تتجه الأنظار في لبنان نحو رد حركة “حماس” على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المقترحة لإنهاء الصراع في غزة، وتأثيراتها المحتملة على الساحة اللبنانية، بالتزامن مع ترقب تقرير الجيش حول حصرية السلاح.
ترقب تقرير الجيش
ينتظر أن يعرض مجلس الوزراء برئاسة العماد جوزيف عون، في جلسته الاثنين المقبل، التقرير الشهري الأول لقيادة الجيش، الذي يتناول المرحلة الأولى من خطة حصرية السلاح بيد الدولة، والممتدة لثلاثة أشهر.
ويقيّم التقرير مدى تجاوب “حزب الله” مع استكمال انتشار الجيش في جنوب الليطاني، بدعم من قوات “اليونيفيل”، فيما يتناول احتواء السلاح ومنع استخدامه في المنطقة.
حوار عون و”حزب الله”
تزامن إعداد التقرير مع استئناف الحوار بين الرئيس عون و”حزب الله”، ممثلاً بالنائب محمد رعد، الذي التقى قائد الجيش رودولف هيكل لتقويم الوضع جنوب الليطاني، واحتواء السلاح في المنطقة وخارجها.
وتركز النقاش على منع حمل السلاح واستخدامه والتنقل به، بالتوازي مع جهود الجيش لضبط المنطقة ومنع استخدامها في إطلاق الصواريخ، كما حدث في السابق.
أجواء إيجابية وتعاون
أبدت مصادر أمنية ارتياحها للأجواء الإيجابية التي سادت لقاء عون ورعد، ولتعاون “حزب الله” مع الجيش في الجنوب، وتجاوبه مع احتواء السلاح في شماله، عبر إخلاء عدد من المواقع المطلة على جنوبه.
إلا أن المصادر أكدت أن إعلانات الحزب المتكررة عن تمسكه بسلاحه واستعادة قدراته العسكرية “تتناقض مع التزامه بحصرية السلاح بيد الدولة”.
تصريحات لاريجاني
استغربت المصادر تصريح أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الذي أكد قدرة الحزب على قلب الموازين، معتبرةً ذلك تدخلاً في الحوار اللبناني الداخلي.
وتساءلت المصادر عما إذا كانت تصريحات لاريجاني تهدف إلى تمرير رسالة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تؤكد قدرة طهران على التحكم بالورقة اللبنانية، كرد على تمديد العقوبات على إيران.
الورقة اللبنانية
أشارت المصادر إلى إصرار إيران، على لسان لاريجاني، على الإمساك بالورقة اللبنانية كساحة لتأكيد حضورها الإقليمي، وعدم استعدادها للتخلي عنها بلا ثمن سياسي، خصوصاً بعد الضربات التي طالت أذرعها في المنطقة.
ورأت المصادر أن “حزب الله” بات محرجاً وغير قادر على الدخول في مواجهة مع إسرائيل، بعد تبني الدولة لخيار الضغط الدبلوماسي عليها للانسحاب من جنوب لبنان.
موافقة على وقف النار
أكدت المصادر أن موافقة الحزب على وقف النار، وامتناعه عن الرد على الخروقات الإسرائيلية، يعني أنه وضع سلاحه على طاولة المفاوضات، ووافق على تمثيله في حكومة الرئيس نواف سلام، التي تبنت حصرية السلاح في بيانها الوزاري.
وتساءلت عن أسباب عدم اعتراف الحزب بالتحولات التي شهدتها المنطقة، وأدخلت لبنان في مرحلة سياسية جديدة.
الضغوط الدولية
ترى المصادر أنه بعد رد “حماس” على خطة ترامب، سترتفع الضغوط الدولية على لبنان، وسيشتد الحصار العسكري المفروض على “حزب الله”، الذي لم يعد له حليف سوى رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ويأتي ذلك في ظل خلاف مع بري حول تحريك الشارع والخروج على التعهد بعدم إضاءة صخرة الروشة في ذكرى اغتيال أمينيه العامين السابقين.
دور بري المحوري
تؤكد المصادر أن بري يسعى لاستيعاب “حزب الله” واحتضانه في هذه المرحلة الصعبة، ما يفسر الرهان الدولي والعربي على دوره في إخراج لبنان من التأزم.
إلا أن المصادر أبدت تخوفها من لجوء إسرائيل لتوسيع حربها ضد الحزب في حال رفضت “حماس” خطة ترامب، مشيرة إلى أن لجنة المراقبة الدولية ستتوقف عند تقرير الجيش في اجتماع بحضور نائبة المبعوث الأمريكي مورغان أورتاغوس.
لا خيار سوى الدولة
ترى المصادر أنه لا مصلحة للحزب بالتشويش على تقرير الجيش، وأنه لا خيار أمامه سوى التموضع تحت سقف الدولة بدلاً من المكابرة والتنكر لواقع الحال، الذي يتعارض مع دعوة الشيخ نعيم قاسم للحوار مع القوى السياسية.
فقد تخلى خصوم الحزب وحلفاؤه السابقون عنه، واختاروا التموضع إلى جانب القوى المؤيدة لحصرية السلاح بيد الدولة.
تجاوب “حماس” والمفاوضات
تعتبر المصادر أن تجاوب “حماس” مع خطة ترامب سينسحب تلقائياً على لبنان بغطاء عربي ودولي، ما يضع الحزب أمام خيار صعب: التموضع تحت جناح الدولة.
ويرى المراقبون أن هذه الخطوة ستقوي موقع الدولة في المفاوضات، وتضع الإدارة الأميركية أمام اختبار مصداقيتها في الضغط على إسرائيل لتحقيق التلازم في الخطوات، وصولاً إلى حصرية السلاح لتطبيق القرار “1701”.
توازن الردع المفقود
يبقى السؤال المطروح: هل يمتثل الحزب لهذا الخيار، سواء وافقت “حماس” على الخطة أم لا، خصوصاً أن قيادته تدرك أن إسنادها لغزة أفقدها توازن الردع، وانتزع منها قواعد الاشتباك التي كانت تتحكم في حربه المفتوحة مع إسرائيل؟
وفي المقابل، يرى البعض ضرورة التواصل مع إيران للتفاوض على سلاح الحزب، باعتبارها المصدر الوحيد له، والتي لا تؤيد تسليمه مجاناً بلا مقابل، أقله تحسين شروطها في حال استئناف مفاوضاتها مع واشنطن.