صفقة تاريخية في هوليوود
تعيش هوليوود أوقاتًا غير مسبوقة، بعد أن أعلنت نتفليكس عن صفقة استحواذ تضم Warner Bros. Discovery بقيمة 82.7 مليار دولار. تُعَد هذه الخطوة واحدة من أكبر الصفقات في تاريخ صناعة الترفيه، مما قد يُعيد تشكيل مشهد الإعلام الأميركي والعالمي بشكل جذري.
الصفقة أثارت ردود فعل متباينة من مختلف الأطراف، بما في ذلك البيت الأبيض والكونغرس، بالإضافة إلى النقابات الأمريكية، حيث جاءت التحذيرات بشأن احتمال “تركيز احتكاري خطير” في سوق الإعلام.
وبينما تزداد التساؤلات حول موقف الجهات التنظيمية والإدارة الأميركية من هذه الصفقة الكبيرة، تطرح القضية تحديات إضافية في ظل الظروف الراهنة التي تواجهها صناعة الترفيه من أزمات اقتصادية وإضرابات عمالية.
قلق في البيت الأبيض
رغم عدم تحديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب موقفه الرسمي من الصفقة، إلا أن تسريبات إعلامية تشير إلى أن البيت الأبيض يُظهر “شكوكًا كبيرة” بخصوص منح نتفليكس هيمنة إضافية على سوق الإعلام.
وقد أعادت هذه الشكوك فتح النقاش حول المنافسة ومكافحة الاحتكار في عالم البث الرقمي، ووسعت الجدل حول نفوذ الشركات الكبرى في السوق.
يتوقع أن تخضع الصفقة لمراجعة شاملة من وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية، وفقًا لقوانين مكافحة الاحتكار، حيث يُتوقع أن تستغرق العملية بين 12 و18 شهراً لاستكمال جميع الموافقات.
رسوم انفصال كبيرة
على الرغم من الضغوط، أعربت نتفليكس عن ثقتها في إمكانية إتمام الصفقة، وقد دفعت مبلغ 5.8 مليار دولار كرسوم انفصال لصالح Warner Bros. Discovery في حال عدم موافقة الحكومة.
قال تيد ساراندوس، الرئيس التنفيذي المشارك لنتفليكس، إنه يعتبر الصفقة مفيدة للمستهلكين وصناع المحتوى، مع الالتزام بالحفاظ على تشغيل Warner Bros. وHBO Max بشكل مستقل في المرحلة الأولى.
خلال المفاوضات، وصف ساراندوس التحديات بأنها كانت شديدة، وأن الشركة خاضت منافسة صعبة للحصول على الصفقة.
رهانات استراتيجية
وفقًا لمجلة “فارايتي”، فإن قرار Warner Bros. Discovery بالتعاون مع نتفليكس كان بمثابة “رهان استراتيجي”، يعكس أزمة القطاع الحالية. حيث يتمتع العرض الذي قدمته نتفليكس بجاذبية مالية وتنظيمية أفضل.
أكد ديفيد زاسلاف، الرئيس التنفيذي لـWBD، أن الصفقة تمثل خيارًا مناسبًا للطرفين، حيث توازن بين قدرات نتفليكس التكنولوجية وموارد Warner Bros. المحتوي.
اعتراضات من دور العرض
أثارت الصفقة انتقادات قوية من شريحة واسعة من السينمائيين، مثل Cinema United، معتبرين أن الاستحواذ قد يُقلل من إنتاج المحتوى المخصص لدور العرض السينمائي.
تشير الاعتراضات إلى أن الصفقة قد تؤدي إلى تقليص عدد الأفلام الموجهة للعرض، وتعزيز نموذج الإطلاق الرقمي، مما يُهدد دور السينما الصغيرة والمتوسطة.
القلق في السوق الهندية
أعربت Multiplex Association of India عن قلقها حيال الصفقة، محذرة من تأثيرها السلبي على جودة وتنوع الأفلام في الهند.
تعتقد الجمعية أن دمج منصة بث كبرى مع استوديو ضخم قد يؤثر سلبًا على الصناعة، ويخلق سابقة تهدد النظام البيئي لصناعة السينما في البلاد.
مخاوف من الهيمنة العالمية
قادت Paramount Global حملة اعتراضات قوية عبر رسالة رسمية لـWBD، حيث أبدت مخاوفها من امتلاك نتفليكس لمكتبة Warner Bros.، مؤكدة أنه قد يؤدي إلى “هيمنة عالمية غير قابلة للمنافسة”.
وتعزز هذه المخاوف من موقف ديفيد إليسون، رئيس Skydance، الذي يُعتبر منافسًا كبيرًا في هذا الصدد، وعلاقته القوية بالرئيس ترمب.
أسئلة حول مستقبل HBO
يتساءل الكثيرون عن مستقبل HBO وHBO Max تحت إدارة نتفليكس. تشير المعلومات إلى أن الشركة ستواصل خدمات HBO Max ككيان مستقل أولاً، قبل اتخاذ قرارات بشأن الدمج في المستقبل.
تضّيق الخيارات المستقبلية، والتي تتضمن دمج المحتوى مع الاحتفاظ بعلامة HBO، أو إعطاء خدمات HBO Max تكامل خاص ببعض الأسواق.
تحذيرات من النقابات
جاء الإعلان عن الصفقة بمثابة صدمة للنقابات الأربعة الكبرى في هوليوود، حيث حذرت من تداعيات سلبية على حقوق العاملين وظروف العمل.
وأكدت النقابات أن الصفقة تمثل نموذجًا مخالفًا لأهداف قوانين مكافحة الاحتكار، الذي يسعى لحماية المنافسة في السوق.
سيناريوهات محتملة
تشير التوقعات إلى عدة سيناريوهات محتملة بشأن الصفقة، بما في ذلك موافقة مشروطة، أو موافقة كاملة، أو الرفض التام الذي قد يُعتبر احتمالًا مع تصاعد الاعتراضات.
تحول تاريخي في هوليوود
أيا كانت النتيجة، يتفق الخبراء على أن هذه الصفقة تُعد نقطة تحول كبيرة، فهي يُمكن أن تكون أكبر عملية إعادة تشكيل في صناعة الترفيه منذ اندماج ديزني وFox.
وفي انتظار قرار البيت الأبيض والجهات التنظيمية، تظل التساؤلات قائمة: هل ستُسمح واشنطن بتكوين أكبر تكتل ترفيهي في عصر الرقمنة؟