنة سفالبارد، وحريش البحر الذي تستخدم قبائل الإسكيمو لحومه ونابه وجلوده الغنية بفيتامين سي في حياتهم اليومية.

أما البطريق فلا يعيش في القطب الشمالي، وإنما يعيش في القطب الجنوبي، ولكن توجد أنواع من الطيور تشبه البطريق تعيش في القطب الشمالي تُسمى بـ “الأوك”، و”جيليموت”، و”بفن”.

ويتميز النظام البيئي تحت سطح البحر في القطب الشمالي بأنه أكثر تنوعاً من الجليد فوقه، حيث يوجد الجمبري، وشقائق النعمان البحرية، والقشريات الصغيرة، والفقمات الحلقية التي تعد فريسة للدببة القطبية التي تتجول في المنطقة، فضلاً عن سمك القد القطبي الشمالي وهو سمك صغير يوجد عادة بالقرب من قاع البحر بالقرب من مصادر طعامها كالجمبري والقشريات الصغيرة.

30% من احتياطي النفط

يمتلك القطب الشمالي العديد من الموارد الاقتصادية، حيث تشير بعض التقديرات إلى أنه يحتوى على 30% من احتياطي النفط فى العالم. كما يؤدي الذوبان المتسارع للجليد إلى فتح ممرات بحرية جديدة تؤدي دوراً مهماً في التجارة الدولية. كما أن إمكانية وجود طريق للتجارة بين أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا عبر القطب الشمالي تجعل منه منطقة ذات قيمة اقتصادية كبيرة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك