الخميس 13 نوفمبر 2025
spot_img

ليبيا: جدل بعد الإفراج عن هنيبال القذافي

spot_img

أثار قرار الإفراج عن هنيبال القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، جدلاً واسعاً في الأوساط الليبية بعد قضائه عشر سنوات في السجون اللبنانية، بين مؤيدين يرون فيه خطوة نحو المصالحة الوطنية، ومعارضين يعتبرونها محاولة لتلميع صورة حكومة الوحدة في طرابلس.

تباين الآراء الليبية

رغم أن مغادرة هنيبال القذافي السجن تمت بهدوء، فإن أصداء القرار تعاظمت في ليبيا، وأشعلت سجالاً سياسياً واجتماعياً في بلد يعاني انقساماً عميقاً منذ أكثر من عقد. بعض السياسيين والنشطاء الليبيين اعتبروا الإفراج عن هنيبال “بارقة أمل” لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.

ويرى هؤلاء أن ليبيا بحاجة إلى تجاوز الأزمات والحروب الأهلية التي استمرت لعقد ونصف العقد، والدخول في مرحلة جديدة من المصالحة التي لا تستثني رموز النظام السابق. فالناشط الليبي أنس الزيداني يعتقد أن البلاد بحاجة إلى طي صفحة الانقسامات، وتدشين مرحلة جديدة عنوانها المصالحة والإنصاف والكرامة الوطنية.

معارضة للإفراج

في المقابل، يرى المحامي الليبي فتحي تربل، عضو المجلس الانتقالي السابق، أن الحديث عن المصالحة الوطنية لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تسوية شاملة تعترف بانتهاكات النظام السابق، وتعويض الضحايا. ويؤكد أن شروط الثقة والضمانات الحقيقية المحلية والدولية لم تتوافر بعد.

وعبرت “الجمعية الليبية لسجناء الرأي” عن استغرابها الشديد لمحاولات تقديم الإفراج عن هنيبال القذافي كإنجاز وطني، مشيرة إلى أن مصير أكثر من 1270 مفقوداً لا يزال مجهولاً حتى اليوم، في إشارة إلى قضية “سجن أبو سليم” التي شهدت مقتل مئات السجناء عام 1996.

جهود حكومة الوحدة

وسط هذا السجال، حرصت حكومة الوحدة في طرابلس على تقديم كشف حساب بشأن جهودها لمتابعة ملف السجناء الليبيين في الخارج. وتزامن ذلك مع تداول مقطع فيديو قديم لرئيسها عبد الحميد الدبيبة، يقول فيه: “هنيبال ابن معمر القذافي وليس شخصاً عادياً، ونحن لن نتركه وحيداً”.

ويعتقد فريق من السياسيين أن حكومة الوحدة، التي أرسلت وفداً للتفاوض بشأن إطلاق سراح هنيبال في نوفمبر الجاري، تسعى إلى تلميع صورتها في ظل التحديات السياسية المعقدة.

انتقائية الحقوق

يرى فتحي تربل أن جهود الإفراج عن هنيبال تعكس شعوراً واسعاً بانتقائية التعامل مع الملفات الحقوقية في البلاد، حيث تذخر السجون بالمحتجزين والانتهاكات الحقوقية. ويصنف هذه المساعي ضمن محاولات التلميع السياسي ومد النفوذ القبلي من جانب حكومة الوحدة في غرب ليبيا.

من زاوية أخرى، يتزايد الجدل حول خطوة حكومة الدبيبة باعتبارها ذات بعد سياسي انتخابي واضح، كونها موجهة أساساً إلى أنصار النظام السابق، الذين يرى الباحث السياسي علي سالم أنهم يشكلون كتلة انتخابية كبيرة قادرة على حسم أي استحقاق انتخابي إذا ما تحركت بشكل منظم ومنسق.

الإفراج عن السنوسي

تزامنت هذه التطورات مع تساؤلات متصاعدة حول احتمال الإفراج عن عبد الله السنوسي من سجن في طرابلس، وهو ما عبر عنه القيادي بقبيلة القذاذفة، محمد نائل، وحميد سليمان خضر أحد قيادات مصراتة.

في المقابل، انتقد رئيس “الحزب الديمقراطي”، محمد صوان، “الاندفاع المحموم” نحو رموز النظام السابق، معتقداً أن محاولات إعادة تسويق هؤلاء الرموز “تصطدم بواقع جديد وبسنن التاريخ”.

عقوبات دولية

حتى اللحظة، لم يغادر هنيبال لبنان بعد الإفراج عنه، إذ يحتاج سفره إلى إذن من مجلس الأمن الدولي بسبب العقوبات المفروضة على عائلة القذافي منذ عام 2011. وقد جاء الإفراج بعد تسديد كفالة مالية بلغت نحو 893 ألف دولار أميركي، منهياً توقيفاً دام عقداً كاملاً على خلفية اتهامه بـ”كتم معلومات” في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه في السبعينات.

الانقسام الليبي

لخص الدبلوماسي الليبي السابق، محمد خليفة العكروت، واقع الانقسام الليبي بالقول: “البلاد اليوم تتنازعها أربع فرق: جماعة ديسمبر، وجماعة سبتمبر، وجماعة فبراير الشرق، وجماعة فبراير الغرب”، مشيراً إلى صعوبة الوصول إلى تسوية في ظل هذا الانقسام المعقد. وتعكس هذه التسميات خريطة الانقسام الليبي المعقدة، إذ تمثل “سبتمبر” أنصار النظام السابق، و”فبراير” معسكري الثورة المنقسمين بين الشرق والغرب، بينما تشير “ديسمبر” إلى الداعين لإجراء انتخابات جديدة لتجديد الشرعية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك