لا تزال حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” تمثل شوكة في ظهر الاحتلال من الصعب اقتلاعها رغم مرور عام كامل على الحرب التي اندلعت عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر العام الماضي، بدعوى القضاء على حماس.
وعلى الرغم من الخسائر التي تكبدتها حماس، فإن التحليلات والبيانات تشير إلى أن القضاء عليها ليس بالسهولة التي تصورتها قوات الاحتلال خاصة مع صمود الشعب الفلسطيني، إذ كان من السهل على إسرائيل -خلال أسبوع واحد- اغتيال معظم قادة حزب الله وعلى رأسهم حسن نصر الله، لكنها حتى الآن غير قادرة على تحديد مكان يحي السنوار، أو حتى تحرير رهئنها.
الصمود العسكري بعد طوفان الأقصى
ورغم وعود رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحقيق “النصر الكامل” على حركة “حماس” والقضاء على تهديدها بعد عملية طوفان الأقصى، إلا أن الواقع الميداني يظهر صورة مغايرة تماما، وهو ما أظهره تقرير مفصل نشرته منصة “acleddata” في أكتوبر 2024، وهي منصة تحليل بيانات متخصصة في تتبع وتحليل النزاعات والعنف في مختلف أنحاء العالم.
التقرير الذي أعده باحثان متخصصان في شؤون الشرق الأوسط، يشير إلى أن “حماس” لا تزال قادرة على مواجهة القوات الإسرائيلية في غزة، كما صعدت من أنشطتها العسكرية في الضفة الغربية.
المقاومة الفلسطينية
أوضح التقرير أن “إسرائيل” لم تنجح في تحييد المقاومة الفلسطينية بشكل كامل، وأن حركة حماس لا تزال تحتفظ ببعض القدرات العسكرية وتواصل الاشتباك مع القوات الإسرائيلية في مختلف مناطق قطاع غزة، وبالتوازي مع ذلك كثفت الحركة من عملياتها العسكرية في الضفة الغربية.
يأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي تحديات جديدة شمالاً على الحدود اللبنانية مع تصاعد تهديدات حزب الله، ما يصعب من المعركة في غزة ويجعلها طويلة الأمد وأكث تعقيدا.
القدرات العسكرية وصمود حماس
وفقاً للتقرير، تشير البيانات إلى أن حركة “حماس” لا تزال تحتفظ بنحو نصف عدد مقاتليها على الرغم من الهجمات الإسرائيلية.
فبينما تدعي إسرائيل أنها قتلت 17,000 من مقاتلي حماس من إجمالي قوام يتراوح بين 25,000 و30,000، فإن الإحصائيات الدقيقة تؤكد أن العدد الحقيقي للقتلى من المقاتلين يقدر بـ 8,500 فقط، وهو العدد الذي يشمل أيضاً مسلحين من جماعات أخرى.
يؤكد التقرير أنه رغم الادعاءات الإسرائيلية بتفكيك غالبية كتائب حماس الـ24 ومقتل العديد من قادتها الرئيسيين، إلا أن الحركة أثبتت قدرتها على إعادة تنظيم صفوفها، الأمر الذي دفع جيش الاحتلال إلى الاستمرار في شن غارات برية محدودة بهدف منع حماس من استعادة قوتها الكاملة، واستمرت المواجهات المسلحة في تلك المناطق بشكل متقطع وغير مستقر.
وهو ما يعزز فكرة أن “حماس” تمكنت من إعادة ترتيب صفوفها والاحتفاظ بوجودها العسكري رغم المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتفكيكها.
استراتيجية يحي السنوار
وتشير الأرقام إلى أن “حماس” أصبحت أكثر اعتمادًا على حرب العصابات وتكتيكات الكمائن، ما يشير إلى تطور ملحوظ في استراتيجياتها العسكرية.
على سبيل المثال، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية بين فبراير وسبتمبر خمس غارات صغيرة في منطقة حي الزيتون في غزة شمال محور نتساريم والذي أقام جيش الاحتلال قواعد ومراكز قيادة له فيها، ومع ذلك استأنفت “حماس” نشاطها في تلك المناطق بعد كل غارة، مما يثبت مرونتها وقدرتها على التأقلم.
كما أنه في رفح، شهدت المنطقة عودة للنشاط المسلح للحركة بعد إعلان إسرائيل تدمير “لواء رفح”، حيث استأنفت “حماس” عملياتها باستخدام متفجرات ونصب كمائن للجنود.
الإنتاج المحلي للأسلحة
وفقاً لمصادر داخلية في “حماس“، كشف تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” أن الحركة عملت منذ فترة طويلة على تطوير قدراتها لإنتاج أسلحتها ومتفجراتها محليًا، حيث قام زعيم الحركة، يحيى السنوار بتوجيه جهود الحركة نحو بناء ترسانة محلية، مما ساهم في تعزيز قدرتها على الصمود لفترة طويلة تحت الحصار الإسرائيلي المستمر.
أنفاق غزة.. سلاح خفي
الصحيفة ذكرت أن واحدة من أكثر المفاجآت التي واجهتها إسرائيل كانت الأنفاق التي تمتد عبر قطاع غزة، هذه الشبكة الهائلة من الأنفاق التي يقدر طولها بحوالي 500 كيلومتر كانت أكبر مما توقعته إسرائيل بكثير.
اللواء الإسرائيلي دان غولدفوس وصف هذه الأنفاق بأنها شبكة مترابطة تمتد من شمال القطاع إلى رفح جنوبًا، مما يسمح للمقاتلين بالتنقل بسرعة ومرونة دون أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من السيطرة الكاملة عليها.
التأقلم والتطور
وأوضح التقرير أنه في الوقت الذي تشير فيه البيانات إلى تراجع القوة العسكرية لحركة “حماس” مقارنة ببداية الصراع، إلا أن قدرتها على التأقلم والتطور تجعلها خصمًا لا يُستهان به.
وأدى التركيز الإسرائيلي على تهديدات حزب الله في الشمال إلى تحويل جزء من اهتمامه بعيداً عن غزة، الأمر الذي يمنح “حماس” فرصة لاستعادة جزء من قوتها.
ومع مرور عام على بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، لا يزال القضاء على “حماس” بعيد المنال، حيث أثبتت الحركة أنها قادرة على التأقلم مع الظروف الصعبة والاحتفاظ بقدراتها العسكرية رغم الضربات التي تلقتها.