لبنان يعيد فتح ملف “السلاح بيد الدولة” بعد عقود من اتفاق الطائف. قرار حكومي جديد يثير جدلاً حول سلاح “حزب الله” وتوازنات إقليمية معقدة.
جرح مؤجل في السياسة اللبنانية
منذ توقيع اتفاق الطائف عام 1989، ظل موضوع السلاح خارج سلطة الدولة يشكل تحديًا مستمرًا في السياسة اللبنانية، يشهد فترات من الصدام والتسويات المؤقتة. اليوم، يعود هذا الملف ليفتح مجددًا بعد قرار الحكومة الأخير بحصر السلاح بيد الدولة.
يعتبر هذا الملف “خط تماس” داخليًا، ويؤثر في التوازنات الإقليمية والدولية. السلاح كان دائمًا عنوانًا للتحولات الأمنية والسياسية في لبنان، من “المقاومة” إلى “الردع” والانقسامات الحادة.
حل الميليشيات واستثناء حزب الله
النائب مروان حمادة يوضح أن اتفاق الطائف جاء في وقت كانت الميليشيات منتشرة. ويشير إلى أن حكومة ما بعد الحرب الأهلية كان عليها حل هذه المجموعات وجمع أسلحتها.
ويكشف عن تشكيل لجنة وزارية تولت هذه المهمة، حيث سلمت حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي أسلحتهما للجيش. بينما باعت القوات اللبنانية أسلحتها الثقيلة إلى كرواتيا بقرار من مجلس الوزراء.
الاستثناء الوحيد كان سلاح حزب الله، الذي أبقته الوصاية السورية بحجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجنوب.
تصفية المقاومة الوطنية
ويشير حمادة إلى أنه في تلك الفترة كانت هناك مقاومة وطنية من أحزاب يسارية وفصائل فلسطينية، بالإضافة إلى أخرى إسلامية تأسست عام 1982.
ويؤكد أن القرار السوري الإيراني قضى بتصفية المقاومة الوطنية والفصائل الأخرى، ليقتصر الأمر على حزب الله.
محطات التحولات الداخلية للسلاح
يستعرض حمادة محطات أثرت على مسار السلاح في لبنان. بدءًا من عدوان 1993 وعدوان 1996، وصولًا إلى تفاهم نيسان الذي سعى لتحييد المدنيين عن العمليات العسكرية.
وبعد انسحاب إسرائيل من الجنوب عام 2000، تجددت المطالبة بانسحاب القوات السورية وحل الميليشيات، لكن دمشق تمسكت بذريعة مزارع شبعا لتبرير استمرار السلاح وتطويره.
القرار 1559 والاغتيالات السياسية
يشير حمادة إلى أن المعارضة المسيحية والدرزية، بالإضافة إلى جزء من الطائفة السنية بقيادة رفيق الحريري، طالبت بإنهاء الوصاية السورية ونزع سلاح حزب الله.
ويضيف أن هذه المطالب أدت إلى اغتيالات متسلسلة، بدأت بمحاولة اغتياله في تشرين الأول 2004، ثم اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعد صدور القرار 1559.
أحداث 7 أيار واتفاق الدوحة
ويصف حمادة أزمة شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله بأنها كانت الشرارة التي أشعلت أحداث 7 مايو 2008.
ويوضح أن المواجهات انتهت باتفاق الدوحة الذي أرسى تنازلات أضرت بروح الطائف وأنتج رئيسًا للجمهورية هو ميشال سليمان، الذي تبنى خطة لحل الميليشيات لاحقًا.
حرب تموز وعلاقة السلاح بإيران
ويشير حمادة إلى أن حزب الله نفذ عملية عبر الحدود أدت إلى حرب مدمرة استهدفت البنى التحتية.
ويرى أن دول الخليج قامت بترميم الدمار، لكن السلاح بقي مرتبطًا بالمحور الإيراني.
الطائف لم يستثنِ أي سلاح
النائب بطرس حرب يؤكد أن اتفاق الطائف نص بوضوح على حل جميع الميليشيات وتسليم أسلحتها للدولة، دون استثناءات.
ويرى أن ما جرى لاحقًا كان نتيجة لوصاية دمشق التي عطلت التنفيذ وحمت وجود ميليشيات مسلحة، وعلى رأسها حزب الله.
تنفيذ اتفاق الطائف وحماية الميليشيات
ويضيف حرب أن سوريا وضعت يدها على لبنان وفرضت واقعًا سياسيًا وأمنيًا لم ينص عليه الطائف.
ويشدد على أنه حتى في المراحل التي تذرع فيها البعض بالاحتلال الإسرائيلي للجنوب، لم يرد في نص الطائف أي بند يستثني سلاح فصيل أو جهة تحت هذه الحجة.
السلاح الفلسطيني ونفوذ إقليمي
ويرى حمادة أن السلاح الفلسطيني تحول بدوره إلى جزء من شبكة النفوذ الإقليمي.
وبعد أن كان بمعظمه تحت قيادة منظمة التحرير، دخل النفوذ السوري ثم الإيراني، وانضم إليه السلاح المتشدد، ليتحول إلى مزيج من السلاح الفلسطيني والسوري والإيراني.
الاندماج في الدولة أو التوجيهات الخارجية
وحول القرار الحكومي الأخير، يرى حرب أن لبنان أمام خيارين: إما أن يقرر حزب الله الاندماج في الدولة ويتحول إلى حزب سياسي، وإما أن يبقى خاضعًا للتوجيهات الخارجية.