جددت مصر التأكيد على صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا حول قضية “سد النهضة”، مشيرة إلى أن بلاده خاضت تجربة مريرة استمرت لمدة 13 عاماً، ورهنت أي انفراجة في المسار التفاوضي بتوافر الإرادة السياسية من قبل أديس أبابا.
تأكيدات مصرية
وفي تصريح لوزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقاء تلفزيوني مساء السبت، شدد على أهمية حقوق مصر في مياه النيل، معربًا عن رفض بلاده للممارسات الأحادية التي تتبعها إثيوبيا تجاه مشروع السد.
تمتدد أعمال بناء سد النهضة الإثيوبي على أحد روافد نهر النيل منذ عام 2011، وتعارض مصر والسودان المشروع، حيث تطالبان باتفاق قانوني ينظم عمليات تشغيل السد.
ضرورة الاتفاق القانوني
أبرز عبد العاطي أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم فيما يتعلق بالسد الإثيوبي، مشيرًا إلى أن التفاوض امتد على مدى 13 عامًا دون تحقيق أي نتائج. كما أوضح أن أديس أبابا تفتقر إلى الإرادة السياسية لتحقيق هذا الهدف.
وأوضح الوزير أن ملف المياه يعد قضية وجودية لكل من مصر والسودان، مشيرًا إلى توافق الموقفين بشأن السد الإثيوبي.
الأمن المائي المصري
تعتبر مصر أمنها المائي قضية محورية، حيث تعاني من عجز مائي يصل إلى 55%، وتعتمد على نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه بنسبة 98%، بحجم يصل إلى 55.5 مليار متر مكعب سنويًا. ولتدهور الوضع، تحتل مصر مرتبة تحت خط الفقر المائي العالمي، حيث يصل نصيب الفرد إلى 500 متر مكعب سنويًا، وفقًا لبيانات وزارة الري المصرية.
ورهن عبد العاطي إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث بتوافر الإرادة السياسية من جانب إثيوبيا، مشيرًا إلى أن الأنشطة الأحادية لأديس أبابا في ملء بحيرة السد تشكل انتهاكًا للقانون الدولي، نظرًا لأن نهر النيل يُعتبر نهرًا دولياً مشتركاً.
التطورات الإثيوبية
في سياق متصل، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، عن قرب الانتهاء من بناء السد، موضحًا أن إجمالي المياه في بحيرة السد من المتوقع أن يبلغ 70 مليار متر مكعب بنهاية عام 2024.
واتهم السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، الحكومة الإثيوبية بعدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع مصر والسودان، خاصة ما يتعلق بإعلان المبادئ الذي تم توقيعه في عام 2015، مشيرًا إلى عدم استشارة أديس أبابا للقاهرة والخرطوم في هذا السياق.
إخفاق المفاوضات
ومع توقيع مصر وإثيوبيا والسودان اتفاق “إعلان مبادئ” حول سد النهضة في مارس 2015، والذي تضمن 10 مبادئ أساسية، أشار حجاج إلى أن الجانب الإثيوبي لم يظهر حسن نية في مسار التفاوض، إذ فشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية.
كما أشار إلى عدم استجابة أديس أبابا لتوصيات مجلس الأمن التي دعت إلى ضرورة التوصل لاتفاق نهائي بشأن السد.
الإجراءات الدولية
وكان مجلس الأمن قد أصدر بيانًا في سبتمبر 2021 حث فيه الدول الثلاث على استئناف المفاوضات للتوصل إلى صيغة نهائية لاتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد خلال فترة زمنية معقولة.
في هذا السياق، اعتبر خبير الشؤون الأفريقية رامي زهدي أن القاهرة واجهت تحديات كبيرة خلال المفاوضات بسبب تعنت الجانب الإثيوبي، مشددًا على عدم ظهور أي جدية من أديس أبابا في الجولات التفاوضية على مدار 13 عامًا.
تحذيرات من آثار السد
وفي خطاب موجه إلى مجلس الأمن في نهاية أغسطس الماضي، حذرت وزارة الخارجية المصرية من التأثيرات السلبية للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين، مشيرة إلى انتهاء مسارات التفاوض بعد سنوات طويلة من الحوار البناء.
واعتبرت الوزارة أن أديس أبابا تسعى إلى استخدام الغطاء التفاوضي لتحقيق مصالحها، دون أن تظهر جدية في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف المعنية.