الأربعاء 12 نوفمبر 2025
spot_img

واشنطن: خنق مالي ولوجستي لـ«حزب الله» وتقليص انتشاره

spot_img

في تحول لافت، صعّدت الولايات المتحدة الأمريكية من ضغوطها على “حزب الله” في لبنان وسوريا، عبر مسارين متوازيين يهدفان إلى تقويض نفوذه المالي واللوجستي. وتأتي هذه الخطوة في ظل مساعي واشنطن لتطويق الحزب، وإضعاف قدراته العسكرية والمدنية.

ملاحقة مالية مشددة

شهدت بيروت زيارة وفد رفيع المستوى من وزارة الخزانة الأمريكية، ضمّ مسؤولين متخصصين في مكافحة الإرهاب من البيت الأبيض. حمل الوفد رسائل حازمة للمسؤولين اللبنانيين، تؤكد أن الملف لم يعد يقتصر على الجانب العسكري، بل يستهدف البنية الاقتصادية الموازية التي تغذي “حزب الله”.

وطالب الوفد بإغلاق المؤسسات المالية التابعة للحزب، وعلى رأسها “القرض الحسن”، وتشديد الرقابة على مكاتب الصيرفة والتحويلات النقدية. كما شدد على تفعيل آليات الامتثال المصرفي قبل انتخابات 2026، بهدف قطع الإمدادات المالية التي يتلقاها الحزب.

مليار دولار لطهران

تعتبر الولايات المتحدة أن “الاقتصاد النقدي” في لبنان أصبح داعمًا غير مباشر للحزب، وأن تحويلاته المالية من طهران تجاوزت المليار دولار منذ بداية العام. وهددت الخزانة بفرض عقوبات مشددة على أفراد ومؤسسات لبنانية متهمة بتسهيل التمويل، إذا لم يتم اتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة.

خنق مالي ولوجستي

أكد النائب اللبناني مارك ضو أن المسار الأمريكي يشهد تحولًا واضحًا من المواجهة العسكرية إلى الخنق المالي واللوجستي. وأشار إلى أن زيارة الوفد الأمريكي تحمل دلالات تتجاوز الطابع المالي البحت، وتأتي في سياق توسيع الضغط على شبكة التمويل التي يعتمد عليها الحزب داخليًا.

تراجع النشاط العسكري

أوضح ضو أن الولايات المتحدة تعتبر أن خط الإمداد المالي أصبح الممر الأساسي لإعادة ترميم القدرات العسكرية للحزب، بعد تراجع نشاطه العسكري في الأشهر الأخيرة. لذلك، يجري تشديد المراقبة عليه، بهدف منع تدفق الأموال التي تدعم أنشطته.

ضبط الحدود السورية

لا يقتصر التحرك الأمريكي على لبنان، بل يمتد إلى سوريا، حيث بدأ انفتاح أمني وسياسي على دمشق يهدف إلى إعادة ضبط الحدود، ومنع استخدامها كمعبر لوجستي للحزب. وترى واشنطن أن التعاون مع دمشق يخدم هدفها الأساسي في محاصرة “حزب الله” وإيران.

ملاحقة المؤسسات المدنية

يتجه التركيز نحو ملاحقة مؤسسات الحزب المدنية، مثل جمعية “القرض الحسن”، وبعض المؤسسات الاجتماعية والتربوية المرتبطة به. وتلعب “القرض الحسن” دورًا حيويًا في تأمين السيولة للحزب من خلال تسييل الذهب والكفالات، بعد تضييق الخناق على تعاملاته المصرفية التقليدية.

صعوبات في التشغيل

بدأت بعض هذه المؤسسات تعاني من تراجع القدرة التشغيلية، حيث تواجه المدارس التابعة للحزب صعوبات في تحصيل الرسوم ودفع رواتب الأساتذة. ويعكس ذلك حجم الضغط المتنامي على البنية الاقتصادية الموازية التي بناها الحزب على مدى العقود الماضية.

تجفيف المنابع المالية

ستشهد المرحلة المقبلة تصعيدًا إضافيًا، مع العمل على تجفيف منابع التمويل عبر السوق السوداء، ومنع التحويلات النقدية غير الشرعية، بالتوازي مع برنامج صندوق النقد الدولي. وسيؤدي هذا الضغط متعدد الأوجه إلى تغيير في المشهد السياسي اللبناني.

لا لسيطرة الحزب

أكدت مصادر مطلعة على لقاءات المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس ضرورة عدم ترك الساحة الجنوبية لمؤسسات “حزب الله” التنموية والاجتماعية. فالحضور المدني للحزب لا يقل خطورة عن وجوده العسكري، لأن هذه المؤسسات تشكل بيئة حاضنة دائمة وتمويلاً موازيًا لبنيته التنظيمية.

تهريب الأسلحة مستمر

يتعاون مجموعات في سوريا مع “حزب الله” والإيرانيين في تهريب السلاح، ليس بدافع عقائدي، بل طمعًا في المال. ويقوم الحزب بشراء خدمات هذه المجموعات لنقل السلاح والمخازن من سوريا إلى لبنان، ما يستدعي مزيدًا من الضغط والرقابة.

محاربة الإرهاب

من المفترض أن يساهم دخول سوريا رسميًا في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، مع ما يرافقه من دعوات دولية لبسط سلطة الدولة السورية على كامل الأراضي، في منع تهريب السلاح إلى لبنان، وبالتالي إلى الحزب.

الخيار الأخير

شدد الكاتب والمحلل السياسي مروان الأمين على أن الضغط على “حزب الله” بات ماليًا مباشرًا يستهدف بنيته التمويلية وشبكاته المنتشرة حول العالم. وتواجه المنطقة مرحلة جديدة عنوانها الاستقرار الاقتصادي والمشاريع العابرة للحدود، ولن يُسمح باستمرار نماذج تهدد هذه المشاريع. تجفيف منابع تمويل الحزب سيؤدي إلى تراجع مؤسساته، ما يضعه أمام خيارين: إما أن يتحول إلى حزب يعمل تحت سقف القانون، أو أن يبقى تنظيمًا ملاحقًا دوليًا.

اقرأ أيضا

اخترنا لك