بدأت عودة آلاف الفلسطينيين إلى منازلهم في قطاع غزة يوم الأحد، تزامنًا مع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية. إلا أن مشاهد الدمار التي شهدها النازحون كانت صادمة، حيث أظهرت التقارير وقوع دمار هائل في المباني والمناطق السكنية بفعل الحرب.
أظهرت جولة قامت بها “الشرق الأوسط” تعبيرات الذهول والألم على وجوه الأسر العائدة، حيث أدركت حجم الدمار الذي حل بمنازلهم وأحيائهم. السكان الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر العودة إلى ديارهم، وجدوا أنفسهم أمام مواقف تفوق توقعاتهم.
معاناة العودة
عبرت آمال العسكري، من سكان مخيم جباليا، عن صدمتها بعد أن فشلت في التعرف على منزلها الذي تحول إلى كومة من الركام. وقالت في حديثها لـ”الشرق الأوسط”: “ما بقي لنا شيء، حياتنا ومستقبلنا دُمّروا”. وأضافت أنها عادت على أمل إيجاد بعض الأشياء من منزلها، لكنها لم تجد سوى الدمار.
مخيم جباليا وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون، تعرضت لعملية عسكرية إسرائيلية استمرت لأكثر من 100 يوم، استخدمت خلالها جميع أنواع القوة العسكرية مما ساهم في تدمير المنازل والمرافق الحيوية.
صدمة الدمار
يصف المواطن محمود السحار، الذي كان يتوقع أن منزله ما زال قائمًا، الكارثة التي شهدها عند عودته. يقول السحار: “كانت صدمة كبيرة عندما وجدت منزلي مدمراً، وقد بنيته بحرص لتحقيق مستقبل جيد لعائلتي”. وأوضح أنه يرجح أن التدمير حدث قبل انسحاب القوات الإسرائيلية بفترة قصيرة.
لقد أبدى العديد من السكان صعوبة في تحديد طرق العودة إلى منازلهم، حيث لم يتمكن البعض من التعرف على الشوارع المألوفة بسبب الدمار. كما أفادت التقارير بأن محاولات الجهات الحكومية المحلية لإزالة الركام لم تُحقق النتائج المرجوة، مما أعاق حركة السكان في المخيم.
الواقع المأساوي
لا تجد الأسر أي وسائل للنقل للوصول إلى مناطق سكنها، حيث قال الشاب نمر النمنم: “تربيت هنا، لكن لم أتعرف على الشوارع المدمرة”. وأشار إلى أن عملية إزالة الركام قد تستغرق سنوات، في حين قد تصل فترة إعادة الإعمار إلى عقود.
ولم تتمكن الأسر العائدة من العثور على مقومات الحياة الأساسية. فقد أكد نمر أن الوضع مأساوي للغاية، مع غياب الماء والمأوى اللازمة لكافة النازحين. ولفت إلى أن ما حدث هو كأنه زلزال دمر المخيم بالكامل.
تدمير البنية التحتية
أعرب الغزيون عن استيائهم من تدمير قوات الاحتلال لمرافق حيوية، حيث تم تدمير مقرات “الأونروا”، وشبكة المياه التي كانت تعتبر المصدر الأساسي للحياة. ونتيجة لذلك، أُجبر بعضهم على التفكير في عدم العودة إلى مناطقهم المدمرة والانتقال إلى جنوب القطاع.
في الوقت الحالي، يعيش أكثر من مليون نازح من سكان شمال غزة في ظروف شديدة الصعوبة، وسط شواطئ القطاع، حيث تسود الحاجة الماسة إلى الإغاثة الإنسانية. تتوالى الأحاديث حول ضرورة العودة، مدفوعين بالأمل رغم كل الصعوبات.
نظرة مستقبلية
وفقًا لروح اتفاق وقف إطلاق النار، يُسمح للنازحين بالعودة اعتبارًا من اليوم السابع بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ. ومع ذلك، ينتظر الغزيون بفارغ الصبر كل فرصة للعودة رغم صعوبة الظروف الحالية.
على صعيد متصل، يُخبر السكان أن البحث عن جثث الضحايا قد بدأ، مما يزيد من حجم المأساة الإنسانية. وعلى الرغم من المساعي لدفن الضحايا، تبقى آثار الحرب ماثلة في كل زاوية من زوايا غزة.
تشير التقديرات الدولية إلى أن حجم الدمار الذي تعرضت له غزة يستدعي إعادة الإعمار على مدى سنوات طويلة، حيث أظهرت دراسة للأمم المتحدة أن نسبة 69% من المباني قد تضررت أو دُمرت. ومع مرور الوقت، تتزايد الإحصائيات بشكل مقلق، حيث تجاوز عدد القتلى منذ بداية الأزمة 46 ألف شخص، في وقت تستمر فيه المعاناة الإنسانية بالامتداد.