تواجه بيروت أزمة مياه حادة وغير مسبوقة، تفاقمت بفعل انخفاض قياسي في معدلات الأمطار وجفاف الآبار، بالإضافة إلى تهالك شبكات الإمداد والتوزيع المتهالكة. السكان يعتمدون بشكل متزايد على صهاريج المياه الخاصة لتلبية احتياجاتهم اليومية.
أزمة مياه حادة
ريما السبع، من سكان برج البراجنة، تشير إلى أن المياه التي كانت تصلها مرة كل يومين، أصبحت تأتي مرة كل ثلاثة أيام. العائلة تعتمد على الصهاريج الخاصة لملء خزانات المياه، بتكلفة 5 دولارات للخزان الواحد، لكن المياه المالحة تتسبب في تآكل الأواني، مما يضطرهم لشراء مياه الشرب المعبأة.
التكاليف الإضافية تشكل عبئًا كبيرًا على العائلات ذات الدخل المحدود في ظل الأزمة الاقتصادية وتداعيات الصراع الحدودي. اللبنانيون اعتادوا على نقص المياه، لكن الوضع الحالي يفاقم المعاناة.
تحديات قطاع المياه
وفقًا لوزارة الطاقة، لا يحصل أكثر من 50% من السكان على خدمات المياه العامة بشكل منتظم. التخزين السطحي غير كافٍ، ونصف الإمدادات الحكومية مهدورة بسبب التسربات والسرقات.
تدني نسبة الأمطار فاقم الأزمة. محمد كنج، من مصلحة الأرصاد الجوية، يؤكد أن كمية المتساقطات في شتاء 2024-2025 كانت الأدنى منذ 80 عامًا.
تغير المناخ والأمن المائي
التغير المناخي يزيد من شح المياه. البنك الدولي توقع أن يؤدي تغير المناخ إلى خفض المياه في موسم الجفاف إلى النصف بحلول عام 2040.
تقنين المياه في بيروت
وزير الطاقة والمياه، جوزيف صدي، وصف الوضع بأنه “صعب جدًا”. النقص يتفاوت بين المناطق، وصهاريج المياه تنتشر في شوارع بيروت الكبرى. الحكومة أطلقت حملة لترشيد استهلاك المياه.
في محطة الضبية، ركدت المياه في الأحواض المخصصة للضخ. زهير قزي، رئيس دائرة محطات بيروت الشمالية، يصف الوضع بأنه الأسوأ منذ 33 عامًا من حيث كميات المياه المتوفرة.
إجراءات للحد من الاستهلاك
الخبير التقني في مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، أنطوان الزغبي، أوضح أن تقنين المياه بدأ مبكرًا هذا العام بسبب فقدان 50% من كمية المياه في بعض الينابيع. التقنين بدأ في يونيو ببعض الآبار لتقليل خطر الإفراط في الاستهلاك.
الزغبي شدد على الحاجة إلى مزيد من مرافق التخزين، بما في ذلك السدود. البنك الدولي وافق على قرض بأكثر من 250 مليون دولار لتحسين خدمات المياه في بيروت الكبرى.
أزمة الآبار الخاصة
أبو علي نصر الدين، من سكان الضاحية الجنوبية، يشير إلى حرمانه من مياه الشبكة الحكومية منذ أشهر وارتفاع تكلفة المياه التي توفرها الصهاريج. سعر صهريج المياه من سعة ألفي لتر يصل إلى 20 دولارًا، وهو بالكاد يكفي أسرة لمدة أسبوع.
بلال سلهب، الذي ينقل المياه عبر شاحنته، يؤكد أن وضع المياه متأزم جدًا ويواجه صعوبة في توفير المياه بسبب جفاف الآبار أو ملوحتها.
تدهور البنية التحتية
في بعض المناطق، كانت الآبار بديلاً لشبكة الدولة، لكن الكثير منها أصبح متهالكًا، مما تسبب في تلف الأنابيب وزيادة ملوحة المياه.
نديم فرج الله، من الجامعة اللبنانية الأميركية، يوضح أن البنية التحتية للمياه لم تواكب التوسع العمراني والسكاني في بيروت منذ الحرب الأهلية. ويشير إلى حفر العديد من الآبار بشكل غير قانوني، ما يستنزف الاحتياطي الاستراتيجي للمياه الجوفية. فرج الله يرى أن حملات الترشيد كان يجب أن تبدأ مبكرًا.