تشهد الساحة العسكرية العالمية تنافسًا حادًا بين الولايات المتحدة والصين وروسيا في مجال تطوير قاذفات القنابل الاستراتيجية بعيدة المدى. ورغم الهيمنة الأمريكية التي استمرت منذ الحرب الباردة، تواجه الآن موضع تساؤل كبير حول قدرتها على الحفاظ على هذا التفوق، كما أفادت مجلة The National Interest.
لم تكتفِ الصين بالاستعراض التكنولوجي لطائراتها العسكرية لمواجهة الهيمنة الأمريكية في تكنولوجيا التخفي، بل تسعى روسيا بدورها لتطوير أسلحتها للانتقال إلى هذا السباق. حيث تعمل على تطوير قاذفتها الجديدة PAK DA، التي تأمل أن تشكل مفتاح التوازن أمام أحدث القاذفات الأمريكية، B-21 Raider.
تأتي عملية تطوير PAK DA وسط تصاعد الجدل في الغرب حول إمكانية نجاحها، حيث تنتمي إلى مكتب تصميم Tupolev الشهير، وعلى الرغم من إعلان روسيا في أكتوبر الماضي عن عزمها الاستمرار في إنتاج الطائرة، إلا أن التقارير تشير إلى أن البناء الفعلي لن يبدأ قبل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين.
مواصفات PAK DA
من المتوقع أن تكون PAK DA طائرة دون سرعة الصوت، مع سرعة تصل إلى 497 ميلاً في الساعة. وقد تحتل المعايير مثل المدى والتخفي مكانة متقدمة في التصميم على حساب سرعة الطائرة.
المصممون يحددون مدى الطائرة ليصل إلى ما بين 4000 و7500 ميل بدون إعادة التزود بالوقود، مع سقف خدمة يبلغ 65617 قدمًا وأقصى وزن للإقلاع حوالي 145 طناً.
حالياً، تظل مواصفات الطائرة غير مؤكدة، ويُعتقد أنها ستعمل بمحركات turbofan من طراز Kuznetsov، بجانب تطوير محرك جديد يعرف باسم “Product RF” dédiésلهذه الطائرة.
تسعى PAK DA لتحميل ما بين 60 و70 ألف رطل من الأسلحة، تشمل صواريخ كروز مثل Kh-102 وKh-555 وKh-101. كما سيتم تصميمها لحمل مزيج من الذخائر التقليدية والنووية، بما في ذلك الأسلحة الأسرع من الصوت مثل Kh-47M2 Kinzhal.
وتشير بعض المصادر إلى إمكانية استخدام PAK DA لأسراب من الطائرات دون طيار لتعزيز القدرات الهجومية التي تفتقر إليها القوات الروسية.
B-21 Raider
على الجهة الأخرى، كشفت الولايات المتحدة عن قاذفتها الجديدة B-21 Raider، التي تتميز بتصميم شبح يجمع بين المواد الممتصة للرادار وتقنية الجناح الطائر. يُعتبر هذا النظام تطوراً يعتمد على الخبرات المكتسبة من برنامج B-2 Spirit السابق.
القاذفة الأمريكية مصممة لحمل أسلحة تقليدية ونووية، حيث يمكنها إطلاق مجموعة واسعة من الذخائر، بما في ذلك القنابل النووية مثل B61 وB83. كما جرى تصميم صواريخ كروز فرط صوتي لمواجهة تهديدات روسيا.
تتوقع التقارير العسكرية أن يبلغ مدى B-21 Raider حوالي 7456 ميلاً، مما يسهل تنفيذ المهام العالمية بدون الحاجة لوجود قواعد أمامية.
مع تزايد التطورات العسكرية في الصين وروسيا وإيران، تعد طائرات B-21 وسيلة رئيسية لتجاوز أنظمة منع الوصول التي تحاول تلك الدول فرضها. لذلك، تنوي القوات الأمريكية نشر تلك القاذفات ضمن أسراب مختلطة مع الطائرات غير المأهولة.
تم تصميم B-21 لتكون أكثر كفاءة من سابقاتها، حيث تعكس الدروس المستفادة من تكاليف صيانة B-2 Spirit، ما يجعلها ‘طائرة يومية’ مع متطلبات صيانة أقل تعقيدًا.
مواجهة مرتقبة
رغم عدم إمكانية تواجد B-21 Raider وPAK DA في قتال مباشر، إلا أن تلك الطائرات تمثل قدرات استراتيجية أساسية في حال اندلعت مواجهات عسكرية بين الولايات المتحدة وروسيا.
يبدو أن روسيا قد تفوقت على الولايات المتحدة في بعض الجوانب، فقاعدة الإنتاج الروسية متفوقة وتتيح مزيدًا من الاستمرارية في الانتاج، بينما تظل الولايات المتحدة تواجه صعوبة في إدخال منصات متقدمة.
تتمتع PAK DA بكفاءة وزن إقلاع أكبر، مما يتيح لها تحميل مزيد من الذخائر، كما تملك روسيا ترسانة من الأسلحة الفرط صوتية المتنامية، ما يمنحها تفوقًا تقنيًا في بعض المجالات.
إضافة إلى ذلك، وفقًا لاتفاقية New Start، فإن الترسانة النووية الروسية تعتبر أكثر حداثة من نظيرتها الأمريكية، مما يعكس الفجوة بين الجانبين.
حتى مع الجوانب الرائدة في تكنولوجيا التخفي الخاصة بـ B-21، تظل روسيا قادرة نظريًا على زيادة إنتاج أنظمة مشابهة بطريقة أسرع، مما يجعل سيناريوهات المواجهة أكثر تعقيدًا في المستقبل.