back to top
spot_img
الخميس 25 ديسمبر 2025
19.4 C
Cairo

لماذا يتمسك البنتاغون بالبلاك هوك؟ خطة أميركية لإبقائها في قلب المعارك حتى 2050

spot_img

أصدرت وزارة الدفاع الأميركية في 19 ديسمبر 2025، طلبًا للمعلومات (RFI) أثار تساؤلات واسعة في الأوساط العسكرية والصناعية. فبينما كانت الأنظار تتجه إلى الطائرة الجديدة MV-75 ضمن برنامج FLRAA بوصفها مستقبل الطيران العمودي للجيش الأميركي، عاد الاهتمام رسميًا إلى الطائرة المخضرمة UH-60M بلاك هوك، مع خطة لإبقائها قادرة على القتال والعمل بفعالية حتى ما بعد عام 2050. خطوة أعادت طرح سؤال محوري: لماذا الاستمرار في الاستثمار في منصة تعود جذورها إلى حقبة الحرب الباردة رغم وجود بديل أحدث؟

تحوط استراتيجي لا حنين للماضي

مصادر عسكرية تشير إلى أن القرار لا يعكس تمسكًا بالماضي بقدر ما يمثل تحوطًا استراتيجيًا محسوبًا. فرغم المزايا التقنية لـ MV-75 على الورق، يواجه تشغيلها تحديات لوجستية كبيرة، خصوصًا في مسارح عمليات معقدة مثل منطقة الهندو-باسيفيك. ففي سيناريوهات تصعيد محتملة قرب تايوان أو الفلبين، تصبح القدرة على الصيانة والإصلاح في ظروف قاسية عاملًا حاسمًا. هنا، تبرز بلاك هوك كـ“خطة بديلة” موثوقة، في ظل مخاوف من ارتفاع كلفة MV-75 وصعوبة الحفاظ على جاهزيتها عند تعطل سلاسل الإمداد.

التحول الرقمي في صلب القرار

الرهان الأساسي لا يتعلق بهيكل الطائرة بقدر ما يرتبط بالبرمجيات. إذ يركز طلب المعلومات الأخير على اعتماد النهج المعياري المفتوح (MOSA)، الذي يتيح بنية رقمية مرنة تشبه “متجر التطبيقات” للطائرات العمودية. هذه المقاربة تسمح بتحديث المستشعرات وأنظمة الاتصال والحرب الإلكترونية بسرعة وبتكلفة أقل، من دون الحاجة إلى تعديلات جذرية أو الاعتماد على مورد واحد. وبهذا، يمكن لـ UH-60M الحفاظ على فعاليتها العملياتية عبر تحديثات دورية، بدل إعادة تصميم شاملة كل عقد.

البقاء في بيئة تهديدات متقدمة

في ظل الانتشار الواسع لأنظمة الدفاع الجوي المحمولة وقدرات الحرب الإلكترونية، لم تعد السرعة وحدها ضمانة للبقاء. وتقدّر دوائر عسكرية أن بلاك هوك، عند تزويدها بأنظمة مهام متكاملة وأدوات تشويش متقدمة، قد تتمتع بمعدل بقاء أعلى في البيئات الحضرية المكتظة مقارنة بمنصات أكبر وأكثر ضجيجًا. ويعكس هذا التوجه اعتماد الجيش على “الخفاء الرقمي” والتكامل الإلكتروني بدل السعي وراء السرعات القصوى.

من ناقلة جنود إلى مركز قيادة جوي

التحول الأبرز الذي يكشفه طلب المعلومات يتمثل في مفهوم “التأثيرات المُطلَقة” (LE). فبدل اقتصار دور بلاك هوك على نقل الجنود، يجري تصورها كمنصة قيادة تتحكم بأسراب من الطائرات المسيّرة. هذه الأنظمة الذاتية يمكن أن تنفذ مهام الاستطلاع والحرب الإلكترونية وحتى الهجمات، فيما تبقى الطائرة المأهولة على مسافة آمنة، لتؤدي دور “العقل” المُنسّق للعملية.

ضغوط الميزانية وحسابات 2026

مع اقتراب السنة المالية 2026، تزداد الضغوط على الإنفاق الدفاعي الأميركي، خصوصًا في ظل توقعات بتشديد الرقابة على التكاليف. وتشير تقديرات إلى أن استبدال الأسطول بأعداد كبيرة من MV-75 سيكون مكلفًا على نحو يصعب تبريره اقتصاديًا. وفي هذا السياق، يُعد تحديث UH-60M خيارًا أكثر واقعية، يضمن الجاهزية العملياتية عبر دمج التكنولوجيا الحديثة ضمن منصة قائمة.

فخ الاستدامة المالية

تكشف معادلة الاستدامة عن بعد آخر للقرار. ففي مشتريات الدفاع، لا يمثل سعر الشراء سوى نحو 30% من الكلفة الإجمالية، بينما تذهب 70% إلى الصيانة والتشغيل على مدى العقود. وتُقدَّر ساعات الصيانة لكل ساعة طيران في MV-75 بأنها قد تتجاوز ضعف ما تتطلبه بلاك هوك. ومع تشديد الميزانيات، يصبح تحديث المنصة الأقدم ليس مجرد خيار اقتصادي، بل ضرورة لضمان الاستمرارية.

يعكس توجه وزارة الدفاع الأميركية نحو تحديث UH-60M بلاك هوك مزيجًا من الواقعية العملياتية والحسابات المالية، مع رهان واضح على التحول الرقمي والتكامل مع الأنظمة غير المأهولة. وبينما تواصل MV-75 طريقها بوصفها منصة مستقبلية، تؤكد بلاك هوك أن العمر الزمني للطائرة لم يعد المعيار الحاسم، بقدر ما هو قابليتها للتكيف مع متطلبات الحرب الحديثة.

اقرأ أيضا

النشرة الإخبارية

اخترنا لك