كنت قد تناولتُ سابقًا الإشارة إلى ثورة تطوير المناهج التي تقوم بها حاليًا وزارة التربية والتعليم، خاصة بعد أن نجحت الوزارة، بدءًا من العام الماضي ـ وبصورة غير مسبوقة افتقدناها على مدى الثلاثين عامًا الماضية ـ في إعادة الطلاب والمدرسين إلى المدرسة مرة أخرى، حتى تقوم المدرسة بدورها التربوي الذي افتقدته طوال هذه السنوات الطويلة، بعد أن هجرها الطلاب والمدرسون من أجل الدروس الخصوصية.
وبدأت المدرسة مرة أخرى تقوم بدورها التربوي، وهو ما يتفق مع مسمّى الوزارة نفسها: “التربية أولًا ثم التعليم”. ولهذا سيكون العام الدراسي الجديد أكثر انضباطًا وحضورًا من كلا الطرفين. ومن هنا بدأت الوزارة خطوتها التالية في تنفيذ ثورة تطوير المناهج بصورة حديثة وعصرية، وتم تنفيذ بعضها بالتعاون مع دول أجنبية، وفي مقدمتها اليابان، وسيتسلم جميع التلاميذ المناهج التي انتهت من تطويرها ـ وبشكل غير مسبوق ـ مع الأسبوع الأول من الدراسة هذا العام.
وستستمر الوزارة خلال الشهور القليلة القادمة في استكمال عملية تطوير بقية المناهج الأخرى، وتشمل المناهج المطوّرة الجديدة ما يلي:
- مادة اللغة العربية: من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي.
- مادة التربية الدينية (الإسلامية والمسيحية): للصفوف من الأول الابتدائي وحتى الثاني الإعدادي.
- مادة الدراسات الاجتماعية: للصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي والثاني الإعدادي.
- مادة اللغة الإنجليزية: من رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية.
- مادة العلوم: الصف الثاني الإعدادي.
- مادة الرياضيات: الصف الثاني الإعدادي.
وسيتم تباعًا رفع الكتب الدراسية المطوّرة عبر موقع الوزارة، كما سيفاجأ التلاميذ بكتاب مادة الرياضيات المطوّر للصف الأول الابتدائي، والذي تم تطويره بالتعاون مع الجانب الياباني، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ التعاون بين الدولتين. ويولي هذا الكتاب اهتمامًا خاصًا بتنمية المهارات الأساسية وتبسيط المادة العلمية بما يتماشى مع النظام الياباني، وبما يُدرَّس للطلاب في نفس المرحلة باليابان، حيث يُعرف النظام التعليمي الياباني بتركيزه على بناء أساس رياضي قوي من خلال تبسيط المحتوى، وهو ما أثبت كفاءته عالميًا.
وقد استفادت الوزارة في مجال تطوير هذه المناهج من الخبرات الوطنية والدولية، وبالتعاون مع مؤسسات وطنية عريقة، وفي مقدمتها مؤسسة الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، في تطوير مناهج مادة التربية الدينية (الإسلامية والمسيحية) ومشاركتهما الفعّالة في إعداد محتوى تربوي يرتكز على ترسيخ القيم الأخلاقية والإنسانية في نفوس أبنائنا الطلاب.
وأكدت الوزارة أن جميع حقوق الملكية الفكرية لهذه المناهج مملوكة للدولة المصرية، ممثلةً في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بعد أن تم الاستغناء عن جميع المؤلفين الخارجيين والكتب التي كانت تمثّل رؤيتهم هم لا رؤية الوزارة، إذ كانوا يمثلون “إمبراطورية” من المنتفعين بتأليف كتب الوزارة.
كما تعاونت الوزارة أيضًا مع المؤسسات الوطنية والدولية، وأثمر هذا التعاون عن تطوير شامل لمناهج اللغة العربية والتربية الدينية والدراسات الاجتماعية واللغة الإنجليزية. كما انتهت من جميع تدريبات اللغة العربية على المناهج المطوّرة من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف السادس الابتدائي بتقنية الفيديو كونفرانس، وجارٍ تدريب المعلمين بالتقنية نفسها على المناهج المطوّرة لمادة الدراسات الاجتماعية، كما ستنظم الوزارة تدريبات اللغة الإنجليزية قريبًا.
كذلك ستُطلق الوزارة هذا العام، في خطوة هي الأولى من نوعها وتيسيرًا على جميع أبنائنا وبناتنا، كتبًا مطبوعة للتقييمات في جميع المواد الدراسية، تخفيفًا للأعباء على السادة المعلمين ودون تحميل أي أعباء مالية على أولياء الأمور.
ولذلك سيكون العام الدراسي الجديد مختلفًا تمامًا، ويرتدي ثوبًا جديدًا لم نألفه منذ ثلاثين عامًا مضت.