الدوحة تشهد أسبوعًا ثانيًا من المفاوضات المكثفة للهدنة في قطاع غزة، مدفوعة بتحركات دبلوماسية مصرية قطرية، بينما تتصاعد الآمال في واشنطن حيال التوصل إلى اتفاق وشيك، وسط مخاوف من تعثر الجهود وعودة الأوضاع إلى نقطة الصفر.
أسباب التأخير المحتمل
يرى خبراء أن تأخر التوصل إلى هدنة ثالثة منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول يعود إلى عدة عوامل، أبرزها غياب ضغط أمريكي فاعل، وممانعة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورفض حركة “حماس” لخرائط الانسحاب الإسرائيلية.
تتعارض الخرائط الإسرائيلية مع التفاهمات السابقة التي تم التوصل إليها في هدنة كانون الثاني الماضي، وذلك بعد توسع نطاق الاحتلال الإسرائيلي.
سيناريوهات محتملة
يواجه مسار المفاوضات ثلاثة سيناريوهات رئيسية: أولها، ممارسة ضغط أمريكي حقيقي يؤدي إلى اتفاق سريع. ثانيها، انتظار انتهاء إجازة الكنيست لتجنب إسقاط حكومة نتنياهو، وإبرام اتفاق بتفاهمات جديدة. ثالثها، إصرار إسرائيل على موقفها الرافض للتعديلات، مما يؤدي إلى فشل المفاوضات.
جهود الوساطة مستمرة
أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، استمرار المفاوضات في الدوحة، مشيرًا إلى وجود أفكار متجددة على طاولة المفاوضات، وأن الوسطاء يكثفون جهودهم للوصول إلى اتفاق.
تزامن هذا التأكيد مع إعلان قناة “القاهرة الإخبارية” عن اجتماعات مصرية قطرية إسرائيلية في القاهرة لمناقشة تفاصيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وخروج المرضى، وعودة العالقين.
لقاءات مكثفة في القاهرة
عقد مدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد لقاءات مع وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، ووفود من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف تذليل العقبات أمام الاتفاق.
مرونة إسرائيلية مشروطة
أفادت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” بأن حكومة نتنياهو أبدت استعدادها لسحب عدد أكبر من قواتها من قطاع غزة خلال فترة الهدنة، مقارنة بعروض سابقة. وقدمت خرائط ثالثة تظهر انسحابًا جزئيًا للجيش، بعد أن كان حجم الانسحاب الإسرائيلي، خاصة من جنوب القطاع، نقطة خلاف رئيسية.
كانت إسرائيل تصر في السابق على الإبقاء على قواتها في منطقة واسعة نسبيًا، تشمل منطقة عازلة بعرض 3 كيلومترات على طول الحدود مع مصر قرب رفح، بالإضافة إلى “ممر موراج” الذي يفصل رفح عن خان يونس.
شروط حركة حماس
تطالب “حماس” بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت متمركزة فيها قبل انهيار وقف إطلاق النار الأخير في آذار الماضي، والتي لا تشمل المساحات الجديدة ولا المنطقة المعزولة التي تعرف باسم المدينة الإنسانية.
تعتبر الحركة أن هذه المنطقة تلتهم نحو 40% من مساحة غزة، وتثير مخاوف من التهجير، كما تلغي التواصل الجغرافي بين القطاع ومصر.
اتهامات متبادلة
اتهمت “حماس” نتنياهو بتعمد إفشال جهود الوسطاء لعدم رغبته في التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وفي المقابل، انسحب حزب يهدوت هتوراه الديني من الحكومة الائتلافية في إسرائيل بسبب خلاف بشأن الخدمة العسكرية.
على الرغم من ذلك، لا يزال نتنياهو يحظى بدعم سياسي كاف لإقرار اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في غزة.
تحركات نتنياهو
يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن نتنياهو ينتظر إجازة الكنيست حتى لا يتمكن خصومه من إسقاط حكومته، ويناور بشأن عدم الانسحاب كما نص اتفاق هدنة كانون الثاني الماضي.
يشدد أنور على أن مصر تعول على جهودها المكثفة مع قطر لحل أي عقبات أمام الاتفاق، مع ضمان ضغوط أمريكية موازية على نتنياهو.
تقييم فلسطيني
يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن التأخير يعود لرغبة نتنياهو في دخول إجازة الكنيست قبل 27 من الشهر الجاري لتجنب أي ضغوط تطالب بسحب الثقة منه.
يستبعد مطاوع توقف المفاوضات بسبب خرائط الانسحاب، مؤكدًا أن إسرائيل قادرة على العودة لاحتلال أي نقطة.
تفاؤل مصري أمريكي
أعرب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن ثقته بقدرة الرئيس دونالد ترامب على حل المشكلات المعقدة وإرساء السلام والأمن في العالم.
جاء ذلك عقب تفاؤل ترامب بالتوصل إلى اتفاق بشأن غزة “قريبًا جدًا”.
توقعات المرحلة القادمة
يرجح أنور أن تكثف الضغوط الأمريكية على نتنياهو لإبرام اتفاق فوري، أو انتظار إجازة الكنيست والذهاب لاتفاق.
يتوقع مطاوع أن يتم إبرام هدنة قرب إجازة الكنيست، وأن تقبل “حماس” تلك الهدنة تحت ضغوط. ويرى أن التفاؤل الأمريكي يعود إلى أن واشنطن حسمت إتمام الصفقة مع نتنياهو خلال زيارته الأخيرة للبيت الأبيض.