تسعى شركة “هانوا” Hanwa Defence، إحدى أبرز كبرى المؤسسات الدفاعية في كوريا الجنوبية، إلى إعادة صياغة علاقاتها مع دول الشرق الأوسط، حيث تهدف إلى أن تكون شريكًا متكاملًا في تطوير الصناعات الدفاعية المحلية، وليس مجرد مورد للأسلحة.
شراكة استراتيجية في الشرق الأوسط
تتمتع “هانوا” بوجود متزايد في أسواق الخليج ومصر وإفريقيا، حيث تقدم مجموعة من الحلول الدفاعية تشمل المدفعية ذاتية الحركة K9 Thunder، المعروفة بـ”الرعد”، وراجمات الصواريخ K239 Chunmoo، إضافة إلى أنظمة القيادة والطائرات غير المأهولة والتقنيات العسكرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وفي حديث خاص مع “الشرق” خلال مؤتمر ADEX للصناعات الدفاعية في سيول، أكد الرئيس الإقليمي للشركة في الشرق الأوسط وإفريقيا، سونج إيل، أن استراتيجية “هانوا” اعتمدت على نقل المعرفة والتكنولوجيا وتوطين الصناعات بدلاً من التركيز فقط على المبيعات التقليدية للمنتجات الدفاعية.
استراتيجية توطين الصناعات الدفاعية
وأوضح سونج أن التعاون الدفاعي يتمثل الآن في بناء شراكات طويلة الأمد مع دول الخليج وشمال إفريقيا، مما يعكس استراتيجية مستدامة. وأضاف أن السنوات المقبلة ستشهد خطوات لتعميق هذه الشراكات وزيادة القدرات الصناعية للدول المعنية.
وكشف سونج عن أن “فلسفة هانوا” تعتمد على إدماج الشراكات في الاقتصاد المحلي وتعزيز المنظومة الدفاعية، من خلال نقل التقنيات وبناء قدرات تصنيع محلية وتطوير الكوادر البشرية عبر برامج تدريب واستثمارات مشتركة.
التعاون مع السعودية والإمارات
وأفادت الشركة بأنها تتعاون بشكل وثيق مع وزارة الدفاع الكورية والجهات الحكومية الأخرى لتنسيق نقل التكنولوجيا الدفاعية إلى دول المنطقة، مع التركيز على المشاريع المشتركة مع السعودية والإمارات. وأكد سونج التزام بلاده بنقل التكنولوجيا بشكل مسؤول وبمشاركة فعالة للصناعات المحلية.
أضاف سونج أن “التعاون يشمل وضع ضمانات قانونية لنقل الإنتاج والتوطين بما يخدم المصالح المشتركة ويتوافق مع القوانين الدولية”.
إمكانات التعاون في الخليج
اعتبرت “هانوا” الخليج منطقة ذات فرص كبيرة لتعزيز القدرات الدفاعية. ويرى سونج أن هناك استعدادات واضحة في دول مجلس التعاون الخليجي لإطلاق شراكات صناعية حقيقية في هذا المجال. وأشار إلى التزام القيادات في السعودية والإمارات بتطوير القدرات الدفاعية الوطنية كجزء من رؤاها الاستراتيجية.
في هذا السياق، بدأت الإمارات والسعودية مشاريع لتعزيز القطاع الدفاعي، مع خطة السعودية لتوطين 50% من احتياجاتها الدفاعية عبر منظومة تصنيع محلي ضمن رؤية 2030.
مواجهة القيود التصديرية
تواجه الصناعات الدفاعية قيودًا تصديرية تتعقد بسبب استخدام العديد من الدول مكونات من بلدان مختلفة. وتعمل “هانوا” على التغلب على هذه المشكلة من خلال الاستثمار في الاعتماد الذاتي والبحث والتطوير المحلي.
ويشير سونج إلى أن مدفع K9 ومنظومة راجمات الصواريخ تم تصميمهما مع تقليل الاعتماد على المكونات الخارجية، مما يتيح تسريع التعاون مع الشركاء في الشرق الأوسط.
عقود ومفاوضات مستمرة
أبرمت “هانوا” عدة عقود مهمة مع دول مثل مصر والسعودية؛ حيث تم تقديم مدفع K9 لمصر باتفاق قيمته 1.66 مليار دولار، وعقد آخر مع السعودية بقيمة 800 مليون دولار لدعم قدراتها الدفاعية. كما تتطلع الشركة إلى تأسيس شراكات قائمة على الإنتاج المحلي في دول أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، تشارك “هانوا” في مشروع لتزويد الإمارات بمنظومات الدفاع الجوي الحديثة مع شركات كورية أخرى.
التوسع في أبعاد التدريب والصيانة
تسعى “هانوا” إلى توسيع تعاونها في مجالات الصيانة والتدريب من خلال إنشاء مراكز في دول المنطقة، مما سيسهم في تعزيز قدرات الكوادر المحلية. ويؤكد سونج أن هذه المراكز لن تعمل على الصيانة فحسب، بل ستشكل قاعدة قوية لدعم القدرات التشغيلية.
الجهود تسعى لضمان كفاءة صيانة الأنظمة، مما يمكّن الشركاء المحليين من تحقيق استقلالية تشغيلية وتحديث مستمر.
توجه نحو الابتكار والتكنولوجيا
تسعى “هانوا” لتعزيز شراكاتها الدفاعية من خلال الابتكار التكنولوجي، بدءًا من أنظمة القيادة الذكية إلى المركبات غير المأهولة. ويعتبر سونج أن هذه المرحلة الجديدة من التعاون تتطلب تحالفات عميقة ومستمرة.
كما أبدت الشركة استعدادها للتعاون مع جامعات ومراكز بحثية في الشرق الأوسط لاستكشاف فرص مشتركة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والمركبات ذاتية القيادة.
الاعتماد الصناعي الكامل
في السنوات الأخيرة، تحولت كوريا الجنوبية من مستورد للأسلحة إلى دولة رائدة في تصنيع الأنظمة الدفاعية. وحسب سونج، فإن “هانوا” حققت تقدمًا كبيرًا في قدرتها على الإنتاج المحلي، حيث يتم تطوير العديد من الأنظمة في كوريا نفسها.
هذا التوجه يعزز الاعتماد على قدرات التصنيع الذاتي، مما يتيح للدول الشريكة القدرة على الاستقلال عن سلاسل التوريد الخارجية.