في تطور لافت، أعلنت السلطات المالية عن اعتقال مواطن فرنسي بتهمة التجسس لصالح الاستخبارات الفرنسية، في ظل اتهامات لـ”دول أجنبية” بمحاولة زعزعة استقرار مالي. يأتي ذلك وسط حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات الجنود بتهمة التخطيط للإطاحة بالحكومة.
اعتقالات في صفوف الجيش
المجلس العسكري الحاكم في مالي، والذي وصل إلى السلطة عبر انقلابين متتاليين عامي 2020 و 2021، أكد أن الاعتقالات الأخيرة شملت ضباطًا في الجيش المالي، وذلك على خلفية الاشتباه في تورطهم بمحاولة انقلابية.
وزير الأمن المالي، الجنرال داود علي محمدين، أشار إلى أن التحقيقات جارية، وأن الوضع الأمني تحت السيطرة الكاملة، وذلك خلال تصريحات أدلى بها عبر وسائل الإعلام المحلية.
تفاصيل المؤامرة المزعومة
تكشف هذه التطورات عن تصاعد التوتر السياسي والأمني في مالي، خاصة بعد مسيرة مؤيدة للديمقراطية في مايو الماضي، والتي كانت الأولى من نوعها منذ استيلاء الجيش على السلطة قبل أربع سنوات.
السلطات المالية لم تفصح عن تفاصيل كثيرة حول الانقلاب المزعوم، لكنها كشفت عن اسم المواطن الفرنسي المتورط، يان فيزيلييه، مؤكدة أنه كان يعمل نيابة عن جهاز الاستخبارات الفرنسي.
اتهامات للاستخبارات الفرنسية
وزير الأمن المالي اتهم الاستخبارات الفرنسية بتجنيد قادة سياسيين، وفاعلين في المجتمع المدني، وعسكريين ماليين، بهدف زعزعة استقرار البلاد. حتى الآن لم يصدر أي تعليق رسمي من فرنسا حول هذه الاتهامات.
الحكومة الانتقالية في مالي أعلنت اعتقال “مجموعة صغيرة من العناصر الهامشية من القوات المسلحة وقوات الأمن المالية” بتهمة ارتكاب جرائم جنائية تهدف إلى زعزعة استقرار مؤسسات الجمهورية.
إحباط محاولة الانقلاب
الجنرال محمدين أكد إحباط المؤامرة باعتقال المتورطين، مشيرًا إلى أن التخطيط بدأ في الأول من أغسطس الجاري. وقد بث التلفزيون الوطني صورًا لـ 11 شخصًا، قيل إنهم أعضاء في الجماعة التي خططت للانقلاب.
هوية المتورطين في المؤامرة
كشف وزير الأمن عن هوية اثنين من الجنرالات الماليين المتورطين في المؤامرة، وهما الجنرال عباس ديمبيلي، الحاكم السابق لمنطقة موبتي، والجنرال نيما ساغارا، الذي نال الثناء لدوره في محاربة المسلحين عام 2012.
تحليل دوافع الاعتقالات
المحلل رضا لياموري، من مركز السياسات للجنوب الجديد، يرى أن الاعتقالات وسيلة للترهيب أكثر من كونها محاولة انقلاب شرعية، وأن الجيش المالي يدرك حالة الاستياء بين السكان وأفراد الجيش.
لياموري أضاف أن هذه الاعتقالات تأتي في سياق متصل بالاعتقالات المتكررة غير المبررة ومحاكمة أي شخص يتحدث ضد النظام الحالي، سواء كانوا صحافيين، أو ناشطين في المجتمع المدني، أو قادة سياسيين.
تحديات أمنية مستمرة
تواجه مالي، إلى جانب بوركينا فاسو والنيجر، تمرداً منذ فترة طويلة تقوده جماعات مسلحة متطرفة، بعضها متحالف مع تنظيمي القاعدة وداعش.
وبعد الانقلابين العسكريين، طرد المجلس العسكري الحاكم القوات الفرنسية، وتحول نحو روسيا للحصول على مساعدات أمنية، لكن الأوضاع الأمنية لا تزال هشة.
تأجيل العودة للحكم المدني
تكثفت الهجمات من قبل الجماعات المتطرفة خلال الأشهر الأخيرة. وفي يونيو الماضي، مُنح القائد العسكري أسيمي غوتا 5 سنوات إضافية في السلطة، رغم الوعود السابقة بالعودة إلى الحكم المدني بحلول مارس 2024، وذلك بعد حل الجيش للأحزاب السياسية في مايو الماضي.
اضطرابات أمنية واقتصادية
تعاني مالي من اضطرابات أمنية واقتصادية منذ عام 2012، بسبب أعمال العنف التي ترتكبها جماعات جهادية وتنظيمات إرهابية، بالإضافة إلى عصابات محلية.
المساعدات الأجنبية
اتهم بيان للجيش، بثه التلفزيون الرسمي، الجنود والمدنيين المعتقلين بالحصول على “مساعدة من دول أجنبية”، وكشف عن اعتقال المواطن الفرنسي للاشتباه بعمله لصالح جهاز الاستخبارات الفرنسي.
تحديد هوية المتواطئين
أفادت مصادر أمنية باعتقال ما لا يقل عن 55 جنديًا، مشيرة إلى أن الحكومة تعمل على تحديد هوية “المتواطئين المحتملين” في محاولة الانقلاب المزعومة.
اعتقال شخصيات بارزة
أكد المجلس العسكري اعتقال جنرالين، أحدهما عباس ديمبيلي، وهو شخصية مرموقة في الجيش، إضافة إلى مسؤول سابق أُقيل أخيراً من منصبه.
تغيير التحالفات السياسية
تخلى المجلس العسكري بقيادة الرئيس أسيمي غويتا عن شركائه الغربيين، لا سيما فرنسا، للتحالف سياسياً وعسكرياً مع روسيا، في ظل التوترات المتصاعدة.