تواجه جهود الاتحاد الأوروبي لتعزيز الحركة العسكرية العديد من التحديات البيروقراطية والاختناقات اللوجستية، مما يثير القلق حول قدرته على الاستجابة السريعة للتهديدات الناشئة. المشكلة تتجلى في تقرير حديث صادر عن محكمة المراجعة الأوروبية التي تشير إلى وجود عقبات هيكلية وتنظيمية تعيق تنفيذ خطة الحركة العسكرية.
تحديات الحركة العسكرية
رغم مرور سنوات من التخطيط، لا تزال القوات المسلحة الأوروبية تواجه صعوبات في نقل الأفراد والمعدات الثقيلة بين الدول الأعضاء. إن فكرة شبكة دفاعية متكاملة قادرة على الاستجابة للأزمات بشكل فوري ما زالت بعيدة المنال.
في الوقت الذي تم فيه اتخاذ بعض الخطوات لتحسين البنية التحتية للنقل وتبسيط إجراءات عبور الحدود، فإن التنفيذ كان متقطعًا، وما زالت الفجوات الحرجة قائمة دون معالجة.
تحذيرات الخبراء
حذر مارك أوبيو، أحد أعضاء محكمة المراجعة الأوروبية، من أن الحركة العسكرية تعتبر ضرورية لقدرات أوروبا الدفاعية. وأكد أن التقدم كان بطيئًا بسبب نقاط الاختناق اللوجستية، خاصة تلك المرتبطة بالقيود القانونية والتنظيمية.
أحد الأمثلة البارزة يتمثل في القيود المفروضة على الوزن على الطرق والجسور، مما يمكن أن يمنع الدبابات والمركبات الثقيلة من عبور الحدود الوطنية دون الحصول على موافقات مسبقة مطولة. هذه العقبات قد تعيق عمليات الانتشار السريع في حالات الأزمات الحقيقية.
العمل البيروقراطي
تشكل البيروقراطية عائقًا إضافيًا، حيث يتعين على دول الاتحاد الأوروبي تقديم طلبات تحرك عسكرية عبر الحدود قبل 45 يومًا على الأقل. في سيناريو حقيقي حيث تكون السرعة من الأمور الحيوية، يمكن أن تؤدي هذه التأخيرات إلى عواقب وخيمة.
مع تزايد التوترات الجيوسياسية، يشعر الاتحاد الأوروبي بضرورة حيوية لتحركات القوات السريعة. لكن الاستجابة كانت بطيئة منذ اعتماد خطة الحركة العسكرية الأولى في عام 2018.
التمويل والمخصصات
أحد أكثر القضايا المثيرة للقلق هو حالة التمويل، حيث خصص الاتحاد الأوروبي 1.7 مليار يورو لمبادرات الحركة العسكرية ضمن ميزانيته للسنوات 2021-2027، وهو مبلغ اعتبر بالفعل متواضعًا بالنظر إلى حجم التحدي.
ومع ذلك، تم تخصيص هذه الأموال بالكامل قبل الموعد المحدد، مع القليل من الأثر الواضح لتحقيق الأهداف. وهذا النقص المالي يترك فجوة واضحة في الاستعداد العسكري، دون حلول فورية في الأفق.
استدامة المشاريع
تفاقم المشكلة بسبب عدم وجود رؤية استراتيجية شاملة حول كيفية إنفاق هذه الأموال. بدلاً من التركيز على أكثر الممرات الضرورية للحركة العسكرية، تم توزيع التمويل عبر مشاريع متعددة دون خطة شاملة واضحة.
على الرغم من أن بعض التحديثات للبنية التحتية قد تمت في شرق أوروبا، إلا أن الممر الجنوبي، الحيوي لإمداد القوات وتعزيزاتها نحو أوكرانيا، تلقى استثمارًا محدودًا، مما ترك ثغرات لوجستية حرجة غير معالجة.
الحاجة للإصلاحات
تتزايد الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات، حيث يستمر الطلب على الحركة العسكرية بالتفوق على الوسائل المتاحة لدعمه. في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، يثير عدم القدرة على ضمان الانتشار السريع للقوات تساؤلات جدية حول قدرة أوروبا على ردع الخصوم المحتملين.
بينما تواصل المفوضية الأوروبية التأكيد على التزامها بتعزيز الحركة العسكرية، إلا أن الواقع على الأرض يكشف عن صورة مغايرة. دون وجود إصلاحات عاجلة، قد تجد القوات الأوروبية نفسها غارقة في معوقات بيروقراطية في اللحظة التي تكون فيها الحاجة إلى التحرك السريع في ذروتها.
قيود النقل العسكري
في الاتحاد الأوروبي، يتم تقييد حركة الدبابات الثقيلة بسبب اختلاف القوانين المتعلقة بالطرق وقيود البنية التحتية بين الدول الأعضاء. أدت هذه الحالة إلى وضع متناقض حيث تبقى بعض من أقوى الأصول العسكرية الأوروبية، وهي الدبابات، غير قادرة على التحرك عبر الطرق التي قد تحتاج إلى استخدامها للدفاع.
تشمل الدبابات الثقيلة في الاتحاد الأوروبي نماذج مثل “ليوبارد 2″ الألمانية، و”تشالنجر 2″ البريطانية، و”لوكلي” الفرنسية، التي يتجاوز وزنها غالبًا 60 طنًا. ومع ذلك، يمثل وزنها تحديًا كبيرًا لشبكة النقل في الاتحاد الأوروبي.
الطرق والجسور
في كثير من الأحيان، لم يتم تصميم الطرق والجسور والأنفاق في أوروبا لتحمل مثل هذه المركبات الثقيلة. فمثلاً، كانت البنى التحتية في شرق أوروبا، التي تطورت خلال الحقبة السوفيتية، قد بُنيت في الغالب لاستيعاب دبابات سوفيتية أخف وزنًا مثل “تي-72″، التي تزن حوالي 45 طنًا.
في بولندا، يعاني العديد من الأنهار وقلة الجسور المعززة، مما يجعل البلاد تواجه أحيانًا مشاكل مع قوانين الاتحاد الأوروبي المتعلقة بمراعاة المركبات الثقيلة. هذا الواقع يعقد التحركات السريعة للآليات العسكرية.
تحديات عابرة للحدود
امتدت التحديات لتشمل تحريك الدبابات من ألمانيا إلى رومانيا عبر جبال الكاربات، حيث أثبتت الطرق أنها غير مصممة لتحمل مثل هذه الأحمال الثقيلة.
تُظهر هذه الظروف مدى التعقيد المتزايد المرتبط بالممارسات اللوجستية اللازمة لضمان استجابة سريعة. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتحسين ذلك، فإن الواقع اليوم يذكرنا بأن الفجوة بين القدرة العسكرية والاستعداد اللوجستي لا تزال قائمة وغير مُعالجة.