نجح الجيش الروسي في اختبار صاروخ “بوريفيستنيك” المجنح، الذي يعمل بالطاقة النووية، مُحرزًا بذلك خطوة هامة في تطوير تقنيات الدفاع الاستراتيجي الحديثة. الصاروخ قطع مسافة 14,000 كيلومتر في 21 أكتوبر 2025.
تفاصيل الصاروخ
يُعتبر “بوريفيستنيك”، المعروف أيضًا بـ SSC-X-9 Skyfall وفق التصنيف الغربي، صاروخًا مجنحًا فريدًا يتميز بمحرك يعمل بالطاقة النووية. ما يمنحه مدى نظري غير محدود، ومتطلبات تحليق مستمر حول هدف معين أو تغيير مساره بشكل غير متوقع، مما يجعله صعب الاعتراض.
كما يُتيح للصاروخ حمل ذخائر نووية متنوعة، وقد صُمم خصيصًا لاستهداف مواقع استراتيجية بعيدة عن الأراضي الروسية، دون قيود زمنية أو جغرافية.
آراء الخبراء العسكريين
اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق وأستاذ الاستراتيجية، أشار إلى أن الصواريخ فرط الصوتية، التي تزيد سرعتها عن خمس مرات سرعة الصوت، تُولد مجالًا مغناطيسيًا وطبقة بلازما حولها مما يعقد أنظمة الدفاع الصاروخي في التصدي لها.
وأكّد أن “بوريفيستنيك”، رغم كونه لا يُصنف كصاروخ فرط صوتي، يعتمد على الوقود النووي والمناورة. ووصف هذه الأسلحة بـ “أسلحة الردع الاستراتيجي”، مستندًا إلى مبدأ “اليد الميتة”: “إذا نجح خصمك في الضربة الأولى، فالضربة الثانية ستصل إليه حتمًا.”
تقييم القدرات والتحديات
أوضح سالم أن التقدم العلمي في هذا المجال يجعل الاعتماد النهائي على “الله” كحامي أخير، مما يشير إلى خطورة التصعيد النووي المحتمل.
الخبير محمد منصور، باحث في شؤون التسليح، سلط الضوء على أهمية “بوريفيستنيك” في ميزتين رئيسيتين: المحرك النووي الذي يمنحه مدى غير محدود، وقدرته على حمل ذخائر نووية متنوعة.
وأشار إلى احتمال سرعة الصاروخ (دون الصوتية) كأحد نقاط الضعف امام أنظمة الدفاع الجوي الحديثة، لكنها يمكن أن تُعوض من خلال: المناورة التكتيكية، والتشويش الإلكتروني، والشراك الخداعية.
استراتيجية عسكرية شاملة
وصف منصور الصاروخ بأنه ليس سلاح اشتباك تكتيكي، بل أداة ردع استراتيجية تهدف إلى منع الخصوم من الدخول في حرب نووية، ولا تهدف لخوض معارك تقليدية.
ويأتي اختبار “بوريفيستنيك” ضمن إطار استراتيجية عسكرية روسية شاملة بدأت منذ عام 2017، مع دخول صواريخ “كينزال” الفرط صوتية الخدمة، والتي استُخدمت للمرة الأولى في العمليات القتالية بأوكرانيا عام 2022.
ويمثل هذا التوجه جزءًا من رؤية روسيا لتحقيق التفوق النووي من خلال تطوير آليات “غير قابلة للدفاع”، تشمل أنظمة جوية وبحرية، بل وحتى فضائية.


