شهدت مدينة إب، الواقعة على بعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، حادثة مأساوية أثارت استياءً واسعاً بين السكان، حيث توفي مواطن يدعى ياسر البكاري جوعاً، وذلك بعد أيام من تصريح جماعة الحوثي بشأن تخصيصها أموال الزكاة التي بلغت نحو 21 مليون دولار لمساعدات خارج اليمن.
حادثة مؤلمة في إب
تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لرجل مستلقي على رصيف أحد الشوارع في صباح رابع أيام عيد الفطر، وقطعة خبز جافة في فمه، بينما كان طفله يجلس بجانبه ممسكاً بإصبعه، دون وعي بمأساة فقدان والده في رحلة بحث عن الطعام.
أثارت هذه الواقعة غضب السكان الذين أبدوا استياءً كبيراً إزاء تدهور الأوضاع المعيشية في المدينة، بما في ذلك الجبايات التي تفرضها جماعة الحوثي، والتي شملت دفع الزكاة خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان. يأتي هذا الإعلان بالتزامن مع ذكر الجماعة توزيع أكثر من مليوني دولار زكاة لـ 56 ألف أسرة في المدينة.
ردود أفعال مشروطة
على الرغم من مبادرة عدد من رجال الأعمال لكفالة عائلة البكاري، حاولت جماعة الحوثي تغيير رواية وفاته من خلال تصريحات رسمية، متجاهلة الربط المباشر بينها وبين الجوع والفقر.
خلال أقل من 24 ساعة، قامت أجهزة الأمن الحوثية باستصدار وثيقة من عائلة المتوفى تؤكد أن وفاته كانت “طبيعية”، وأجبرتهم، بحسب مصادر في المدينة، على إصدار بيان بذلك تحت ضغوطات متعددة.
محاولات تزييف الحقائق
أفادت المصادر أن العائلة، التي تعيش في قبو طيني في مديرية ريف إب، تلقت اتصالاً من أحد قادة أجهزة الأمن يحمل تحذيراً بالتحفظ على جثة المتوفى حتى الانتهاء من “الإجراءات القانونية” اللازمة لتصريح الدفن.
في اليوم التالي، تم نشر الوثيقة التي تؤكد وفاته، وسمح للجماعة بدفن جثته وتسليم أغراضه الشخصية، حيث زعمت الجماعة وجود نقود في تلك الأغراض كدليل على عدم وفاته نتيجة الفقر.
إجبار العائلات على التبرير
تولى ناشطو الجماعة ترويج الرواية الجديدة لوفاة البكاري، مدعين أن وجود خبز في فمه هو بمثابة دليل على عدم معاناته من الجوع.
في ذات السياق، كانت “الهيئة العامة للزكاة” قد أعلنت، قبل الحادثة، عن إطلاق 3 مشروعات لدعم أكثر من 550 ألف أسرة فقيرة، بتكلفة تقدر بـ21 مليون دولار، حيث زعم القيادي الحوثي شمسان أبو نشطان أن هذه المساعدات وصلت حتى فلسطين ولبنان.
تجاوز لإشكالية الجبايات
ادّعى القيادي الحوثي حول إنفاق الأموال على سلال غذائية موجهة للفئات المحتاجة، إلا أن تقارير من بعض المسؤولين تبرهن على عدم تقديم مساعدات حقيقية للمحتاجين.
هذا وقد شهد الأسبوع الأخير من رمضان حملة جبايات غير مسبوقة من قبل الجماعة، حيث استهدفت التجار وأصحاب المحلات في مختلف المناطق.
اختطافات واحتجاجات
في خلفية ذلك، تعرض أكثر من 40 تاجراً في مدينة دمت للاختطاف بسبب تأخرهم في دفع المبالغ المفروضة عليهم، بينما تم إجبارهم على دفع أجور الخاطفين كشرط لإطلاق سراحهم.
علاوة على ذلك، فرض الحوثيون جبايات جديدة تحت مسمى “دعم القوة الصاروخية”، مما يزيد من الضغوط على السكان في المناطق الحوثية.
تسرب معلومات مالية
كما تم تسريب سندات تتعلق بتحويل مبلغ 11 ألف دولار إلى ناشطين من مواقع التواصل، مما يطرح تساؤلات حول نوايا الجماعة وتحركاتها المالية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
توقع برنامج الغذاء العالمي تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خصوصاً مع استمرار العقوبات الأمريكية والتي تصنف الجماعة كـ “منظمة إرهابية”.