نصيحة أقدمها لكل أبنائي من الحاصلين على الثانوية العامة هذا العام، خاصة أصحاب المجاميع العالية، الذين سيقعون تحت ضغط اختيار الكلية التي سيلتحقون بها، سواء من جانب الأهل الذين يريدون لأبنائهم كليات بعينها قد لا تكون ضمن ميول أو رغبة الطالب ذاته، وقد يستجيب الطالب لرغبات الأهل من أجل إرضائهم وتحقيق آمالهم في الالتحاق بكلية بعينها، مع أن هذا الطالب لا يرغب في هذه الكلية أو الدراسة بها. وتكون النتيجة بعد ذلك كارثية، وقد يرسب هذا الطالب في هذه الكلية أو يتعثر في كل سنواتها، ولو حدث وتخرج منها، فلن يمارس التخصص الذي درسه بإتقان، وسيظل يجني نتيجة تلبيته لرغبة الأهل التي لم تكن على هواه طوال عمره.
وقد يقع بعض الطلاب تحت التأثير النفسي للمجموع العالي الذي حصل عليه بعضهم، ويفكر العديد منهم في الالتحاق دون رغبتهم بكليات معينة استخسارًا للمجموع الذي حصل عليه الطالب، ويقرر أن يلتحق بهذه الكلية لمجرد وجود ثقافة مجتمعية تضع هذه الكلية عند الكثيرين ضمن الكليات المتميزة التي لها وجاهة اجتماعية في المجتمع. وفي هذه الحالة، قد يواجه الطالب صعوبة في استكمال الدراسة بهذه الكلية التي التحق بها دون رغبته، استخسارًا للمجموع، لأنه في الحقيقة كان يفضل كلية أخرى غير التي التحق بها تحت هذه الضغوط، سواء كانت من الأهل أو استخسارًا للمجموع.
أقول هذا لجميع أبنائي الطلاب، خاصة أصحاب المجاميع العالية، وهم طلاب المرحلة الأولى، وأناشدهم بأن يختاروا الكلية التي تتفق وميولهم ورغباتهم في المقام الأول. فإذا كان يرغب أحدهم في الالتحاق بأي من الكليات التي يُطلق عليها البعض “كليات القمة”، فأهلًا وسهلًا وعلى بركة الله، ما دام بداخله رغبة حقيقية في دراستها، وسيكون متفوقًا فيها بإذن الله. أما إذا طلب الأهل من أي من أبنائي الطلاب الالتحاق بكلية بعينها من كليات القمة هذه دون رغبته، فلا تستجب، واختر الكلية التي ترغبها من كليات القمة أيضًا.
فلو كنت ترغب بشدة – مثلًا – في دراسة العلاج الطبيعي، وطلب منك الأهل ضرورة الالتحاق بكلية الطب البشري بحجة أن مجموعك كبير في الثانوية العامة، أو لأنهم يريدون أن يكون ابنهم طبيبًا يتباهون به أمام الجميع، فلا تطعهما، وحقق حلمك في الالتحاق بالكلية التي ترغبها.
ولو كنت من أوائل الجمهورية، وكنت في الأصل ترغب في دراسة طب الأسنان، لكن المجموع العالي الذي حصلت عليه يؤهلك للالتحاق بكلية الطب البشري، وأنت بداخلك لا ترغب دراسته، فانصحك باتخاذ القرار السليم بالالتحاق بالكلية التي ترغبها بشدة، دون أن تلتحق بكلية أخرى قد يكون الحد الأدنى للقبول بها أعلى من الكلية التي التحقت بها. ولا يجعلك الشعور باستخسار المجموع أن تلتحق بكلية لا ترغبها، لأنك ستواجه صعوبة شديدة في الدراسة بها، ونحن نريد لك النجاح بامتياز، سواء في الكلية التي التحقت بها برغبتك، وأن تتميز أيضًا في المجتمع بعد تخرجك من هذه الكلية.
وأدعو للجميع بالتوفيق.