أقر مجلس النواب المصري مشروع قانون يهدف إلى تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، وهو خطوة تشريعية تعد الأولى من نوعها في البلاد بهدف ضبط الفتاوى وتحديد الجهات المخولة بإصدارها.
يأتي مشروع القانون في إطار الحاجة المتزايدة لتنظيم الفتاوى الشرعية، وذلك في ظل تزايد الفتاوى العشوائية التي أثارت جدلاً واسعًا في المجتمع المصري. وقد حظي هذا القانون بإشادة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، إلا أنه قوبل أيضًا بتحفظات من بعض الجهات، بما في ذلك نقابة الصحفيين التي أعربت عن مخاوفها بشأن بعض مواده.
وأكدت الحكومة أن الهدف من هذا المشروع هو تلبية ضرورة وطنية ودينية، حيث يحدّد الجهات المعنية بإصدار الفتاوى العامة والخاصة. ووفقًا للمادة الثالثة المعدلة، تتولى هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية والأزهر الشريف ودار الإفتاء إصدار الفتاوى العامة. بينما تركز الفتاوى الخاصة على الأفراد من خلال لجان الفتوى بوزارة الأوقاف تحت شروط علمية يحددها الأزهر.
إضافة إلى ذلك، يشترط القانون الجديد على وسائل الإعلام عدم نشر فتاوى بخلاف تلك الصادرة عن هذه الجهات، محذرًا من عقوبات تصل إلى الحبس لمدة 6 أشهر وغرامة قدرها 100 ألف جنيه للمخالفين.
مناقشات قانونية
شهدت مناقشات القانون جدلاً حول دور وزارة الأوقاف، حيث أبدى الأزهر تحفظات على السماح لأئمة الأوقاف بإصدار الفتاوى، مؤكدًا على ضرورة استقلالية الفتوى. ومع ذلك، تم التوصل إلى اتفاق بعد إدخال تعديلات اقترحها الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، تضمنت تعريفًا جديدًا للفتوى الشرعية.
أشاد وكيل الأزهر بمشروع القانون، واصفًا إياه بـ”الطفرة غير المسبوقة” في تنظيم الفتوى، في حين أكد وزير الأوقاف أسامة الأزهري على تدعيم وحده المؤسسات الدينية خلف الأزهر.
تأثيرات على الإعلام
من جهة أخرى، أبدت نقابة الصحفيين قلقها إزاء المادة التي تحظر نشر الفتاوى من غير المختصين، مشيرة إلى أنها تتعارض مع حرية الصحافة كما هو مذكور في المادة 71 من الدستور المصري. ودعت النقابة إلى إلغاء هذه المادة، محذرة من استخدام هذه القوانين لتقييد البرامج الدينية.
وفي المقابل، أكد النائب محمد طارق، عضو اللجنة الدينية، أن القانون يعزز الأمن القومي ويحمي المجتمع من الفتاوى المتشددة، مشددًا على أهمية تنظيم هذا الجانب.
الإطار القانوني الجديد
تُعد الفتوى الشرعية ركيزة أساسية في المجتمعات الإسلامية، حيث تؤثر في سلوك الأفراد والجماعات. إلا أن الفوضى التي عانت منها مصر في إصدار الفتاوى، لا سيما عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ساهمت في تضليل الرأي العام.
يهدف مشروع القانون إلى تجديد الخطاب الديني، وهو ما دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتعزيز دور الأزهر ودار الإفتاء في مواجهة الأفكار المتطرفة. يحتوي القانون على 9 مواد بالإضافة إلى 3 مواد مستحدثة، ويحدد شروط المؤثرين في مجال الفتوى.
التوافق بين المؤسسات
شهدت مناقشات القوانين السابقة خلافات حول استقلالية الفتوى، لكن التوافق الحالي يعكس تعاونًا معززًا بين المؤسسات الدينية. ومن المقرر أن تطرح اللائحة التنفيذية للقانون خلال الشهر المقبل، وتحدد تفاصيل تطبيق القانون وآليات ترخيص المفتين.