الجمعة 17 أكتوبر 2025
spot_img

هروب الأسد يتبعه فرار جماعي لقادة نظامه

spot_img

في أعقاب السقوط المفاجئ للرئيس السوري بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024، شهد مطار دمشق الدولي تجمعًا لعشرات الشخصيات البارزة في النظام السوري السابق، في محاولة يائسة للهرب وعائلاتهم من البلاد.

هروب جماعي

شملت قائمة الهاربين قحطان خليل، مدير استخبارات سلاح الجو السوري، وعلي عباس وعلي أيوب، وزيرا الدفاع السابقان، بالإضافة إلى رئيس الأركان عبد الكريم إبراهيم، وجميعهم متهمون بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم حرب.

تفاصيل هذه الرحلة السرية كشفت عنها مصادر لصحيفة “نيويورك تايمز”، مؤكدة أن سقوط الأسد مثل صدمة مدوية لدائرته المقربة، وتحول إلى رمز لانهيار نظامه.

فوضى وانهيار

بعد هروب الأسد، سارع العديد من المسؤولين إلى تقليده، حيث استقل بعضهم طائرات، وفر آخرون إلى فيلاتهم الساحلية، بينما اختبأ البعض في السفارة الروسية، التي سهلت نقلهم إلى موسكو.

بالنسبة لآلاف السوريين الذين عانوا من ويلات الحرب، تحولت بلادهم إلى مسرح جريمة، في حين اختفى المتهمون الرئيسيون جماعياً، مما أثار تساؤلات حول مستقبل العدالة في سوريا.

تحديات إعادة البناء

بعد مرور 10 أشهر على انهيار النظام، تواجه سوريا تحدياً مزدوجاً: إعادة البناء وملاحقة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة.

يسعى مقاتلو المعارضة السابقون والحكومة السورية الوليدة لتعقب الفارين، بينما يقوم المدعون العامون في أوروبا والولايات المتحدة بإعداد ملفات القضايا.

تكتّم شديد

يواجه الباحثون عن العدالة صعوبة بالغة بسبب تكتّم الفارين، الذين ظلّت هوياتهم الحقيقية غامضة لسنوات، مما أدى إلى أخطاء في التقارير الإعلامية وقوائم العقوبات.

هذا النقص في المعلومات ساعد بعض مجرمي النظام على الإفلات من السلطات السورية والأوروبية بعد سقوط الأسد، مما يعقد جهود المحاسبة.

تحقيقات مكثفة

فريق تحقيق في صحيفة “نيويورك تايمز” عمل على سدّ الثغرات في المعلومات المتعلقة بـ 55 شخصية من كبار مسؤولي النظام السوري السابق، وتوثيق أدوارهم في الحرب.

شمل التحقيق تتبع الآثار الرقمية، وفحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والبحث في العقارات المهجورة، بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع مسؤولين سابقين ومحامين.

مصير الفارين

لا يزال مكان وجود العديد من المسؤولين السابقين مجهولاً، لكنّ مصائر من تم تتبعهم تفاوتت بشكل كبير، فالأسد يقيم في روسيا، بينما يعيش ماهر الأسد في موسكو برفاهية.

في المقابل، يقيم آخرون في لبنان ويخططون لعمليات تخريب، بينما عقد البعض صفقات غامضة للبقاء داخل سوريا، مما يعكس تعقيد المشهد السوري.

صعوبة الملاحقة

تمثل ملاحقة هذا العدد الكبير من الشخصيات تحدياً هائلاً، يتطلب بناء قضايا والتحقق من الأسماء وتفكيك الشبكات المالية المعقدة.

يكمن جوهر التحدي في تنسيق الجهود الدولية للبحث عن أشخاص لا يريدون أن يُعثر عليهم، والذين يمتلك بعضهم جوازات سفر مزيفة وهويات جديدة.

تفاصيل الهروب

بدأت الموجة الكبرى من الهروب في وقت متأخر من ليلة 7 ديسمبر 2024، بعد أن أدرك مساعدو الأسد أنه اختفى، حيث نُقل في قافلة روسية إلى قاعدة “حميميم” الجوية.

عندما وصلت أنباء الرحلة، بدأ كبار الموظفين يتصلون بعائلاتهم في حالة ذعر، بينما كان المتمردون يتقدمون نحو دمشق، مما دفعهم إلى البحث عن طرق للهروب.

فوضى عارمة

في وزارة الدفاع، تجمع ضباط الأمن الكبار وعائلاتهم، بينما كان مدير استخبارات سلاح الجو قحطان خليل يدبر رحلة هروب خاصة، حيث أقلعت طائرة من طراز “ياك-40” متجهة إلى قاعدة “حميميم”.

في مكان آخر من دمشق، كان ماهر الأسد ينظم هروبه الخاص، طالباً من أصدقائه مغادرة منازلهم للحاق بطائرته الخاصة، وسط حالة من الفوضى العارمة.

نهب وسرقة

داخل أجهزة الأمن، كان الوضع يسوده الفوضى، حيث استولى المسؤولون على الأموال والأقراص الصلبة قبل الهروب، ووصل بعضهم إلى السفارة الروسية للحماية.

تمكن علي مملوك، مدير الأمن الوطني المتقاعد، من الفرار إلى السفارة الروسية بعد نجاته من كمين، لينتهي به المطاف في روسيا مع آخرين.

تفاهمات ضمنية

لتقليل المقاومة، كان هناك تفاهم غير معلن بين قادة المتمردين لغض الطرف عن الفارين باتجاه الساحل السوري، لكن هذا التسامح لم يمنح للواء بسام الحسن المتهم بالإشراف على الهجمات الكيميائية.

تمكن الحسن من الفرار، ووصل إلى لبنان ثم إيران، قبل أن يعود إلى بيروت ضمن صفقة لتقديم معلومات للاستخبارات الأميركية، ويعيش حياة مرفهة.

العدالة الغائبة

بالنسبة لعشرات الآلاف من السوريين الذين عانوا من نظام الأسد، تبدو العدالة بعيدة المنال، في ظل استمرار الانقسامات الدولية حول الملف السوري.

يبقى السؤال عما إذا كانت الحكومة الحالية تمتلك الإرادة أو القدرة على ملاحقة كبار مجرمي الحرب، في ظل غياب محكمة دولية أو آلية عدالة شاملة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك