شهدت الأجواء فوق خليج غدانسك، يوم 11 فبراير الجاري، انتهاكًا للسيادة الجوية البولندية من قبل طائرة قاذفة روسية من طراز سو-24MR، مما أدى إلى استجابة سريعة من القوات العسكرية البولندية. الطائرة، التي أقلعت من منطقة كالينينغراد، دخلت المجال الجوي البولندي في تمام الساعة 2:09 بعد الظهر، حيث تجاوزت الحدود بمقدار 6.5 كيلومتر تقريبًا. واستمر الانتهاك لفترة تتجاوز الدقيقة، لكن ذلك كان كافيًا لتفعيل أنظمة الدفاع الجوي في بولندا.
التحقق والتتبع
أكدت قيادة العمليات البولندية أن الحادث تم رصده وتتبع مساره بواسطة أنظمة الرادار في الوقت الحقيقي. وقد دخلت القاذفة الروسية الأجواء البولندية فوق الجزء الشرقي من خليج غدانسك، ومرت في المياه الإقليمية لفترة قصيرة لا تتجاوز 72 ثانية قبل أن يتم تصحيح مسارها. وذكرت السلطات البولندية أن الانحراف عن المسار كان ناتجًا عن عطل في نظام الملاحة على متن السو-24MR.
🇵🇱🇷🇺 | Russian Sukhoi Su-24MR tactical reconnaissance jet violated the Polish airspace in the Bay of Gdansk area of Tuesday.
According to Polish military statement, the Russian plane penetrated the Polish airspace "to a maximum depth of 6.5 km" and stayed in it for over a… pic.twitter.com/RfunFu8UaE
— Status-6 (Military & Conflict News) (BlueSky too) (@Archer83Able) February 11, 2025
يعكس هذا الانتهاك القصير استمرار الضعف في الأجواء في المنطقة، رغم عدم تسجيل أي حوادث إضافية. قوات الدفاع الجوي ووحدات الرادار البولندية، التي كانت في حالة تأهب عالية بسبب الضربات الجوية الروسية المستمرة على أوكرانيا، قامت بسرعة بتفعيل أنظمتها لضمان عدم تصعيد الموقف. وأكد الجيش البولندي أنه يظل في حالة استنفار دائم لحماية مجاله الجوي، وأن هذا الحادث الأخير يبرز ضرورة جاهزيتهم المتزايدة.
ردود الفعل والمراقبة المستمرة
أكد الجانب الروسي حدوث الانتهاك، مبررًا ذلك بعطل في نظام الملاحة الخاص بالقاذفة. ورغم أن مدة الاختراق كانت قصيرة، فإن الحادث يعد تذكيرًا صارخًا بالتوترات في الأجواء الأوروبية وبحاجة إلى ردود فعل سريعة تجاه التهديدات الأمنية المحتملة. مع تصاعد التوترات، تواصل الجانبان مراقبة الديناميات المتغيرة للاشتباكات الجوية على طول حدود الناتو.
تصاعد الانتهاكات الجوية
على مدار العامين الماضيين، قامت الطائرات العسكرية الروسية بتكرار انتهاكات المجالات الجوية الدولية، مما أدى إلى تصاعد التوترات مع الناتو والدول المجاورة. وتنوعت هذه الانتهاكات بين الاقتحامات البسيطة والأحداث الدبلوماسية الكبيرة، مما عزز المخاوف بشأن تصاعد حدة روسيا في الأجواء المتنازع عليها.
في أحد أبرز الحوادث، عبرت طائرة مقاتلة روسية من طراز سو-27 إلى المجال الجوي السويدي في أوائل 2023، مما اضطر الطائرات السويدية للاعتراض. كان هذا الحدث مقلقًا بشكل خاص نظرًا لقرب المجال الجوي السويدي من مناطق حساسة على الجبهة الشمالية للناتو، حيث أدانت السلطات السويدية الانتهاك بسرعة.
زيادة الجميلة والطائرات المُسيّرة
شهدت الأشهر التالية سلسلة من الانتهاكات المماثلة عبر دول البلطيق، بما في ذلك انتهاك عدواني لقاذفة روسية في أواخر 2023، حيث دخلت المجال الجوي الفنلندي أثناء تدريب روتيني للناتو. استجابت القوات الجوية الفنلندية بسرعة، لكن الانتهاك أثار قلق وزارة الدفاع الفنلندية بشأن قدرة روسيا على تحدي حدود الناتو الشرقية.
Informujemy, że w dniu 11 lutego 2025 roku o godz. 14.09 we wschodniej części Zatoki Gdańskiej doszło do naruszenia przestrzeni powietrznej nad wodami terytorialnymi RP przez samolot Su-24MR Sił Zbrojnych Federacji Rosyjskiej.
Samolot, który wykonywał lot z Obwodu… pic.twitter.com/Y0dVv9fT4r
— Dowództwo Operacyjne (@DowOperSZ) February 11, 2025
في حادث آخر لفت الانتباه الدولي، تم رصد قاذفة روسية من طراز تو-95 تحلق بالقرب الخطير من المجال الجوي البريطاني في صيف 2024. استجابت سلاح الجو الملكي البريطاني بإرسال طائرات تايفون، لكن القاذفة انحرفت قبل عبور حدود المملكة المتحدة.
