الأربعاء 5 فبراير 2025
spot_img

فلسطين.. مستقبل الضفة الغربية تحت ضغط سيطرة الاحتلال

شهد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي تحولات جذرية منذ أكتوبر 2023، حيث كثفت إسرائيل من جهودها لتقسيم الضفة الغربية المحتلة وإرساء حقائق جديدة على الأرض تعزز قبضتها وتعيق أي تسوية سياسية مستقبلية.

في دراسة شاملة صادرة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، أشار أستاذ الدراسات الدولية بجامعة بيرزيت، د. غسان الخطيب، إلى أن الحرب الدائرة قد منحت إسرائيل فرصة غير مسبوقة لتصعيد سياساتها في الأراضي المحتلة، مما يعيد تشكيل مستقبل الضفة الغربية بطرق غير معهودة.

زيادة السيطرة الإسرائيلية

تتضمن الخطوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مثل فرض قيود على الحركة وتوسيع المستوطنات وفرض العقوبات الاقتصادية، تركيزًا استراتيجيًا على ترسيخ السيطرة على الأرض. فقد شهدت الأشهر الأخيرة زيادة حادة في عدد الحواجز، مما أثر سلبًا على الحياة اليومية للفلسطينيين، ويشير هذا الاتجاه إلى تصعيد واضح في مساعي تفتيت الضفة الغربية بما فيها القدس.

تعكس هذه السياسات هدف إسرائيل الطويل الأمد في “التقسيم والسيطرة”، مما يعيق أي جهود للتوصل إلى تسوية سياسية مستقبلية.

كما أن النشاط الاستيطاني المتزايد يمثل تجسيدًا عمليًا لهذا التوجه، حيث احتفت القيادة الإسرائيلية، المدعومة من حكومة يمينية متطرفة، بتسارع وتيرة التوسع الاستيطاني. ووصفته الوزيرة أوريت ستروك بـ”المعجزة”، في تأكيد على استغلال الصراع الإقليمي لتعزيز المطالب الإسرائيلية بالأراضي.

تراجع القدرة الفلسطينية

يلقي د. غسان الخطيب الضوء على الآثار الناتجة عن السياسات الإسرائيلية والتي تعيد تشكيل الديناميات داخل الأراضي الفلسطينية. إذ إن “الخنق” الاقتصادي المفروض على الضفة الغربية، بما يشمل الحجز على إيرادات الضرائب وفرض قيود على العمالة، أثر سلبًا على قدرة السلطة الفلسطينية في تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.

ومع تزايد خيبة الأمل لدى الفلسطينيين من أداء الحكم الفلسطيني، تطرح تساؤلات حول دور السلطة الفلسطينية كممثل لتطلعات الشعب الفلسطيني مستقبلاً.

تشير الدراسة إلى أن الجيل الجديد من الفلسطينيين يواجه تحديات كبيرة، فرغم تكريس ذلك الجيل لمقاومة الاحتلال، إلا أن النهج الإسرائيلي المنظم نحو ضم الضفة الغربية يترك خيارات قليلة أمامهم.

دور الفاعلين الإقليميين والدوليين

تؤكد الدراسة أن السياق الإقليمي والدولي يزيد من تعقيد الوضع الفلسطيني. فقد تشتت الانتباه الدولي نحو أحداث غزة والصراع الأوسع بين إسرائيل والقوى المدعومة من إيران، مما أتاح لإسرائيل الاستمرار في تنفيذ سياساتها دون محاسبة.

وتشير الدراسة إلى أن فشل المجتمع الدولي في التدخل بشكل فعال قد شجع إسرائيل على المضي قدمًا في رؤيتها للسيطرة الكاملة على ما تعتبره فلسطين التاريخية.

مستقبل الضفة الغربية

يشير الباحثون إلى أن مستقبل الضفة الغربية يعتمد على قدرة إسرائيل على الحفاظ على سيطرتها وتوسيعها في غياب المعارضة. وتشير تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى إمكانية الضم الرسمي المباشر قريبًا.

ستكون هذه الخطوة قمة لعقود من السياسات التي تسعى لمحو الحقوق الفلسطينية في الأرض.

على الرغم من هذه التحديات، يؤكد الخطيب على صمود الشعب الفلسطيني واستمراريته في التمسك بأرضه. ويرى أن تصميم الجيل الجديد على مقاومة الاحتلال يحمل بصيص أمل لاستمرار النضال من أجل الحقوق الفلسطينية.

تحذر الدراسة من أن الفلسطينيين يواجهون معركة صعبة لضمان وجودهم وحقوقهم في الضفة الغربية، ما لم تحدث تغييرات جذرية في الديناميات الإقليمية والدولية.

ترسم الدراسة صورة سلبية لمستقبل الضفة الغربية، حيث تتداخل السياسات الإسرائيلية مع ضعف المؤسسات الفلسطينية وتشتت الانتباه الدولي، ليظهر سيناريو مقلق.

مع ذلك، تبقى روح المقاومة الفلسطينية قوية، ما يمنح الأمل في ظل الظروف الصعبة التي تحيط بهم.

اقرأ أيضا

اخترنا لك