تسلم غابرييل أتال، وزير التربية الفرنسي، اليوم الثلاثاء، مسؤولية رئيس وزراء فرنسا، خلفًا لإليزابيث بورن البالغة من العمر 62 عامًا، والتي قدمت استقالتها أمس الإثنين، بسبب الاضطرابات السياسية الأخيرة المتعلقة بقانون الهجرة والذي يعزز قدرة الحكومة على ترحيل الأجانب.
واختار إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي، “غابرييل أتال” البالغ من العمر 34 عامًا، ليكون رئيسًا لحكومته، ليصبح بذلك أول شخصية “شـ ـاذة” -علنا- من ميول مثلية الجنس يتولى هذا المنصب، حيث أعلن بنفسه في ديسمبر 2018 عن شـ ـذوذه الجنسي، وكذلك أصبح أيضا أصغر رئيس حكومة في تاريخ فرنسا، محطما الرقم القياسي للاشتراكي لوران فابيوس الذي عُين رئيسًا للوزراء عندما كان عمره 37 عامًا في عام 1984.
من أصول يهودية تونسية.. من هو غابرييل أتال؟
غابرييل أتال وُلِدَ في 16 مارس عام 1989 في بلدية كلامارت جنوب غرب ضواحي باريس، والده “إيف أتال” كان في البداية محاميًا ولكنه فيما بعد أصبح منتجًا للأفلام، وهو من أصول يهودية تونسية، بينما والدته “ماري دي كوريس” كانت موظفة في شركة إنتاج، وهي مسيحية أرثوذكسية من أصول يونانية.
نشأ غابرييل مع والدته وشقيقته، بعد انفصال والديه في عام 2000 في الدائرتين 13 و14 بباريس، وبسبب خلاف مع والده بين عامي 2010 و2013 ابتعد عنه وتوقف عن التواصل معه، لكنه عاد للتواصل مع والده قبل وفاته في نوفمبر 2015 بمرض السرطان عن عمر ناهز 67 عامًا.
نشأته التعليمية
تلقى أتال تعليمه الابتدائي والثانوي في المدرسة الألزاسية، وهي مدرسة خاصة تتعنى بتعليم النخبة في الدائرة السادسة بباريس، وكان رفيقه المقرب في الدراسية المغني جويس جوناثان، حيث قضوا سويًا عامين في نفس السكن.
ما بين عامي 2008 و2010، درس في جامعة بانتيون الثانية، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في القانون. ثم أكمل دراسته وحصل على درجة الماجستير في الشؤون العامة من معهد الدراسات السياسية في باريس خلال الفترة بين عامي 2007 و2013.
رئيس وزراء فرنسا.. نشأته السياسة
انضم أتال للحزب الاشتراكي في عام 2006، وشارك في دعم ترشيح سيجولين رويال في الانتخابات الرئاسية لعام 2007، كان ذلك أثناء دراسته في معهد الدراسات السياسية في باريس، وكان أتال من بين الأعضاء البارزين في الحزب الاشتراكي الذين أعربوا عن تأييدهم لفكرة إيمانويل ماكرون خلال تأسيس حركته.
وكان “أتال” من بين أوائل الاشتراكيين الذين انضموا إلى إيمانويل ماكرون عند تأسيس حزبه “إلى الأمام” في عام 2016، والذي قاده إلى الإليزيه.
اعترافه بشـ ـذوذه الجنسي
كان غابرييل أتال على علاقة عاطفية مع المغنية جويس جوناثان، ومنذ عام 2017 دخل في عقد مدني مع النائب الأوروبي ستيفان سيجورني، وأعلن في ديسمبر 2018 عن شــ ـذوذه الجنسي.
بدأ غابرييل أتال، مساره في الحكومة كسكرتير دولة لشؤون الشباب، ثم صعد السلم الوظيفي بسرعة ليصبح متحدثًا رسميًا باسم الحكومة، وبعد ذلك تولى مناصب وزارية، أولها وزارة الميزانية، ثم وزارة التربية الوطنية في يوليو الماضي.
ونجح أتال في جذب تأييد المسنين، الذين يشكلون نواة داعمي ماكرون، من خلال مواقفه المؤيدة لفرض زي موحد أو حظر العباءة في المدارس، مما جعله يحقق نجاحًا في التواصل مع هذه الشريحة الناخبة.
حاول منع الجلباب في المدارس
فقبيل بداية العام الدراسي الجديد، أعلن غابرييل أتال -خلال توليه منصب وزير التربية والتعليم- حظر ارتداء العباءة في المدارس في فرنسا، وأكد عزمه وضع قواعد واضحة على المستوى الوطني لمدراء المدارس.
وفي رده على سؤال حول هذه القضية التي أثارت الجدل لعدة أشهر بسبب حوادث مرتبطة بارتداء العباءة، قال في تصريح تليفزيوني إنه يسعى إلى لقاء مسؤولي المدارس لدعمهم في تنفيذ هذا الحظر، مضيفا: عندما يبدأ الفصل الدراسي، ينبغي ألا يكون بوسع أحد التعرف على ديانة الطلاب بمجرد النظر إليهم.
وتم تأجيل تعيين رئيس الوزراء الجديد من مساء الإثنين إلى صباح الثلاثاء، مما أثار تكهنات حول وجود معارضة داخلية، خاصةً من قبل شخصيات بارزة في الحكومة الفرنسية مثل جيرالد دارمانان وبرونو لومير، ولكنهما نفيا ذلك.
رئيس فرنسا في وضع حساس
ومن الان وقبل ثلاث سنوات من نهاية ولايته، يسعى إيمانويل ماكرون الذي تنتهي ولايته في عام 2027، للعثور على زخم جديد، في ظل وضع حساس يواجه فيه صعود اليمين القومي وغياب غالبية مطلقة داعمة له في الجمعية الوطنية.
وتمكنت إليزابيث بورن -التي تولت رئاسة الحكومة منذ نحو 20 شهرا من مايو 2022-، من تمرير قوانين صعبة مثل تعديل أنظمة التقاعد الذي أثار استياءًا كبيرًا في فصل الربيع الماضي، وأيضا قانون الهجرة في ديسمبر، ونجحت في التفوق على حوالي ثلاثين مذكرة بحجب الثقة.
وشكر “ماكرون” بورن على تفانيها في خدمة الوطن، وتعتبر بورن البالغة 62 عامًا، ثاني امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ فرنسا، قبل أن تتركه لـ”غابرييل أتال” رئيس الحكومة الفرنسية الجديد.