تساؤلات تلوح في الأفق حول مصير “خريطة الطريق” الأممية في ليبيا، وذلك في ظل التوترات العسكرية المتصاعدة في العاصمة طرابلس. هذه التطورات تثير مخاوف من تأثيرها السلبي على العملية السياسية برمتها، وعلى رأسها المبادرة الأممية التي طرحتها المبعوثة هانا تيتيه أمام مجلس الأمن في أغسطس الماضي.
تحركات البعثة الأممية
على الرغم من التحشيدات العسكرية في طرابلس، كشف مصدر سياسي مطلع عن بدء البعثة الأممية مفاوضاتها مع الأطراف الليبية المعنية بالأزمة. اللقاءات والاجتماعات التي عقدتها المبعوثة الأممية ونائبتها ستيفاني خوري، تأتي ضمن جهود تحريك عملية تنفيذ الخريطة الأممية.
تعديلات الإطار القانوني
أعلنت تيتيه أمام مجلس الأمن ضرورة إجراء تعديلات على الإطار القانوني للانتخابات العامة، وذلك بالتشاور بين مجلسي النواب و”الأعلى للدولة”. وفي هذا الإطار، عقدت البعثة الأممية لقاء مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وذلك بعد اجتماع سابق لخوري مع رئيس “الأعلى للدولة” محمد تكالة.
مساعي كسر الجمود
في إطار مساعي البعثة الأممية لكسر الجمود السياسي، التقت ستيفاني خوري برئيس الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور مراجع نوح، وممثلين عن قبائل التبو من الجنوب الليبي. كما لم تغب واشنطن عن المشهد التفاوضي، عبر مباحثات مع القائم بالأعمال الأميركي في ليبيا جيريمي برنت.
التحشيد العسكري كورقة تفاوض
يرى سياسيون ليبيون أن التحشيدات العسكرية لتشكيلات مسلحة موالية لحكومة “الوحدة الوطنية” المؤقتة ضد خصومها في ميليشيا “جهاز الردع”، تمثل ورقة تفاوض بيد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، في مسار خريطة الطريق الأممية.
مخاوف من تقويض العملية السياسية
يعتقد منصور الحصادي، عضو المجلس الأعلى للدولة، أن الهدف الأساسي من التحشيد العسكري في طرابلس هو تقويض العملية السياسية، وعلى رأسها الخريطة الأممية. وأضاف عبر حسابه على منصة “إكس” أن المستفيدين من الانقسام والفساد والفوضى يسعون إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه.
دعوة للحوار وتجنب التصعيد
أعربت البعثة الأممية عن قلقها إزاء استمرار حشد القوات والأسلحة الثقيلة حول طرابلس، واصفة ذلك بأنه “تطور خطير”. ودعت جميع الأطراف إلى مواصلة الحوار لحل المسائل الخلافية في أقرب وقت ممكن.
ركائز الخريطة الأممية
تستند “خريطة تيتيه” إلى ثلاث ركائز أساسية، هي: تنفيذ إطار انتخابي سليم بهدف إجراء انتخابات عامة، وتوحيد المؤسسات من خلال “حكومة جديدة موحدة”، وحوار ليبي واسع، وذلك في غضون فترة زمنية تتراوح بين 12 و18 شهراً.
تفاؤل حذر بشأن الخريطة
يبدي المحلل السياسي محمد محفوظ تفاؤلاً بشأن “خريطة الطريق”، مستنداً إلى حديث تيتيه عن آجال زمنية لإنجاز قوانين الانتخابات واستكمال تشكيل المفوضية خلال شهرين. ويرى محفوظ أن تحديد آجال زمنية مفصلة لم يحدث من قبل، حتى في اتفاقي الصخيرات وجنيف.
تحديد آجال زمنية
يفسر محفوظ المهلة التي منحتها تيتيه لمجلسي النواب و”الأعلى للدولة” بأنها فرصة للأطراف الإقليمية والدولية للضغط على وكلائها المحليين. ويستبعد توقف المسار السياسي، معتبراً أنه سيستمر وربما يمضي إلى الأمام، خصوصاً في ملف الحكومة.
تحديات أمنية وسياسية
في المقابل، لم تستبعد الباحثة السياسية بجامعة طرابلس، أمل العلوي، أن يكون مصير هذه الخريطة مماثلاً لمبادرات سابقة لمبعوثين دوليين. وأشارت إلى أن التحديات الأمنية كانت ولا تزال عائقاً أمام أي حل ناجع للأزمة الليبية.
الإجماع الدولي والإقليمي
يرى رئيس حزب “التجديد” الليبي سليمان البيوضي أن مسار خريطة الطريق يتطلب إجماعاً دولياً وإقليمياً للدفع به، وهو ما طلبته تيتيه بوضوح أمام مجلس الأمن. ويؤكد البيوضي على الإجماع المحلي على ضرورة توحيد السلطة التنفيذية والمضي نحو الانتخابات.