استراتيجية المراقبة والتصدي
أبرز هذا الحادث تزايد تردد القاذفات الاستراتيجية الروسية من طرازات بعيدة المدى لاختبار دفاعات الناتو الجوية. وقد اعتقد المحللون أن هذه المناورات كانت تهدف لاستكشاف أوقات رد الناتو وجمع المعلومات حول أنظمة الدفاع الجوي.
ازداد القلق بشأن انتهاكات الأجواء بسبب الاستخدام المتزايد للطائرات المُسيّرة الروسية. في مارس 2024، تم الإبلاغ عن دخول طائرة مسيرة روسية إلى المجال الجوي الروماني. وقد تم اعتراض الطائرة بواسطة مقاتلات F-16 رومانية بعد انحرافها بعيدًا إلى منطقة محمية من ناتو.
تنسيق العمليات الجوية
استدعت رومانيا بسرعة احتجاجًا رسميًا لدى موسكو مطالبة بتفسير. ورغم أن الانتهاك عُزى إلى خطأ في الملاحة، إلا أنه زاد من التوترات في منطقة على حافة النزاع بسبب الصراع المستمر في أوكرانيا.
بحلول منتصف 2024، أصبحت هذه الحوادث تتجاوز كونها أحداثًا معزولة. أصبحت الطائرات الروسية، بدءًا من المقاتلات إلى القاذفات بعيدة المدى والطائرات المُسيّرة، تمثل وجودًا دائمًا على محيط الناتو. وقد أصبح رد الناتو والدول الأعضاء فيه أكثر تنسيقًا، حيث أصبحت عمليات الشرطة الجوية نمطا شائعا في مناطق مثل بحر البلطيق وبحر الأسود.
على الرغم من أن العديد من هذه الانتهاكات الجوية قد تم مواجهتها بردود سريعة، فإنها تبرز واقعًا جيوسياسيًّا أكبر: روسيا تختبر حدود دفاعات الناتو، والتحالف يتكيف لمواجهة هذه التحديات.
التطورات التكنولوجية
تشير الزيادة المتكررة لهذه الانتهاكات إلى أن قدرات الدفاع الجوي للناتو ستحتاج إلى التطور بسرعة، سواء من حيث التكنولوجيا أو تكتيكات الاستجابة، لمواجهة الجيش الروسي الأكثر حدة. تبقى الموقف متقلبًا، وتستمر مخاطر الأخطاء في الحسابات.
تعتبر سو-24MR نموذجاً مخصصاً للاستطلاع للطائرة سو-24، التي تم تصميمها في الأصل كقاذفة تكتيكية لمهام الضرب السريعة على ارتفاعات منخفضة. تم تطوير هذا النموذج خصيصاً ليعمل في أدوار الاستطلاع الجوي والحرب الإلكترونية، تلبيةً للاحتياجات التي نشأت خلال فترة الحرب الباردة عندما سعى الاتحاد السوفيتي لتعزيز قدراته في جمع المعلومات الاستخباراتية.
خصائص الطائرة سو-24MR
على الرغم من اعتمادها على هيكل السو-24 القوي، تتميز سو-24MR بمعداتها وأجهزة الاستشعار المتخصصة، مما يجعلها أداة فريدة في كل من مراقبة السلم وصنع القرار القتالي. تحتفظ سو-24MR بمميزات سلسلة السو-24 التقليدية: تصميم جناح قابل للطي، مقعد ثنائي للطيّار والملاح، وقدرتها على الطيران على ارتفاعات منخفضة بسرعات عالية، وهي خصائص مهمة للاختراق عبر دفاعات العدو وتجنب الكشف. لكن الوظيفة الأساسية لنموذج MR تركز على جمع المعلومات الاستخباراتية.
تم تجهيزها بمجموعة من أنظمة الاستطلاع الضوئية والإلكترونية. يعد نظام الرادار المتطور أحد أهم مكوناتها، حيث يمكنه تصوير عالي الدقة ورصد الأرض والتقاط الإشارات الإلكترونية. يجعل هذا من طائرة سو-24MR ليس مجرد منصة مراقبة سلبية، بل مشارك فعّال في حرب المعلومات، قادرة على تشويش رادارات العدو والاتصالات إذا لزم الأمر.
أيضاً مزودة بكاميرات ضوئية وأشعة تحت الحمراء متنوعة، قادرة على التقاط صور لمساحات شاسعة في أثناء النهار والليل. مما يمكّن السو-24MR من جمع معلومات استخباراتية دقيقة بغض النظر عن الظروف الجوية.
الدفاع والتجهيزات الإلكترونية
أحد الجوانب الأساسية لمعدات طائرة سو-24MR هو قدرتها على حمل مجموعة متنوعة من الحمولات الاستخباراتية، بما في ذلك الأنظمة الضوئية والإلكترونية. هذه الحمولات مرنة وقابلة للتغيير حسب المهمة، مما يجعل السو-24MR منصة متعددة الاستخدامات في سياقات الحروب التقليدية وغير التقليدية.
