في أعقاب سلسلة حوادث مرورية مأساوية شهدتها مصر مؤخرًا، كثفت السلطات المصرية إجراءاتها الرقابية على الطرق السريعة في جميع أنحاء البلاد. وتشمل هذه الإجراءات حملات تفتيش مكثفة وتسجيل عشرات الآلاف من المخالفات المرورية يوميًا، بالإضافة إلى إخضاع السائقين لفحوصات الكشف عن تعاطي المخدرات.
حملات مرورية مكثفة
أعلنت وزارة الداخلية عن ضبط أكثر من 105 آلاف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة فقط، من بينها أكثر من ألف مخالفة في مناطق الأعمال بالطريق الدائري الإقليمي. كما تم فحص ما يقارب أربعة آلاف سائق، وتبين إيجابية أكثر من 500 حالة تعاطي للمواد المخدرة.
منذ بدء تشديد الإجراءات المرورية، سجلت وزارة الداخلية أكثر من 370 ألف مخالفة، وذلك وفقًا للبيانات اليومية التي تنشرها الوزارة. ترافق ذلك مع توسع كبير في نطاق فحوصات الكشف عن تعاطي المخدرات بين السائقين.
إحصائيات وأرقام
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن إجمالي عدد المركبات المرخصة في مصر بلغ أكثر من 10 ملايين مركبة حتى نهاية عام 2024. وتشمل هذه المركبات أكثر من خمسة ملايين سيارة ملاكي، وحوالي 300 ألف سيارة أجرة، إضافة إلى أكثر من مليون سيارة نقل ومقطورة.
تكامل الجهود
على خلفية الحوادث المأساوية التي وقعت على الطريق الدائري الإقليمي، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزارة الداخلية بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد المخالفين، وتكثيف الجهود لفرض الانضباط والالتزام بالقانون على الطرق.
تشديد القوانين
أكدت فريدة الشوباشي، عضو لجنة النقل بمجلس النواب، على أهمية الإجراءات التي تتخذها وزارة الداخلية، معتبرة إياها ضرورة ملحة كان يجب أن تحدث في وقت مبكر، نظرًا للمخاطر الكبيرة التي تشهدها الحركة المرورية، خاصة على الطرق السريعة.
وشددت الشوباشي على أن التطبيق الصارم والمستمر للقانون هو السبيل الأمثل لإعادة الانضباط المروري، وتحقيق الردع المطلوب، والتأكيد على أن هذه الإجراءات تمثل نهجًا مستمرًا وليس مجرد حملة مؤقتة.
شراكة استراتيجية
من جانبه، أكد محمد الصادق عوف، أستاذ هندسة الطرق بجامعة حلوان، على أن تحقيق الانضباط المروري والحد من الحوادث يتطلب شراكة حقيقية بين وزارتي النقل والداخلية. وأشار إلى أن الأعداد الكبيرة من المخالفات المرورية التي تم تسجيلها في أسبوع واحد تثير تساؤلات حول أسباب عدم تسجيل أرقام مماثلة في الفترات الماضية.
أرقام مقلقة
كشفت بيانات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عام 2024 شهد إصابة أكثر من 76 ألف مواطن في حوادث الطرق، بالإضافة إلى وفاة ما يزيد على 5 آلاف شخص.
دور وزارة النقل
أوضح عوف أن وزارة النقل تقع على عاتقها مسؤولية تجهيز الفواصل الموجودة على الطرق، خاصة تلك التي تشهد أعمال إصلاح، وتزويدها بالإنارة الليلية المناسبة، ووضع فواصل تمنع السيارات من السير عكس الاتجاه، وغيرها من الإجراءات الهندسية المعروفة.
تغليظ العقوبات
أضاف عوف أنه يجب على وزارة الداخلية ضبط الحركة المرورية من خلال أعمال الرقابة والتفتيش المستمرة، مع تغليظ العقوبات على سيارات النقل التي تخالف الأوزان المسموح بها، نظرًا للأضرار الكبيرة التي تتسبب بها للبنية التحتية وتكلفة إعادة تأهيل الطرق.
تطوير البنية التحتية
تنفذ الحكومة المصرية منذ عام 2014 “المشروع القومي للطرق”، والذي يتضمن إنشاء وتطوير طرق جديدة بأطوال تصل إلى أكثر من 7 آلاف كيلومتر، بالإضافة إلى تطوير وازدواج ورفع كفاءة 10 آلاف كيلومتر أخرى.
مواجهة التحديات
أشار الخبير المروري أحمد هشام إلى أن عملية تطوير منظومة الطرق خلال السنوات الماضية، وإن كانت ساهمت في حل أزمة الاختناق المروري، إلا أنها أدت في المقابل إلى زيادة المخالفات التي يرتكبها قائدي المركبات، سواء في السرعة الزائدة أو السير عكس الاتجاه.
وشدد هشام على أهمية التطبيق الصارم للقانون على الطرق، خاصة السريعة، للحد من الحوادث المرورية والحفاظ على أرواح المواطنين.