الأربعاء 12 مارس 2025
spot_img

هل مصر تسلمت أول دفعة من مقاتلات J-10CE الصينية؟ الأدلة والتكهنات

في ظل سعي مصر المستمر لتحديث قواتها الجوية وتعزيز قدراتها الدفاعية، تزايدت التقارير التي تشير إلى احتمالية حصولها على مقاتلات J-10CE الصينية. ورغم عدم صدور إعلان رسمي من القاهرة أو بكين حتى الآن، فإن هناك مؤشرات تدعم هذا الافتراض، ما يثير تساؤلات حول مدى صحة هذه المعلومات وأبعادها الاستراتيجية.

أدلة تدعم الصفقة

أحد أبرز الأدلة التي أثارت التكهنات كانت صورة نشرها Húrin على منصة X، تُظهر مقاتلتين من طراز J-10CE أثناء تحليقها، مؤكدا حصول مصر عليها. ورغم عدم تحديد مكان التقاط الصورة، فقد فُسرت على أنها مؤشر على بدء تسليم المقاتلات إلى مصر.


إلى جانب ذلك، أشارت تقارير سابقة إلى أن مصر وقعت اتفاقية مع الصين في 19 أغسطس 2024 للحصول على هذه الطائرة المتطورة، كما عُرضت المقاتلة خلال معرض مصر الدولي للطيران في سبتمبر 2024، ما عزز التكهنات حول ارتباط الحدث بصفقة فعلية.

لماذا قد تتجه مصر إلى J-10CE؟

تمتلك مصر واحدة من أكبر أساطيل مقاتلات F-16 في العالم، لكنها تعاني من قيود أميركية تحرمها من الحصول على صواريخ جو-جو بعيدة المدى مثل AIM-120 AMRAAM. في المقابل توفر الصين صواريخ PL-15، التي تمنح مصر قدرة قتالية متقدمة دون قيود سياسية، وهو ما قد يكون أحد الدوافع الرئيسية وراء التوجه نحو المقاتلة الصينية.

هل هناك تأكيد رسمي؟

حتى الآن، لم تؤكد القاهرة أو بكين الصفقة بشكل رسمي، والمعلومات المتاحة تستند إلى مصادر غير رسمية، ومع ذلك فإن نمط التسليح المصري خلال السنوات الأخيرة، الذي يشمل شراء رافال الفرنسية وميج-29 الروسية، يعكس سياسة تنويع مصادر السلاح المصري، ما يجعل الحصول على J-10CE احتمالًا مؤكدا ومنطقيًا.

تأتي خطوة مصر في الحصول على مقاتلات J-10CE كتحول كبير في استراتيجيتها العسكرية، ما يعكس الاتجاه الأوسع نحو تنويع شراكاتها الدفاعية بعيدًا عن الموردين التقليديين، وخاصة الولايات المتحدة.

اتفاقية الشراء

تشير التقارير إلى أن مصر وقّعت اتفاقية مع الصين في 19 أغسطس 2024 لشراء مقاتلات J-10CE، التي تنتمي إلى الجيل الرابع المتقدم، والمعروفة باسم “التنين النشيط”. ويهدف هذا التحرك إلى إحلال المقاتلات الأمريكية F-16 الأقدم، والتي تعاني من قيود تسليحية فرضتها الولايات المتحدة.

تمثل هذه الصفقة نقلة نوعية في استراتيجية التسليح المصرية، حيث تصبح مصر ثاني زبون دولي لهذه المقاتلة بعد باكستان، مما يعكس تنامي العلاقات العسكرية بين القاهرة وبكين، لا سيما بعد انضمام مصر إلى مجموعة BRICS بقيادة الصين في وقت سابق من العام نفسه.

أداء J-10C وإمكانياتها

ورغم غياب إعلان رسمي بشأن الصفقة من أي من الطرفين، فقد تعززت التكهنات بعد الظهور البارز لمقاتلات J-10C في أول معرض دولي للطيران في مصر في سبتمبر 2024، حيث قدمت أول استعراض جوي لها في إفريقيا.

تم تطوير J-10C بواسطة شركة تشنغدو لصناعة الطائرات، وتتميز بتقنيات متقدمة، مثل رادار مصفوفة المسح الإلكتروني النشط (AESA)، وأنظمة إلكترونيات طيران حديثة، بالإضافة إلى قدرتها على حمل مجموعة واسعة من الأسلحة، تشمل صواريخ PL-10 وPL-15 جو-جو، ما يمنحها قدرات قتالية متقدمة على مسافات بعيدة.

