تشهد القارة الإفريقية في الآونة الأخيرة نشاطاً متصاعداً للجماعات والتنظيمات الإرهابية التي يصل عددها، بحسب بعض التقديرات الأممية والدولية، إلى 64 جماعة وتنظيماً، وتعتمد غالبيتها على مصادر تمويل مشبوهة.
وتشمل قائمة أبرز الجماعات الإرهابية المنتشرة في إفريقيا جماعة بوكو حرام التي تأسست في شمال نيجيريا خلال عام 2003، وجماعة الثخراوي التي تشكلت خلال عام 2014 في شمال مالي وأعلنت ولائها لتنظيم داعش، وجماعة نصرة الإسلام التي تأسست في مالي خلال عام 2017 وأعلنت ولائها لتنظيم القاعدة، وحركة الشباب التي تأسست في الصومال خلال عام 2004.
الذهب أحد مصادر تمويل الإرهابيين في أفريقيا
وأوضحت الباحثة في العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، أسمهان إبراهيم، أنه في ظل هشاشة الحكومات وضعف القبضة الأمنية في دول إفريقيا تجد الجماعات والحركات المتطرفة منبع خصب لتوليد التمويل اللازم لتوسيع نشاطها الإرهابي، إذ تساوي عائداتها ما لا يقل عن مليار دولار سنوياً.
وذكرت الباحثة السودانية أن تجارة الذهب من المناجم غير الرسمية والبعيدة عن سيطرة الحكومات في بعض الدول الإفريقية تعتبر من أهم مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، فقد قدرت حكومة تشاد قيمة الذهب المهربة اسبوعياً بنحو 91 مليون دولار، وتعتمد الحركات الإرهابية علي تجارة الذهب بشكل كبير جداً، بالإضافة إلى فرض ضرائب علي العصابات التي تعمل في مناجم الذهب، إلى جانب الاتجار غير المشروع في المعادن الأخرى كالفضة والماس.
وفي وقت سابق، كشفت بعض التقارير الإقليمية والدولية عن اعتماد بعض الجماعات الإرهابية على تهريب الذهب من مناجم غير رسمية منتشرة في بعض الدول الإفريقية، ولا تسيطر عليها الحكومات.
وحسب تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن المناجم غير الرسمية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر فقط، كانت تنتج نحو 50 طناً من الذهب حتى عام 2019، وتنتشر عمليات تهريب الذهب بشكل كبير في نحو 9 دول، وهي: نيجيريا، والكونغو الديمقراطية، وزيمبابوي، ومالي، وغانا، وبوركينا فاسو، وجمهورية إفريقيا الوسطى، والنيجر.
المخدرات والسلاح والقرصنة
وأشارت الباحثة السودانية إلى مصادر تمويل أخرى تعتمد عليها الجماعات الإرهابية في إفريقيا تتمثل في تجارة المخدرات، والاتجار في البشر، والهجرة غير الشرعية، وتهريب السلاح، بالإضافة إلى أعمال القرصنة مثلما يحدث في السواحل الصومالية بصورة واسعة، حيث يتم اختطاف الرهائن والمطالبة بفدية لإعادتها، ففي وقت سابق دفعت المانيا مبلغ 45 مليون دولار لتحرير سواح ألمان، وعادة ما تدفع الدول المتقدمة مبالغ طائلة للجماعات الإرهابية ما يشجع على انتشار وتوسع الإرهاب.
وتُعد تجارة المخدرات واحدة من أبرز مصادر تمويل الجماعات الإرهابية في إفريقيا، وكانت لجنة غرب إفريقيا لمكافحة تهريب المخدرات قد تحدثت أكثر من مرة عن وجود مصالح مشتركة ومتبادلة بين مهربي المخدرات والجماعات الإرهابية، حيث تتعاون الأخيرة مع مهربي المخدرات في نقل الكوكايين عبر منطقة الساحل إلى أوروبا لتمويل عملياتها الإرهابية.
وسبق أن ذكرت مجموعة الأزمات الدولية أن أعضاء في جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة والمتمركزة في مالي، ضمن شبكات تهريب المخدرات.
“إتاوات” في صورة ضرائب ورسوم
وقالت الباحثة السودانية إن جماعة الشباب الصومالية تعتمد على فرض ضرائب واتاوات علي المواطنين لتمويل أنشطتها الإرهابية وتوسيعها.
وتشير بعض التقديرات إلى أن حركة الشباب الإرهابية تحقق دخلاَ شهرياً يزيد على 24 مليون دولار عبر عدة مصادر منها الضرائب والرسوم على تداول العقارات والأملاك، والاستيلاء على البضائع في الموانئ والطرق، فضلاً عن الأموال التي تجمعها من أصحاب الأعمال والمحال التجارية.
وأشارت “إبراهيم” إلى ضرورة تقويض أنشطة الجماعات الإرهابية عبر شل حركة تمويلها، وقد أقرت الأمم المتحدة في عام 2006 استراتيجية عالمية لتعزيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، وكذلك صدرت عدة اتفاقيات دولية وإقليمية تجرم تمويل الإرهاب الذي لا يمكن تقويضه دون معرفة مصادره وتجفيفها، ما يشكل تحدياً كبيراً أمام إفريقيا مع تزايد سنوي في معدل العمليات الإرهابية.
السيطرة على الموارد الطبيعية
أما السفيرة سعاد شلبي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري للشؤون الإفريقية، وعضو لجنة الحكماء في الكوميسا، فقالت: “إن مصادر تمويل الجماعات الإرهابية في إفريقيا قائمة بشكل أساسي على حصيلة التجارة غير المشروعة عبر الحدود في كل ما هو ممنوع دولياً مثل الإتجار في البشر، وتجارة السلاح، والمخدرات، وغيرها.
وأشارت إلى مساعي الجماعات الإرهابية إلى السيطرة على الموارد الطبيعية في الدول الإفريقية من ثروات معدنية، ومراعي، وثروة حيوانية، وغيرها.
