مصر تلوّح بالخيار الأخير لحماية حقوقها المائية في النيل، وتؤكد أنها لن تتهاون في الدفاع عن مصالحها “الوجودية” في مياه النيل، وذلك في أعقاب افتتاح إثيوبيا لسد النهضة وسط تصاعد الخلافات حول تشغيله وملئه.
ردود فعل غاضبة
افتتاح “سد النهضة” أثار ردود فعل قوية من جانب مصر، حيث اعتبرته القاهرة “إجراءً أحادياً مخالفاً للقانون والأعراف الدولية”، مؤكدةً أنه لا يترتب عليه أي تأثير على حقوقها المائية التاريخية في النيل.
وزارة الخارجية المصرية شددت على أن هذه الخطوة تمثل “خرقاً جديداً” للقانون الدولي، في ظل تجاهل أديس أبابا للبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي في سبتمبر 2021، والذي دعا إلى استئناف المفاوضات بين الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق ملزم.
تاريخ المفاوضات المتعثرة
بدأت إثيوبيا بناء “سد النهضة” عام 2011، ما أثار مخاوف مصرية من تأثيره على حصتها من مياه النيل. المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان توقفت في أبريل 2021، ما دفع مصر إلى اللجوء لمجلس الأمن للمطالبة بالضغط على أديس أبابا.
مصر أكدت في خطابها لمجلس الأمن أنها مارست “أقصى درجات ضبط النفس” على مدار السنوات الماضية، ولجأت إلى الدبلوماسية والمنظمات الدولية “إيماناً منها بأهمية تعزيز التعاون وتحقيق المصلحة المشتركة”.
اتهامات متبادلة
الخطاب المصري لمجلس الأمن اتهم أديس أبابا بتبني “مواقف متعنتة” و”السعي للتسويف في المفاوضات وفرض الأمر الواقع”، بدافع “أجندة سياسية” تهدف إلى “حشد الداخل الإثيوبي ضد عدو وهمي”.
الحكومة المصرية شددت على تمسكها “بإعمال القانون الدولي في نهر النيل”، مؤكدة أنها “لن تسمح للمساعي الإثيوبية للهيمنة على إدارة الموارد المائية بصورة أحادية”.
خيارات مصرية قادمة
السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، وصف افتتاح “سد النهضة” بأنه “عمل أحادي عدائي غير مسبوق”، مؤكداً أن مصر “لن تتهاون في الدفاع عن حقوقها التاريخية والقانونية المكتسبة والراسخة عبر القرون في مياه النيل”.
حجازي أشار إلى أن مصر تمتلك “أدوات دبلوماسية خشنة” لمواصلة الضغط على الموقف الإثيوبي، من خلال العودة مجدداً لمجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الأفريقي، والضغط من خلال أطراف خارجية.
تشكيك في جدية الافتتاح
خبير المياه المصري ضياء الدين القوصي اعتبر افتتاح “سد النهضة” “مكيدة سياسية”، مشيراً إلى أن العمل في تدشين السد لم ينتهِ بعد، وأن إثيوبيا لم تُكمل محطة توليد الكهرباء داخل السد.
القوصي حذر من أن حصة مصر من المياه ستتأثر بمجرد أن تأتي مواسم فيضانات منخفضة، مؤكداً أن مصر “لن تسمح بتشغيله وإدارته على حسابها مهما كانت الظروف”.
“مياه النيل خط أحمر”
عضو مجلس النواب مصطفى بكري أكد أن “افتتاح إثيوبيا لـ(سد النهضة) لا يعني أنها نجحت في إلغاء اتفاقية 1959، التي حددت حصة مصر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه”.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سبق أن شدد في أكثر من مناسبة على أن “مياه النيل خط أحمر”.