الجمعة 9 مايو 2025
spot_img

ولاءات عسكرية وقبلية تهيمن على الانتخابات الليبية

يتأثر المشهد الانتخابي في الجولة الثانية للاقتراع المحلي في ليبيا بشكل كبير بالولاءات العسكرية والسياسية والقبلية، بالرغم من عدم تحديد موعد رسمي لإجرائها بعد. تتباين هذه الولاءات وتتداخل بين نفوذ التشكيلات المسلحة، ومتطلبات الجيش الوطني، وعلاقات القبائل، مما يعكس حالة من التوتر والاحتدام في الساحة السياسية.

تشير تقارير من نشطاء ومحللين سياسيين إلى أن العاصمة طرابلس قد شهدت توترات ناجمة عن اتهامات وجهتها قبيلة أولاد صالح إلى ميليشيا محلية، حيث زعمت القبيلة تعرض الراغبين في الترشح لتهديدات واحتجاز في مقار عسكرية بتوجيه من تلك الجماعات.

التوترات في طرابلس

أفاد مصدر مطلع ونشطاء مدنيون في تقرير لـ”الشرق الأوسط” بتفاصيل تتعلق باعتداءات وقعت في العاصمة، حيث تم اقتياد أكاديمي وعضو بفريق أحد المرشحين من قِبل عميد بلدية الذي هددهم في محاولة لإجبارهم على الانسحاب من العملية الانتخابية.

وتكشفت المعلومات عن أن هذا المسؤول المحلي يرتبط بقرابة مع قائد ميليشيا 55، بشير الضاوي، مما يعكس تأثيره السلبي على مرشحين آخرين تراجعوا عن التقدم للانتخابات حفاظًا على سلامتهم في ظل تدهور الأوضاع الخدمية.

تستمر وسائل التواصل الاجتماعي في نشر معلومات على نحو دوري، حيث تتداول صوراً للعميد في لقاءات مع جماعات قبليّة، يعرض من خلالها تأييدًا لجهوده الانتخابية بعد أن اجتمع مع قائد ميليشيا 55 في الثالث من فبراير.

مخاوف من التلاعب

يستفسر الناشط السياسي، محمد قشوط، عن مصداقية نزاهة الانتخابات الحالية في ظل الشائعات المدوية حول الضغوط التي تُمارَس على المرشحين الراغبين في خدمة مدنهم من خلال عملية الاقتراع.

يُظهر التحليل السياسي أن مرحلة الانتخابات الأولية التي تمت في نوفمبر الماضي لم تشهد نفس درجات الاستقطابات والضغوط، إذ كان حجم التأثير السياسي والعسكري محدودًا داخل البلديات الصغيرة.

تشير المؤشرات إلى تكرار المشهد الانتخابي في مختلف المناطق بطرابلس، حيث تواصل الميليشيات استغلال نفوذها على ثلاث مناطق رئيسة، هي بلدية أبو سليم وجزء من سوق الجمعة، بالإضافة إلى بلدية عين زارة.

توزيع الضغوط الشعبية

يتوقع أن تساهم الميليشيات في التأثير على النتائج بما يناسب رغباتها وأجندتها، وذلك في ضوء ما يرويه الناشطون عن رغبة كل مجموعة في السيطرة على البلديات بغرض تحقيق مكاسب سياسية ومادية.

من المنتظر إجراء انتخابات المرحلة الثانية في 63 بلدية، منها 41 في غرب البلاد، و13 في الشرق، و9 في الجنوب، مما يبرز الفروق في الوضع السياسي بين الأقاليم المختلفة.

الوضع في شرق ليبيا

وفي الشرق، تشير التقارير إلى أن الحكومة المكلفة من مجلس النواب تمارس نفوذًا واضحًا على الانتخابات. ويتوقع المحلل أشرف بوفردة أن تشهد العملية إمداداً بمسؤولين عسكريين إذا جاءت النتائج مخالفة لرغبات القيادة العامة.

لقد أثبتت حكومة حماد قدرتها على إيقاف المؤسسات المنتخبة، كما حدث مع بلدية هراوة، بعد مناورات سياسية أُجريت ضد الحكومة الأخرى المتمركزة في طرابلس.

تواجه ليبيا تيارين حكوميين متضادين، أولهما حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية الحكومة المُكلفة من البرلمان بقيادة أسامة حماد. تسجل القبائل حضورًا ملموسًا في الانتخابات، خصوصا في بنغازي ودّرنة، حيث تتباين القوى بين قبائل مختلفة تؤثر على نتائج الاقتراع.

التحضيرات الانتخابية

تبدو في الأفق قوائم انتخابية تتشكل مثل «الشفاء» و”دار السلام» في طبرق، في وقت تتعزز فيه مشاورات قبيلة «العبيدات» مع توتر تاريخي مع قبيلة «القطعان».

القلق من تكرار التوترات القبلية يظل مرجحًا، خاصة وأن العملية الانتخابية السابقة شهدت صدامات بين قبائل مختلفة.

في 16 نوفمبر، حققت الانتخابات البلدية الأولى إقبالًا ملحوظًا بمتوسط 74%، مع أدلة تشير إلى استمرار الانقسام القبلي في الجنوب، وسط محاولات القبائل فرض سيطرتها على الأحداث الانتخابية.

تتزايد مؤشرات أنصار النظام السابق في الاستفادة من الانتخابات، حيث يعتبر البعض أن هذه العملية تمثل فرصة للعودة إلى الساحة السياسية بعد سنوات طويلة من التهميش.

يبصر المحلل السياسي محمد محفوظ أن الانتخابات تتيح للأطراف فرصة إيجابية للمشاركة، رائيًا أن هناك اهتمامًا فعليًا بالمشاركة السياسية بدلاً من التعيينات غير الشرعية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك