الجمعة 11 أبريل 2025
spot_img

محلية الصنع.. إيران تتسلم دبابات سليمان-402

تسلمت القوات المسلحة الإيرانية في أول مارس الجاري أول دفعة من الدبابة سليمان-402، التي تمثل تحديثًا محليًا للدبابة الأمريكية M60.

حفل تسليم في طهران

تشير التقارير من وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، والتي عززتها مصادر دولية مثل مجلة Military Watch وArmy Recognition، إلى أن مراسم رسمية في طهران شهدت تسليم هذه المركبات المتطورة، كجزء من جهود شاملة لتحديث أسطول الدبابات القديم في إيران.

ويأتي هذا التطور في وقت تعصف فيه التوترات الإقليمية والعقوبات الغربية، مما يبرز اهتمام طهران بالاعتماد على الذات في المعدات العسكرية ورغبتها في تعزيز قدراتها البرية في بيئة استراتيجية مضطربة.

تحسينات تقنية على M60

تمثل سليمان-402 إعادة تصميم شاملة لدبابة M60 باتون، التي تعد دبابة رئيسية منذ مرحلة الحرب الباردة والتي زودت بها الولايات المتحدة إيران في السبعينيات خلال فترة حكم الشاه.

تعتمد سليمان-402 على الدبابة M60A1 التي تتميز بمدفع 105 ملم، قادر على إطلاق قذائف مصممة لاختراق الدروع بسرعة أولية تصل إلى 1500 متر في الثانية، وبمدى فعّال يقارب 2000 متر.

المحرك والدرع

تعتمد على محرك ديزل من طراز Continental AVDS-1790-2A، يولد قوة تصل إلى 750 حصانًا، مما يمكن السيارة التي تزن 52 طناً من بلوغ سرعة قصوى تصل إلى 48 كيلومترًا في الساعة على الطرق، مع مدى يبلغ 500 كيلومتر. ويوفر الدرع المصنوع من الصلب المتجانس الحماية ضد الأسلحة الخفيفة وأولى الأسلحة المضادة للدبابات، لكنه انسحب أمام الأنظمة الحديثة بحلول أواخر القرن العشرين.

تتضمن خطة تحديث إيران، التي تنفذها منظمة الصناعات الدفاعية، تحسينات متطورة تتناسب مع التهديدات المعاصرة. وتتميز سليمان-402 الآن بنظام تحكم ناري محسن، مع دمج تقنية التصوير الحراري وأجهزة قياس المسافة بالليزر، مما يحسن من اكتساب الأهداف في ظروف الإضاءة المنخفضة.

التطورات في أنظمة التسليح

تم الاحتفاظ بالسلاح الرئيسي، لكن تمت زيادة التوافق مع الذخيرة لتشمل قذائف مضادة للدبابات من إنتاج محلي، مما يزيد من قدرتها على الاختراق ضد الدروع الحديثة. وتم تركيب الدروع التفاعلية، التي يُحتمل أنها تعتمد على تصميم Kontakt-5، التي تم الحصول عليها من خلال إعادة الهندسة على الهيكل والبرج، مما يوفر دفاعًا ضد الرؤوس الحربية القابلة للتشكيل.

تم تعزيز نظام التعليق، والذي كان يعتمد في الأصل على قضبان الالتواء، لتحمل الوزن الإضافي المقدر بين 3-4 أطنان، مما يزيد الوزن الكلي إلى حوالي 55 طناً. ولا تزال القدرة على الحركة تمثل أولوية، حيث تشير التقارير إلى محرك معزز—ربما نسخة من AVDS-1790 التي تنتج حتى 900 حصان—يُوسع المدى التشغيلي والرشاقة عبر التضاريس المتنوعة في إيران.

ترقية الأنظمة الإلكترونية

تتميز سليمان-402 بترقيات إلكترونية تميزها عن أسلافها. حيث يمكن لنظام إدارة المعارك الرقمية توليد تنسيق في الوقت الحقيقي مع الوحدات الأخرى، وهي قدرة كانت غائبة سابقًا عن أسطول M60 الإيراني. وتشمل تدابير الحماية أنظمة إطلاق قنابل الدخان ونظام حماية نشط محلي الصنع، يُعتقد أنه مشتق من نظام Arena الروسي، مصمم لالتقاط المقذوفات القادمة.

تتميز غرفة الطاقم، التي تضم أربعة أفراد—القائد، المدفعي، الطلق، والسائق—بتحسينات في راحة الاستخدام ومعدات للرؤية الليلية، مما يتوافق مع المعايير المتبعة من قبل نظرائها الإقليميين مثل دبابات Leopard 2 الحديثة في تركيا.

تقييم الخبراء

صرح الدكتور جيفري لويس، خبير التكنولوجيا العسكرية في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، في تحليل له نشرته مجلة Military Watch في مارس 2025، قائلًا: “سليمان-402 ليست دبابة جديدة، ولكنها تقدم قفزة ملموسة مما كان بحوزة إيران”.

وتأتي تسليم هذه الدبابات في وقت تسعى فيه إيران للحفاظ على رادع قوي وسط التوترات المستمرة مع إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة. ومع وجود تقديرات بأن لديها أكثر من 150 دبابة M60 قبل التحديث، أعطت إيران الأولوية لتحديث هذه المنصات بدلاً من استبدالها، وهو قرار مدفوع بالقيود الاقتصادية وصعوبة الوصول إلى أسواق السلاح الخارجية.

استراتيجية في التحديث

يعكس برنامج سليمان-402، الذي بدأ في أوائل العقد 2020، استراتيجية طهران في تعزيز الأنظمة القديمة لإطالة فترة خدمتها. وأكد اللواء محمد رضا آشتياني، وزير الدفاع الإيراني، خلال حفل الأول من مارس، على أهمية الابتكار المحلي في مواجهة الضغوط الخارجية، قائلاً: “هذا يتعلق بأقصى استغلال لما لدينا—الاكتفاء الذاتي هو قوتنا”.

بينما تبقى تفاصيل الإنتاج محاطة بالسرية، يُقدّر المحللون أن إيران تهدف إلى تحديث ما لا يقل عن 50-70 دبابة M60 إلى تكوين سليمان-402 بحلول 2027. تشمل العملية تفكيك كل دبابة في منشآت في شيراز وطهران، وإعادة تجهيز المكونات، وإجراء اختبارات ميدانية صارمة.

دروس مستفادة من التجربة

على عكس روسيا أو الصين، اللتين توفران لإيران بعض المعدات، تعتمد سليمان-402 بالكامل على الهندسة المحلية، مستفيدة من عقود من الخبرة في صيانة المعدات الموردة من الغرب بعد العام 1979.

قال العقيد جون سبنسر، ضابط متقاعد من الجيش الأمريكي متخصص في الحروب المدرعة، في تعليق نشرته Army Recognition في 1 مارس 2025: “تظهر قدرة إيران على تحديث M60 مستوى غير متوقع من الكفاءة الفنية على الرغم من العقوبات”.

التحديات المستقبلية

يساهم السياق الاستراتيجي في هذا الانتشار في تشكيل الطموحات الإيرانية والنقاط الضعيفة. حيث تواجه قواتها المدرعة، التي تضم أكثر من 1600 دبابة تشمل T-72 وChieftains، تحديات من حيث التقدم والقدرة على الصيانة.

تهدف سليمان-402 إلى سد هذه الفجوة، مقدمًة حلاً اقتصاديًا مقارنة بتطوير دبابة جديدة من الصفر، وهي مهمة تتجاوز قدرات إيران الصناعية الحالية. في النزاعات المحتملة، مثل المناوشات الحدودية مع العراق أو المعارك بالوكالة عبر حزب الله، قد تعزز دروع الدبابة المحسنة ونيرانها موقف إيران الدفاعي.

مراقبة دولية للتطورات

رغم ذلك، لا يزال فعاليتها ضد الأنظمة المتطورة مثل دبابة ميركافا IV الإسرائيلية أو دبابات أبرامز الموردة من الولايات المتحدة غير مُختبرة، مما يُثير تساؤلات حول قدرتها على الصمود أمام الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات الحديثة.

تتباين ردود الفعل الدولية على تسليم هذه الدبابات. إذ ترى الولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات صارمة على القطاع العسكري الإيراني، أن التحديث هو استمرار لجهود طهران للالتفاف على القيود. وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية في 2 مارس 2025 التزام واشنطن بـ”مواجهة التقدم العسكري الإيراني”، رغم عدم إعلان أي تدابير محددة تستهدف سليمان-402. بينما تراقب إسرائيل، الخصم الأساس، البرنامج عن كثب.

استنتاجات من المراقبين العسكريين

وقال الجنرال المتقاعد يعقوب أميدور، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في بيان لصحيفة The Jerusalem Post في 2 مارس 2025: “ترقيات إيران للدبابات لا تغير الموازين الإقليمية بعد، لكنها تشير إلى نوايا”.

فيما لا تزال تركيا، قوة إقليمية أخرى، صامتة بشأن سليمان-402، إلا أن قواتها المدرعة—التي تعززتها دبابات ألتاي المحلية—تتفوق بوضوح على قدرات إيران من الناحية التكنولوجية. وقد ترى السعودية، التي تتنافس طويلًا مع إيران، أن هذا التسليم هو حافز لتسريع استثماراتها العسكرية، خاصة في الدفاعات المضادة للدبابات.

مراحل النشر الأولية

تشير التوقعات إلى أن نشر سليمان-402 لا يزال في مراحله الأولية. ومن المحتمل أن يُعيّن الوحدة الأولى على الحدود الغربية لإيران، حيث تم اختبارها في تمارين في محافظة خوزستان ضد تهديدات مُحاكية. ويشكل تدريب الطواقم على تشغيل الأنظمة الجديدة تحديًا لوجستيًا، حيث تعتمد إيران على جنود مدربين لتكييف مهاراتهم مع واجهات السيطرة الرقمية.

تستمر صيانة الدبابات، التي لطالما كانت قضية مؤرقة للقوات المسلحة الإيرانية، في اختبار استدامة البرنامج، حيث لم يعد يتم إنتاج قطع الغيار الخاصة بمنصة M60 من قِبَل المُصنّع الأصلي، مما يحتم الاعتماد على التصنيع المحلي.

اقرأ أيضا

اخترنا لك