يتضمن تجهيزها أيضًا أنظمة معالجة بيانات متطورة تسمح للطائرة بسرعة تحليل ونقل المعلومات الاستخباراتية إلى محطات أرضية أو مراكز قيادة، مما يوفر للقادة معلومات قابلة للتنفيذ في الوقت القريب من الحقيقي.
يتم تعزيز نظام الرادار في سو-24MR بقدرتها على تنفيذ مهمات الاستخبارات الإلكترونية [ELINT]. يسمح هذا النظام باعتراض إشارات رادارات العدو، مما يمكن الطائرة من تحديد وتقييم مواقع الرادار المعادية ومواقع الصواريخ وغيرها من البنى التحتية الحيوية.
تعتبر تلك القدرة حيوية ليس فقط لجمع المعلومات الاستخباراتية، ولكن أيضًا لتوفير بيانات الاستهداف لطائرات أخرى أو أنظمة صواريخ في المنطقة. يمكن لمستشعرات نموذج MR تحديد وتصنيف مجموعة واسعة من الإشعاعات الإلكترونية، والتي يمكن استخدامها لتقييم شبكة دفاعات العدو الجوية وضبط التكتيكات على أساس ذلك.
التحديثات والتكنولوجيا الجديدة
تعزز القدرات الدفاعية للطائرة سو-24MR من خلال مجموعة الحرب الإلكترونية، التي تشمل أجهزة التشويش والتدابير المضادة المصممة لتعطيل رادارات العدو وأنظمة توجيه الصواريخ. تهدف هذه المعدات إلى مساعدة الطائرة في البقاء على قيد الحياة في البيئات المتنازع عليها حيث تكون الدفاعات الجوية فعالة.
بالإضافة إلى ذلك، تتميز الطائرة سو-24MR بكابينة حديثة بها شاشات رقمية، مما يعزز الوعي بالموقف لطاقمها ويعزز قدرة الطائرة على التنقل في البيئات المعقدة والعالية التهديد.
على الرغم من أنها تستند إلى هيكل قديم، إلا أن السو-24MR تم تحديثها بانتظام بتقنيات جديدة لضمان بقائها ذات فائدة في سيناريوهات القتال الحديثة. وقد ركزت الترقيات على تحسين تقنيات الطيران والاتصالات ورادار الطائرة.
تضمن هذه التحديثات بقاء السو-24MR أداة فعالة في عمليات الاستطلاع الحديثة، سواء كانت تعمل في جمع المعلومات الاستخباراتية الإستراتيجية أو تقديم الدعم في ساحة المعركة للقوات الأرضية.
فيما يتعلق بالتاريخ التشغيلي، تم نشر السو-24MR في نزاعات مختلفة، بما في ذلك دعم العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا وسوريا. وقدرتها على العمل في البيئات المتنازع عليها وجمع المعلومات الاستخباراتية ودعم الأصول العسكرية الأخرى في الوقت الحقيقي تجعلها جزءًا حيويًا من استراتيجية جمع المعلومات الاستخباراتية الروسية.
الإمكانات المتنوعة للطائرة
تمتد مرونتها أيضًا إلى قدرتها على العمل من مجموعة واسعة من القواعد الجوية، بما في ذلك المواقع المتقدمة والصعبة، مما يمنحها ميزة فريدة في ميادين المعركة المتغيرة بسرعة. على الرغم من أن سو-24MR مصممة أساسًا للاستطلاع، إلا أنها تشترك في العديد من الميزات مع نظرائها في الضربات. يمكنها حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة، على الرغم من أن هذه عادةً لا تُستخدم خلال مهام الاستطلاع.
تتيح هذه القدرة ذات الاستخدام المزدوج أن تتحول بسرعة السو-24MR من دور جمع المعلومات الاستخبارية إلى دور قتالي إذا دعت الحاجة. تمثل هذه المرونة ميزة كبيرة في الأوضاع القتالية الديناميكية حيث قد يتغير المهمة بسرعة.
تم تصميم الطائرة سو-24MR مثل العديد من الطائرات العسكرية الروسية لتحمل البقاء والقدرة على التحمل. توفر تكوينها المكون من محركين، هيكلها القوي، وقدرتها على التشغيل في ظروف جوية صعبة وعند ارتفاعات منخفضة درجة من المقاومة ضد دفاعات العدو الجوية.
بينما تفتقر إلى قدرات التخفي للطائرات الحديثة، فإن سرعة ومقدرة سو-24MR على الطيران على ارتفاعات منخفضة يمكن أن يساعدها على تفادي الاعتراض في سيناريوهات معينة. وتتيح لها قدرة الطائرة على العمل من مدرجات قصيرة وعشوائية أن تصبح أداة ذات مرونة كبيرة، قادرة على الانتشار في مجموعة متنوعة من الميادين العملياتية.