الخميس 13 مارس 2025
spot_img

محمد مفتكر يطرح أسئلة وجودية في “خريف التفاح”

افتتح فيلم “خريف التفاح” للمخرج المغربي محمد مفتكر عرضه في دور السينما المغربية يوم السبت 8 فبراير، ليبدأ رحلة عميقة في اكتشاف النفس البشرية وتعقيداتها. يتميز الفيلم بجوانبه الفلسفية التي تتجاوز الأسئلة الوجودية التقليدية، تاركًا للمشاهدين استكشاف أعماق الأفكار بدلاً من تقديم إجابات سهلة.

يشكل الفيلم تجربة فريدة تهدف إلى تحدي الجمهور، حيث يسعى المتلقّي إلى مراجعة أفكاره أثناء مشاهدته، في محاولة لجعله يتفاعل مع الأحداث وليس مجرد مشاهد سلبي.

رغم بعض الملاحظات البسيطة المتعلقة بمشاهد مكتبها، يظهر “خريف التفاح” كعمل فني جاد. وقد لجأ مفتكر إلى الرمزية في تصوير الأحداث، حتى وإن كان استخدامها في بعض الأحيان مفرطًا، مما ترك انطباعًا خاصًا في ذهن المشاهد.

تأثيرات سينمائية عالمية

يعكس الفيلم تأثيرات ملحوظة لمخرجين عالميين مثل أندريه تاركوفسكي وإنغمار بيرجمان. اعتمد مفتكر على أسلوبهم في استكشاف النفس البشرية وصياغة الشخصيات، عبر تصوير لا يفتقر إلى الشعرية التي تجذب الأنظار.

يتجلى ذلك من خلال إدارة المصور رافائيل بوش، الذي ساهم في تجسيد مشاعر الشخصيات وتناقضاتها، سواء من خلال الإضاءة أو الزوايا المستخدمة في التصوير.

المشاهد التي تبرز العلاقة بين الأستاذ والطفل، وكذلك تلك التي تتحدث فيها الأم عن علاقتها بالأب المفترض، تُعتبر أمثلة قوية على الرمزية العميقة في الفيلم.

فيلم بمقاربة خاصة

يمثل “خريف التفاح” الجزء الأخير من ثلاثية محمد مفتكر حول الأب. يتناول الفيلم التحديات التي تواجه عملية الإبداع، مشددًا على أن الفن لا يمكن أن يُقيد بالمعايير الأكاديمية الصارمة.

تتوفر في الفيلم عمقًا أكبر من فيلميه السابقين “براق” و”جوق العميين”، حيث تبرز موضوعات الخطيئة والرغبة بشكل مؤثر داخل العلاقات الأسرية.

الإيقاع البطيء للفيلم يناسب طابعه الفلسفي، مع ما يتضمنه من تحضيرات دقيقة لشخصياته. وفي الوقت الذي قد يشعر فيه البعض بالملل، تجد بعض الشخصيات الغنية والمركبة تسحق تلك المشاعر.

أداء متميز

الأداء الفني في الفيلم جاء متميزًا، حيث تألق سعد التسولي في دور يصنف كالأفضل في مسيرته. كما لاقى الأداء من فاطمة خير والفنانة الراحلة نعيمة المشرقي استحسانًا كبيرًا.

نجحت الشخصيات في تجسيد العلاقات العميقة بفضل التجارب السينمائية الغنية لكافة الممثلين. تجدر الإشارة إلى أن الفيلم حقق جائزة كبرى في المهرجان الوطني للفيلم المغربي ومهرجان السينما الإفريقية.

تيمة الأب والكتابة السينمائية

أوضح محمد مفتكر في تصريح لـ”الشرق” أن تيمة الأب في أعماله لا تخرج عن السياق الدرامي، بل تفرض نفسها بشكل طبيعي أثناء عملية الكتابة.

وأشار إلى أنه في خلال كتابته لسيناريو أفلامه غالبًا ما يجد نفسه يعود لتناول مواضيع الأبوة، رغم أن السيناريو قد يكون بعيدًا عنها.

اعداد الشخصيات

أوضح مفتكر أنه يبدأ عملية الكتابة بتحديد الشخصية، مع التركيز على جوانبها النفسية والاجتماعية. ويعتبر أن بناء الشخصيات يأتي كخطوة أولى، ثم يأتي المأزق لتطوير الحبكة.

الرمادي يكتسب مساحة كبيرة في تقديم الشخصيات، حيث لا يتم تصنيفهم بشكل صارم إلى طيب وشرير، مما يمنح العمل عمقًا إضافيًا.

خطط مستقبلية

بعد إغلاقه ثلاثيته، يعبّر مفتكر عن شعوره بالبحث المستمر عن فكر جديد لأفلامه المقبلة. يتأمل في تجربته مع “خريف التفاح”، ويعتبر أن السينما عملية تعلم مستمرة.

يعيش مفتكر حالة من الشك الدائم، مما يجعله يستمر في مواجهة تحديات الكتابة والإبداع بشغف استثنائي، ملتزمًا بمسار فني غير متوقع.

اقرأ أيضا

اخترنا لك