التوجهات الجيوسياسية

يأتي توجه مصر نحو المقاتلات الصينية في سياق تحولات جيوسياسية بارزة. فقد اعتمدت القاهرة لعقود على الأسلحة الأمريكية، وتمتلك واحدة من أكبر أساطيل F-16 في العالم، لكن هذه الطائرات مزودة بأنظمة قديمة وتفتقر إلى صواريخ جو-جو بعيدة المدى، نتيجة القيود الأمريكية المرتبطة بالتوازن الإقليمي، خصوصًا في ظل تحالف واشنطن مع الاحتلال الإسرائيلي.

في المقابل، توفر الصين مرونة أكبر في مبيعات الأسلحة، حيث لا تفرض قيودًا سياسية صارمة، مما يمنح مصر خيارات أوسع في تطوير قدراتها العسكرية. ويأتي هذا التوجه في إطار استراتيجية مصر الأشمل لتنويع مصادر تسليحها، وتقليل الاعتماد على الأنظمة الغربية، كما يتضح من صفقات سابقة شملت رافال الفرنسية وميج-29 الروسية.

توازن الشراكات العسكرية

لا يقتصر توجه مصر نحو الصين على صفقة J-10C، بل يأتي ضمن استراتيجية أوسع لتنويع مصادر التسليح، كما يتضح من شراء مقاتلات رافال الفرنسية وMiG-29 الروسية في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن دمج المقاتلات الصينية في الأسطول المصري المتنوع، الذي يضم منصات أمريكية وفرنسية وروسية، يفرض تحديات لوجستية تتعلق بالصيانة، والتدريب، وتكامل الأنظمة القتالية.

لكن في المقابل، توفر هذه الاستراتيجية مرونة تشغيلية، وتقلل من الاعتماد على مورد واحد، مما يمنح القاهرة استقلالية أكبر في اتخاذ قراراتها العسكرية. كما أن العلاقة المتنامية بين مصر والصين تتجاوز التعاون العسكري، لتعكس شراكة استراتيجية أوسع، خاصة بعد انضمام مصر إلى مجموعة BRICS وتعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين. وتُعتبر صفقة J-10C جزءًا من توجه استراتيجي نحو بكين، التي تقدم حلولًا عسكرية متطورة بتكلفة أقل ودون قيود سياسية صارمة.

آراء وتحليلات متباينة

أثارت هذه الخطوات ردود فعل متباينة على المستويين المحلي والدولي. ففي الداخل المصري، يرى البعض أن الحصول على J-10C يعزز استقلال القرار العسكري، ويوفر بدائل عملية للقيود الغربية المفروضة على مصر. في المقابل، هناك مخاوف من الانعكاسات طويلة المدى لهذا التحول، خاصة فيما يتعلق بتأثيره على العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة وحلفائها.

أما دوليًا، فتعكس هذه الصفقة النفوذ المتزايد للصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يُشكل تحديًا لموردي الأسلحة الغربيين، الذين طالما هيمنوا على تسليح الدول العربية. كما أن تعزيز قدرات مصر الجوية عبر صواريخ PL-15 بعيدة المدى يثير اهتمام القوى الإقليمية والدولية، بالنظر إلى التوازنات العسكرية في المنطقة.

مستقبل العلاقات العسكرية

يُعد انتقال مصر إلى الاعتماد على صواريخ PL-15 الصينية مؤشرًا واضحًا على رغبتها في امتلاك قدرات قتالية بعيدة المدى، وهو أمر تعذر تحقيقه عبر الشراكات الغربية. يُعتبر PL-15 أحد أكثر الصواريخ جو-جو تطورًا، حيث يمتلك مدى يصل إلى 300 كيلومتر في نسخته المحلية، ما يمنح مصر إمكانيات هجومية كبيرة.

ومع الرفض المتكرر من الولايات المتحدة وأوروبا لتزويده بصواريخ جو-جو بعيدة المدى، مثل AIM-120 AMRAAM الأمريكي أو MBDA Meteor الأوروبي، بسبب حسابات جيوسياسية. فإن توجه القاهرة إلى الصين لسد هذه الفجوة، يعيد تشكيل خارطة التحالفات العسكرية في المنطقة.

يشكل التعاون المتزايد مع الصين رسالة قوية تعكس اتساع الخيارات المتاحة لمصر في سياق الأمن الإقليمي. فمع سعي الجيش المصري لتعزيز قوة رادعة فعّالة، تؤكد هذه الخطوة أن مصر لم تعد مقيدة بالقيود الغربية على التسليح، بل باتت تمتلك مجالًا أوسع لاختيار شركائها العسكريين وفقًا لمصالحها الاستراتيجية، مما يمنحها مرونة أكبر في تأمين احتياجاتها الدفاعية وموازنة علاقاتها الدولية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك